أسدى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لدى ترأّسه اجتماعا لمجلس الوزراء، أول أمس، تعليمات بضرورة تسريع وتيرة الربط الرقمي لمعطيات الجباية الوطنية بقاعدة البيانات الرّقمية الوطنية، لتسهيل مهام المستثمرين وتحقيق الشفافية في التحصيل والمتابعة والتصحيح الجبائي، والقضاء على أي شكل من أشكال التدخل البشري والتحول إلى مسار إلكتروني كلي.
تتّجه الجزائر اليوم، بخطى ثابت ومدروسة، نحو تجسيد مشروع التحول الرّقمي بالتعاون والتنسيق بين كل القطاعات الوزارية والهيئات العمومية، إنطلاقا من تجسيد القواعد الأساسية التي يرسى عليها هذا المسار من بنى تحتية تكنولوجية وأطر تنظيمية وقانونية، ما يعزّز تحسين الاستثمار بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديّين، الذين سيتفيدون من التحول الرّقمي الضامن للمرونة والشفافية.
وتم إطلاق، مشاريع ضخمة من قبل المحافظة السامية للرقمنة، والتي تمثل الركائز الأساسية لتجسيد التحول الرقمي، بدءا بتصميم وإعداد الاستراتيجية الوطنية للتحول الرّقمي برؤية “جزائر رقمية 2030”، التي تمت المصادقة عليها في أوت 2024، باعتبارها أول مرجعية وطنية تنظم وتؤطّر مسار التحول الرقمي في الجزائر، وفق مقاربة تشاركية شاملة مع جميع القطاعات الوزارية والفاعلين الإقتصاديّين في مجال الرّقمنة، ما جعل الجزائر تمتلك اليوم، ولأول مرة في تاريخيها، استراتيجية وطنية للتحولِ الرقمي.
وقد تم وضع المخطّط الوطني لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي على المدى القصير 2025 – 2026، بالتعاون مع كل القطاعات الوزارية والهيئات العمومية في 21 و22 جانفي 2025، حيث تضمّن هذا المخطط – حسب احصائيات المحافظة السامية للرقمنة – أكثر من 500 مشروع رقمي، 77% منها مسجّل ضمن تحقيق أهداف المحور “الحوكمة الرقمية” و13% مسجل ضمن تحقيق أهداف محور البنية التحتية القاعدية.
وبالتوافق مع أهداف هذه الإستراتيجية المرتبطة بالبنية التحتية الأساسية، سيتم تجسيد شبكات إتصال عالية الجودة متمثلة في تحسين الولوج الكامل بنسبة 100% كهدف إستراتيجي، يرمي إلى ضمان ربط جيّد وكلي بالأنترنت.
كما استثمرت الدولة في إنجاز البنية التحتية لشبكة الربط السيادية، التي تعتبر بيئة حصرية مخصّصة لربط القطاعات فيما بينها مع المركز الوطني الجزائري للخدمات الرّقمية، بطريقة مؤمنة، تسمح بتنقل وتداول ومشاركة المعلومات القطاعية بعيدا تماما عن شبكة الأنترنت، ما يعزّز الإستقلال التكنولوجي والسيادة الرقمية.
نهاية التهرّب الضريبي..
وقد عكفت وزارة المالية من خلال هياكلها المختصة، على تحسين كفاءة الإدارة الجبائية من خلال تنظيم العديد من الدورات التدريبية لتطوير الكفاءات في مجال الضرائب، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لإستخدام التقنيات الحديثة وتبسيط الإجراءات الجبائية وتوحيدها، ممّا ساهم في تسهيل التعامل مع الإدارة الجبائية. كما تم اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة التهرّب الضريبي، من طرف المصالح القطاعية المعنية، كتبادل المعلومات مع الإدارات الضريبية للدول الأخرى وتطبيق عقوبات رادعة وتفعيل آليات المراقبة والتدقيق لضمان احترام القوانين واللوائح الجبائية، التي تنصب جميعها ضمن مسعى مكافحة الفساد في الإدارة الجبائية. وتسهيلا لعملية الولوج إلى الخدمات التي تقدّمها المديرية العامة للضرائب، فقد قامت هذه الأخيرة باستحداث، بوابة الترقيم الجبائي الإلكترونية، هدفها تسهيل عملية الحصول على رقم التعريف الجبائي للأفراد والشركات، وتمكين المستثمرين من إنجاز معاملاتهم الجبائية عبر الانترنت.
“جبايتك” نظام معلوماتي متكامل
وفي إطار تطوير باقة خدماتها الرّقمية، أطلقت المديرية العامة للضرائب، المنصة الرقمية “جبايتك”، كنظام معلوماتي متكامل، يهدف إلى رقمنة الإجراءات الجبائية وتسهيلها على المستثمرين والمؤسسات، من خلال مجموعة واسعة من الخدمات الإلكترونية التي تغطي مختلف جوانب الضرائب، بدءا من التصريح بالضرائب، وصولا إلى دفعها وتتبع الملفات. وتعمل إدارة الضرائب على نشره وتعميمه عبر التراب الوطني، على مستوى مراكز الضرائب والمراكز الجوارية للضرائب وفقا لوتيرة استلام الهياكل الجديدة.
وتتلخص جملة الخدمات التي يقدمها النظام المعلوماتي “جبايتك” في التمكين للمكلفين بالضريبة من تقديم تصريحاتهم الضريبية -السنوية أو الدورية- إلكترونيا، ممّا يوفّر الوقت والجهد ويقلّل من احتمالية الأخطاء، ودفع مختلف أنواع الضرائب والرسوم إلكترونيا، باستخدام بطاقات الدفع الإلكتروني أو عن طريق التحويل البنكي. كما يوفّر النظام خدمة تتبع الملفات المقدمة من قبل المكلفين بالضريبة، ممّا يمكنهم من معرفة مراحل معالجة ملفاتهم والإطلاع على الإجراءات الجبائية والنصوص التنظيمية المتعلّقة بالضرائب.
من جهة أخرى، قامت المديرية العامة للضرائب بتطوير منصة رقمية حديثة، متمثلة في بوابة “مساهمتك”، لتسهيل عملية التصريح ودفع الضرائب عن بعد. حيث تعتبر هذه البوابة إضافة نوعية للخدمات الإلكترونية التي تقدمها المديرية، حيث تتيح للمستثمرين والشركات إنجاز معاملاتهم الضريبية عبر الإنترنت. وذلك باستخدام بطاقات الدفع الإلكتروني عن بعد عبر البطاقة الذهبية لبريد الجزائر أو بطاقة الدفع ما بين البنوك، ويمكن للمستخدمين من خلال “مساهمتك” تتبع حالة تصريحاتهم المقدمة، والاطلاع على أي مستجدات تطرأ عليها.