يشنّ نظام المخزن في المغرب، منذ أكثر من عشر سنوات على الأقل، حرب مخدرات قذرة ضد الجزائر، من خلال إغراقها بأطنان السموم، ويدل على ذلك الكميات الضخمة التي تتصدى لها بشكل دوري مفارز الجيش الوطني الشعبي ومختلف الأجهزة الأمنية المعنية بمكافحة المخدرات، وزادت الأمور حدة عندما قنّـنت زراعة المخدرات هناك، ليستعملها فيما بعد ضد كل من يخالف طرحه إزاء القضية الصحراوية، وما محاولة إغراق إسبانيا ودول الساحل إلا دليل آخر على قذارة تلك الحرب.
تحول المغرب خلال سنوات قليلة، إلى بلد موبوء بإنتاج المخدرات بعد تقنين زراعتها، تحت إشراف النظام الملكي، حيث يعتبر كبار المسؤولين في الدولة أكبر مالكي الأراضي المزروعة ويقفون وراء عمليات تهريب القنب الهندي إلى دول الجوار، خاصة الجزائر وإسبانيا ودول الساحل الأفريقي، باعتبارها مصدر إثراء غير مشروع، وأداة حرب ضد من يقف مع الشعب الصحراوي وقضيته العادلة.
وكانت وزارة الدفاع الوطني، أعلنت أن وحدات الجيش الوطني الشعبي، أوقفت 2621 تاجر مخدرات وأحبطت محاولات إدخال 36,8 طنا من المخدرات «عبر الحدود المغرب» في العام 2024.
وكانت الجزائر، صنفت تجارة المخدرات تهديدا لأمنها الوطني، منذ 2013، بعد حرب المخدرات التي شنها نظام المخزن في المغرب ضدها: وكشف الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان، حينها; أنه تم ضبط حوالي 78 طنا من راتنج القنب خلال الشهور الستة الأولى من عام 2013، مقابل 71 طنا خلال نفس الفترة في العام 2012.
وكان سبب حرب المخدرات هذه بداية، هو رفض الجزائر إعادة فتح الحدود وتمسكها بموقفها القانوني من قضية الصحراء الغربية.
وبناءً على هذه المستجدات، تم إسناد مهمة مكافحة تهريب المخدرات والجريمة المنظمة، باعتبارهما نشاطين إرهابيين، إلى قوات الجيش الشعبي الوطني (بعد أن كانت المهمة من اختصاص قوات الدرك الوطني والأمن الوطني «الشرطة»)، نظرا لما يتوفر عليه من عدة وعتاد، خاصة بعد رفع تعداد قواته وانتشارهم على طول الحدود القطرية، واستغلال المخابرات في الإطاحة ببارونات وشبكات التهريب. وكشفت الكميات المحجوزة منذ ذلك الوقت، عن تحول الجزائر من مجرد منطقة عبور للمخدرات القادمة من المغرب ومن دول الساحل، إلى منطقة استهلاك، بحسب الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان عليها.
أول منتج عالمي
وفي السياق، كشف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في تقرير له أن المغرب هو المصدر رقم واحد لراتنج القنب في العالم، أكثر المخدرات انتشارا في منطقة الساحل. وأشار التقرير أيضا، إلى أن الاتجار بالمخدرات في المنطقة عرف في السنوات الأخيرة ارتفاعا حادا، بسبب زيادة كبيرة في الإنتاج، إذ تضاعفت رخص الزراعة خمس مرات لتصل إلى 3000 رخصة، فيما تضاعفت المساحات المزروعة تسع مرات، ما جعل المغرب يتربع على عرش منتجي ومصدري القنب الهندي عالميا.
تحالف المخزن وجماعات الجريمة المنظمة
وأشار التقرير إلى أن تجار المخدرات من المغرب، يعتمدون على جماعات الجريمة المنظمة، في نشر المخدرات في منطقة الساحل. كما تشير البيانات الواردة من بلدان الساحل، إلى أن «راتنج القنب الذي يتم الاتجار به في المنطقة يأتي عموما من المغرب، حيث تم الإبلاغ عن زيادة في الإنتاج، الذي بلغ حوالي 901 طن في عام 2022». كما جاء في التقرير ذاته، أن هذا المخدر «موجه عموما إلى بلدان غرب وشمال أوروبا».
ويشير المكتب إلى أنه «بالإضافة إلى الطريق المباشر بين إسبانيا والمغرب، يتم نقل راتنج القنب بشكل أساسي عن طريق البر من المغرب إلى موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد».
وكشف المكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن «عمليات الضبط والاعتقال والاحتجاز الأخيرة في بلدان المنطقة سلطت الضوء على الطريقة التي يتم بها تسهيل الاتجار بالمخدرات من قبل مجموعة واسعة من الأفراد، مثل السياسيين وأفراد قوات الدفاع والأمن وأعضاء السلطة القضائية، خاصة عندما يتحايلون على الضوابط ويتجنبون الاعتقال والإجراءات القانونية»، كما أنهم يرتبطون بشبكات تهريب المخدرات العالمية، وأبعد من ذلك كشفت تحقيقات، في قضية «إسكوبار الصحراء» التي تعود خيوطها إلى 2015، وأسفرت عن تهريب 65 طنا من مختلف أنواع المخدرات، انطلاقا من المغرب، بما فيها القنب الهندي ومخدرات صلبة قادمة عبر الأطلسي. كما كشفت التحقيقات أن مسؤولين مغاربة وسياسيين تربطهم علاقات بأكبر مهربي المخدرات في منطقة الساحل، والذين استقروا في المغرب، نظرا لتوفر الظروف الملائمة ليزاولوا جرائمهم بأريحية وبحماية المخزن نفسه.
تورط البحرية المغربية
وكانت صحيفة «الإسبانيول» الإسبانية قد كشفت في مارس 2024، عن فضيحة جديدة تتعلق بتهريب المخدرات بين شبه الجزيرة الإيبيرية والمغرب، متهمة البحرية الملكية المغربية بالتواطؤ في ذلك، من خلال مشاركة زوارق دورياتها في عملية إدخال المخدرات إلى إسبانيا.
وفي فيفري الماضي، كشف المعهد العسكري الإسباني عن اكتشاف نفق سري يربط جيب سبتة والمغرب، ويبلغ طوله عشرات الأمتار ويمتد على عمق 12 مترا تحت الأرض. وقالت قوات الحرس المدني الإسبانية، إن الاكتشاف جاء ضمن حملة أمنية تستهدف عصابات إجرامية متورطة في تهريب المخدرات إلى إسبانيا باستخدام الشاحنات. وأضاف المصدر، أن البنية التحتية سمحت بنقل كميات كبيرة من المخدرات من المغرب إلى سبتة، حيث تم تحميلها على شاحنات لتجاوز الضوابط الأمنية في الميناء وإرسالها إلى شبه الجزيرة، عمومًا عبر السفن المتجهة إلى الجزيرة الخضراء.