قدم المجاهد والدبلوماسي، محمد مقراني، شهادة حية عن مراحل مفاوضات ايفيان، قبل اعلان وقف القتال، في ندوة تاريخية بعنوان ” على خطى الإنتصار وفاء لمسيرة الأحرار”، نظمها متحف المجاهد بالرغاية، بالتنسيق مع البلدية، بمناسبة الذكرى ال63 لعيد النصر 19 مارس 1962، اليوم الثلاثاء بمركز التكوين المهني والتمهين الشهيد معمر سحلي، ذكور بالرغاية.
أوضح محمد مقراني، ان اتفاقيات ايفيان لم تأت صدفة، فمن 1954 إلى 1958، كانت هناك حرب إبادة للجزائريين، من تنكيل، وتعذيب، وقتل بالنابلم، المحتشدات، السجون، حيث استقدمت فرنسا الاستعمارية ارمادة من المعدات العسكرية والجنود للقضاء على ثورة التحرير، لكن بفضل عزيمة الرجال وشجاعتهم تمكنوا من دحض هذا العدو.
وأشار المجاهد، إلى أن تاريخ الثورة الجزائرية واسع وذي شجون، ومن لديهم الحقيقة التاريخية توفوا، ولم يبق الا القلة من المجاهدين.
واضاف عضو المالغ، انه بعد سقوط الجمهورية الرابعة وتعويضها بالجمهورية الخامسة بقيادة شارل ديغول، هذا الأخير اتبع ثلاث مراحل لمخاطبة الجزائريين اولها اختيار مدينة جزائرية وتقديم وعود بتحسين الظروف المعيشية للجزائريين، وكان يطلق عليهم اسم الأهالي، حيث دامت زيارة ديغول، المكوكية سنة ونصف السنة، ثم استبدل سياسته بمشروع قسنطينة، المتضمن بناء مساكن، وتحسين ظروف الأهالي، وفي المرحلة الثالثة ألقى ديغول، خطابه المشهور “لقد فهمتكم”.
أشار المجاهد، إلى أن الإتصالات بين جبهة التحرير الوطني والسلطات الفرنسية كانت في البداية بوساطة يوغسلافية بقيادة تياز ديفريتيش، مسلم من البوسنة، الذي يبلغ التفاصيل الى الماريشال تيتو، فالفرنسيين يتصلون بسفير يوغسلافيا بباريس، هذا الاخير يبلغ ديفريتيش، ثم ممثلي الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بالقاهرة، حيث كان يمثل الوفد الجزائري سعد دحلب، ومحمد الصديق بن يحيي، وكان اللقاء الأول يشوبه الإشمئزاز، واملاءات الطرف الفرنسي. وبعد أشهر وقع اتصال ثاني مع نفس القنوات في مولان، بحضور أحمد بومتجل، محمد الصديق بن يحيي، وجهاز الشفرة التابع لمصالح المالغ، بقيادة رشيد حقيقي، كي يكون الاتصال مشفرا.
في هذا السياق، أبرز محمد مقراني، الدور الكبير والهام الذي لعبه جهاز الشفرة في نجاح مفاوضات ايفيان، حيث سهلوا العملية على الوفد الجزائري للدفاع بتقديم كل الوثائق الضرورية للتفاوض، كما أثنى على دور وذكاء سعد دحلب، وحنكته الدبلوماسية، وأشار إلى أن الفرنسيين وجدوا انفسهم أمام رجال مثقفين أكثر منهم، يتمتعتون بالبراعة والذكاء في المطالب، و التفاوض، وليس أمام من كانوا يتهمونهم بأنهم خارجون عن القانون وفلاقة.
وأكد المجاهد، انه لا وجود لإتفاقيات سرية في مفاوضات ايفيان، كما يروج له البعض، بحكم انه كان شاهدا على المراسلات التي كانت تصل هواري بومدين.
وتحدث مقراني، عن ليلة اعلان وقف القتال، وتحضيرات جمع الأجهزة والسير بها نحو الحدود الشرقية، بمكان يسمى الماء الأحمر، ليدخل فيما بعد إلى الجزائر مع علي منجلي، القايد أحمد، المدعو الرائد سليمان، بومدين، بعد معاناة. وقال ان الجنود الجزائريين على الحدود الشرقية والغربية، لم يكن لهم الوقت للإحتفال بيوم النصر، لأنهم كانوا منهمكين في التحضير لبناء الجزائر، التي دمرها الاستعمار، اضافة الى آلامهم عن الشهداء.
وتوجه المحاضر، إلى شباب اليوم بالحفاظ على أمانة الشهداء، الذين كانوا ذوي نخوة وشهامة، والسير على قيم ومبادئ اول نوفمبر 1954.وقال “نحن أدينا الواجب من أجل استرجاع السيادة الوطنية، وانتم الخلف “.
وفي رد عن الحملات الإستعدائية لليمين المتطرف، اليوم على الجزائر، قال المجاهد، انه لا يمكن الوصول لعزيمة الجزائريين، المستمدة من نضال اجدادهم المشرف خلال الثورة، ومعاناة الجزائريين من الاحتلال 132 سنة، كما أن علماء الجزائر متواجدين عبر اوروبا وفي امريكا، واليابان، وجنوب افريقيا، ويمكن لها بناء أمتنا.
وأشار مقراني، إلى أن الفرنسي يهاب مهما عظمت قوته، الجزائر ، والجزائر دائما منتصرة ودعا إلى اليقظة والحذر من التهديدات الإقليمية.
يوم تاريخي خلده تضحيات الجزائريين
واعتبر مدير متحف المجاهد بالرغاية، طارق مقراني، 19مارس 1962، الذي اصطلح عليه بيوم النصر، محطة تاريخية عظيمة في نضال الجزائريين من أجل استرجاع السيادة الوطنية بعد سنوات من ثورة التحرير، أجبرت الإستعمار الغاشم على التفاوض مع جبهة التحرير الوطني.
وقال إن يوم النصر، يذكرنا بالمسيرة الشريفة لأبطال الثورة الأشاوس، وتوجه إلى تلاميذ مركز التكوين المهني والتمهين بالرغاية، بدعوتهم لحمل أمانة الشهداء على عاتقهم باعتبارهم جيل المستقبل.
واضاف مدير متحف المجاهد بالرغاية، ان ذكرى وقف اطلاق النار درس في الشجاعة والتضحية وحب الوطن، وانه من واجب شباب اليوم المحافظة على هذا الإرث بالعلم والعمل الجاد.
وقالت مديرة مركز التكوين المهني والتمهين، بن عباس نفعية، ان الذكرى ال63 لوقف إطلاق النار، يوم تاريخي ووطني خلده تضحيات الشعب الجزائري رمز للنصر والتخلص من الإستعمار البغيض، وهي استذكار بنضال أولئك الرجال والنساء، التي يجب غرسها في نفوس الأجيال، من اجل الحفاظ على أمانة الشهداء.
واضافت أن الجهاد الأكبر ومعركة البناء والتشييد مستمرة، وأن الجزائر بحاجة لكل أبنائها المخلصين.