عبّرت بعض المنظمات النقابية المعتمدة في قطاع التربية الوطنية، عن تفاؤلها، باستجابة الوزارة الوصية للمقترحات المرفوعة إليها بخصوص بعض ما سجّلته من اختلالات في القانون الأساسي والنظام التعويضي، وثمّنت في الوقت ذاته انتهاج أسلوب الحوار من أجل إيجاد أرضية توافقية.
عقد وزير التربية الوطنية محمد صغير سعداوي، منذ بداية الشهر الجاري، عدة اجتماعات دورية مع نقابات التربية لاستقبال مقترحات تعديل القانون الأساسي ومراجعة النقاط التي تضمن استقرار القطاع، مؤكّدا حرصه على تحسين الوضعية الاجتماعية والمهنية للعاملين في القطاع.
بدورها، ثمّنت نقابات التربية الوطنية في لقاءاتها مع وزير التربية الوطنية، إقرار فتح باب الحوار كآلية لسد الاختلالات، واعتبرته خطوة هامة لمناقشة مقترحات تعديل القانون الأساسي، وأشارت المنظمات النقابية التي تحدثت إليها “الشّعب”، إلى أنّ القانون الحالي قد خلق في التداعيات التي قد تؤثّر سلبا على الأسرة التربوية، مؤكّدين على أهمية إعادة النظر في هذه المسائل لتحسين الوضعية المهنية للعاملين في القطاع.
النقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين”ستاف”، الممثلة في الأمين العام بوعلام عمورة، ثمّنت فتح باب الحوار حول مقترحات تعديل القانون الأساسي والنظام التعويضي، وأكدّت “النقائص التي يشهدها القانون الأساسي والنظام التعويضي سيتم حله من خلال مقترحات التعديل التي قدمت للوزارة الوصية”.
وكان من بين مطالب النقابة إعادة النظر في تصنيف الأسلاك التربوية بما يتناسب مع المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتق كل رتبة، وتوحيد التصنيف بين الأسلاك في الأطوار الثلاثة وتوحيد سنوات التكوين في المدارس العليا، كما شدّدت على ضرورة استرجاع المكتسبات المتعلّقة بالتسميات السابقة لرتب الترقية للأستاذ الرئيسي والمكوّن، وتثمين الشهادات والخبرة المهنية لجميع الأسلاك والرتب.
ودعت أيضا إلى إعادة النظر في النظام التأديبي وإلغاء المادتين 58 و59 مع التأكيد على أهمية إنصاف أسلاك المصالح الاقتصادية وتثمين دورهم في المؤسسات التربوية، وأكّدت على ضرورة تحسين العلاوات والتعويضات، واستحداث منح جديدة، وتطبيق المخلفات المالية الناتجة عن الترقيات بأثر رجعي ابتداء من 01 جانفي 2024.
وأكّدت النقابة، على ضرورة إدماج العمال المهنيّين والأسلاك المشتركة ضمن القانون الخاص لأسلاك التربية، وتعميم منصب ناظر ومشرف تربية في الابتدائي لضمان تطبيق القانون الأساسي الجديد.
بصيص أمل
من جانبه الأمين العام للنقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الابتدائي حميدات محمد قال، أنّ القانون الأساسي والنظام التعويضي جاء بنقائص على مستوى الكثير من الفئات، إلاّ أنّ اجتماع النقابات مع الوزير سيعالج هذه الاختلالات القابلة للتعديل.
وأضاف المتحدث، أنه وبعد تشكيل لجنة برئاسة رئيس الديوان لدراسة الاختلالات، تأمل “النقابات خيرا في وضع بعض النقائص حيّز المتابعة وانتهاج أسلوب الحوار”، علما أنّ الوزير الحالي فتح أبواب الوزارة وقنوات الحوار للنقابات، والمطلوب فقط مرافقة اللجنة المنشأة لهذا الغرض ومتابعة تقارير النقابات فى هذا الشأن.
وأكّدت النقابة، أنّ الحلول البناءة هي الطريق الأفضل لتجاوز التحديات الحالية، مشيرة إلى أنّ الحوار السبيل الأمثل لتحقيق تطلّعات جميع العاملين في القطاع، كما شدّدت على أنّ الجزائر تسع الجميع، وأنّ التعاون المشترك بين الأطراف المعنية هو ما يُسهم في تحسين الوضعية الاجتماعية والمهنية للعاملين في سلك التربية.
آلية أساسية
من جانبه، أكّد الخبير التربوي كمال نواري، أنّ وزير التربية الوطنية، محمد صغير سعداوي، أشار في عدة مناسبات منذ توليه المنصب إلى عدة نقاط هامة تتعلّق بإدارة القطاع وتحقيق التنمية في مجال التربية، وذلك تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، التي شدّدت في بداية عهدته الثانية على أنّ الحوار هو آلية أساسية لتسيير القطاعات.
وقال الخبير” الوزير جدّد قناعته الراسخة بأنّ الحوار مع الشركاء الاجتماعيّين والعمل التشاركي يعد السبيل الأنسب لتطوير القطاع، وأكّد أنّ هذا النوع من التعاون يساهم في الوصول إلى تصور سليم لتحسين التسيير”.
وأشار إلى أنّ الوظيفة الأساسية للقطاع تكمن في تربية وتعليم الجيل الناشئ الذي سيحمل مستقبل البلاد في مختلف القطاعات، ولفت إلى أنّ القانون قد زوّد وزارة التربية الوطنية بالأدوات اللازمة لتحمل مسؤولية التسيير، التخطيط، التنفيذ والمتابعة لتحقيق هذا الهدف السامي”.
وأضاف في ذات الشأن: “الوزير شدّد على أهمية عقد جلسات منتظمة مع الشريك الاجتماعي، مؤكّدا أنّ الاستماع إلى آراء واقتراحات الأطراف الأخرى يُسهم في تحسين الأداء وتطوير العمل داخل القطاع، وأعلن عن برنامج دوري للتواصل مع النقابات وجمعيات أولياء التلاميذ لضمان التنسيق المستمر حول القضايا الاجتماعية لمستخدمي القطاع وضمان تمدرس لائق للتلاميذ”.
وفيما يتعلّق بالقانون الأساسي والنظام التعويضي، أوضح المختص في التربية، أنه تم مناقشة هذا الملف مع النقابات من خلال 35 جلسة عمل، وتم عرضه في لقاء رسمي.
وأضاف أنّ الوزارة قد أصدرت عدة بيانات توضح موقفها بعد صدور المرسوم في الجريدة الرّسمية، مشيرا إلى أنّ استخدام بعض التلاميذ للضغط على الوزارة كان له تأثير، ولكن الوزارة أكّدت في الوقت ذاته على دور الأسرة التربوية في ضمان الاستقرار داخل المؤسّسات التعليمية، وعلى الأدوار الإيجابية التي قام بها العاملون في القطاع لضمان عودة التلاميذ إلى أقسامهم.
وأوضح نواري، أنّ الوزارة قدّمت توضيحات وافية في هذا الشأن ودعت النقابات إلى تقديم مقترحاتهم وتصوراتهم بشأن القانون الأساسي والنظام التعويضي، وفيما يخص حق الاستفادة من ثلاث سنوات قبل سن التقاعد، تم التأكيد على هذا الحق من طرف رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء.
كما أشار إلى أنّ الوزارة لم تتأخّر في تنفيذ المرسومين المتعلقين بالقانون الأساسي والنظام التعويضي، حيث بدأت بالفعل في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيقها، سواء فيما يتعلّق بالإدماج أو الترقية أو استلام الزيادات، وعلى هذا الأساس تم تشكيل لجنة خاصة تحت إشراف رئيس الديوان لتلقي اقتراحات النقابات حول القانونين، حيث تم وضع جدول زمني لمعالجة هذه المقترحات.
وفي هذا السياق، صرح الخبير التربوي، أنّ الوزارة أكّدت على أهمية الدور الذي تلعبه النقابات في القطاع، مشيرة إلى مسؤوليتها في حماية حقوق جميع موظفي القطاع، بما في ذلك الأسلاك المشتركة والعمال المهنيّين، كما أكّدت أنّ التعاون المستمر بين الوزارة والنقابات هو الأساس، لتحقيق الأهداف المرجوة. وبناء على ذلك، فإنّ فتح باب الحوار بين وزير التربية الوطنية والنقابات خطوة هامة نحو تحسين الوضعية الاجتماعية والمهنية للعاملين في القطاع التربوي، حيث أنّ تفعيل هذا الحوار يعد آلية أساسية لتطوير القطاع وضمان استقراره.