تدعمت ولاية وهران بمنشأة هامة تمكنها من تحقيق قفزة نوعية في مجال توفير المياه الصالحة للشرب، حيث يتعلق الأمر بمصنع تحلية مياه البحر بالرأس الأبيض (كاب بلان).
يندرج هذا المشروع الطموح في إطار رؤية استراتيجية للتنمية المستدامة وإدارة الموارد المائية، لا سيما أمام تحديات توفير هذه المادة الحيوية بشكل تام ومتوازن عبر ربوع الوطن، على غرار المناطق الساحلية.
وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد قام في 28 يونيو 2022 بوضع حجر الأساس لهذا المشروع الهام، الذي يتمتع بقدرة إنتاجية تبلغ 300 ألف متر مكعب يوميًا، ويُعد ثمرة استثمار ضخم، يهدف إلى تأمين التموين بالمياه الصالحة للشرب بوهران والمناطق المجاورة لها.
تحسين التزويد بالمياه
وفي هذا الشأن، ذكر مدير التوزيع بشركة المياه والتطهير لوهران (سيور)، هواري خوجة، أن تشغيل هذا المصنع، الذي سيساهم في تأمين التزويد بالمياه الصالحة للشرب بكامل ولاية وهران، سيكون له تأثير إيجابي على الولايات المجاورة، مثل عين تموشنت، معسكر، وسيدي بلعباس.
وأكد في هذا الصدد أن المنطقة الغربية لولاية وهران، التي كانت تعتمد سابقًا في تموينها على مصنع “شاطئ الهلال” بعين تموشنت، ستشهد تحسنًا كبيرًا في عملية التموين بهذه المادة الحيوية، مع دخول مصنع رأس الأبيض حيز الخدمة.
وأشار السيد خوجة إلى أن إنتاج مصنع شاطئ الهلال سيكون مخصصًا فقط لعين تموشنت وجزء من ولاية سيدي بلعباس، بعد الانتهاء من إنجاز قناة تربط هذا المصنع بتلك المنطقة.
وينتظر أن تستفيد دائرتا عين الترك وبوتليليس (وهران) من هذا المكسب الجديد. ومع رفع طاقة المصنع الجديد إلى 300,000 متر مكعب يوميًا في الأسابيع القادمة، ستتوسع الاستفادة لبلديات وأقطاب حضرية غرب وهران، منها القطب الحضري “أحمد زبانة” ببلدية مسرغين، وعدة أحياء على غرار حي “اللوز”، حي “الصخرة”، وبلدة “الحاسي”.
كما سيتوسع التموين تدريجيًا ليشمل عدة أحياء بالجهة الشرقية لوهران، مثل حي “الصباح” وحي “الياسمين”.
وسيعزز تشغيل مصنع رأس الأبيض أيضًا التزويد بالمياه الصالحة للشرب في الجزء الشرقي من ولاية وهران، وكذلك ولاية معسكر، التي يتم تموينها حاليًا عبر مصنع تحلية مياه البحر “المقطع” (شرق وهران)، حيث أوضح السيد خوجة أن ولاية معسكر ستتمكن من الحصول على ما يصل إلى 130,000 متر مكعب يوميًا من هذا المصنع.
حل للتحديات المائية
عانت منطقة وهران من نقص حاد في المياه، نتيجة لانخفاض مستويات المياه الجوفية والجفاف المتواصل، مما جعل تحلية مياه البحر حلًا مستدامًا لمشكل شح المياه.
وكان رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، قد أطلق مشاريع إنجاز خمسة مصانع لتحلية المياه في كل من وهران، بجاية، الطارف، بومرداس، وتيبازة، وذلك في إطار خطة التنمية للفترة 2022-2024، حيث ستبلغ القدرة الإجمالية لهذه المصانع نحو 1.5 مليون متر مكعب يوميًا.
وبعد تشغيل هذه المنشآت، ستصل القدرة الإجمالية لإنتاج المياه المحلاة في الجزائر إلى 3.7 مليون متر مكعب يوميًا، ما يغطي نسبة 42% من احتياجات البلاد للمياه الصالحة للشرب، بينما ستتم تغطية النسبة المتبقية من الحاجيات عبر مختلف الموارد الأخرى.
وبفضل هذه المشاريع الجديدة، ستكون الجزائر في مقدمة الدول الإفريقية، كما ستحتل المرتبة الثانية في العالم العربي، بعد المملكة العربية السعودية، من حيث قدرات وإمكانيات تحلية المياه.
مشاريع بسواعد جزائرية
الجدير بالذكر أنه تم بناء مصانع التحلية الخمسة بالكامل بكفاءات جزائرية، حيث تشرف الشركة الجزائرية للطاقة، فرع مجمع سوناطراك، على هذا المشروع المنجز من طرف الشركة الوطنية للأشغال البترولية الكبرى والشركة الوطنية للهندسة المدنية والبناء، وهما فرعان لمجمع سوناطراك.
وكان الرئيس المدير العام لسوناطراك، رشيد حشيشي، قد أكد خلال زيارة إلى موقع مصنع الرأس الأبيض أن مجمعه أصبح المسؤول الأول عن تصميم وتنفيذ وإدارة هذه المصانع، وفقًا للاستراتيجية التي رسم معالمها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وهو ما يعزز استعداد سوناطراك لتصدير خبرتها إلى الخارج.
ويُعد مصنع تحلية مياه البحر بالرأس الأبيض والمصانع الأخرى خطوة هامة في تسيير الموارد المائية بالجزائر، حيث تقدم حلًا مستدامًا لأزمة المياه في المنطقة. كما يعكس هذا المشروع التزام الجزائر بالتنمية المستدامة والتسيير المسؤول للموارد الطبيعية.