يشهد المغرب تفشيا غير مسبوق للفساد في مختلف القطاعات، في ظل تواطؤ حكومي وعجز عن مكافحته، حيث تحولت مؤسسات الدولة إلى بؤر للنهب والمحسوبية، مما يفاقم معاناة المواطنين في حياتهم اليومية، بينما تتسع الفجوة بين الطبقة الحاكمة المترفة والأغلبية المسحوقة، دون بوادر إصلاح حقيقي، حسب ما أكدته أحزاب سياسية.
وفي ظل هذا الواقع المتأزم، قال حزب التقدم والاشتراكية في بيان لمكتبه السياسي، اليوم الاربعاء، أن “البطالة تتفاقم ويواصل الغلاء خنق المواطنين، بينما تتغاضى السلطة عن معاناة الشعب وتنشغل بحماية شبكات الفساد التي تنخر الاقتصاد الوطني”.
وفي السياق، أكد الحزب على أن “الصفقات المشبوهة تمرر دون حسيب أو رقيب، وتتحول المشاريع العمومية إلى مطامع شخصية تراكم ثروات قلة نافذة على حساب مصلحة البلاد، مما يزيد من حالة الاحتقان الاجتماعي ويفاقم الشعور بالظلم وانعدام العدالة”.
و أمام هذا الانهيار، يضيف الحزب، “لا تملك الحكومة سوى أدوات القمع لإخماد الأصوات الحرة التي تفضح فسادها وتطالب بالتغيير، إذ تستهدف الصحفيين والمعارضين وكل من يجرؤ على كشف الحقائق، محاولة إسكات أي صوت يفضح منظومة النهب، غير مدركة أن سياسات الترهيب لا تزيد الأوضاع إلا سوءا، و أن إخماد الغضب الشعبي بالقوة ليس سوى تأجيلا مؤقتا لانفجار محتوم”.
و تابع قائلا : “إن استمرار هذا النهج لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور، فالإصلاح الحقيقي لن يتحقق في ظل منظومة تحتقر إرادة الشعب وتحارب كل دعوة للمحاسبة، بل يتطلب إرادة سياسية حقيقية لكسر دوامة الفساد وإرساء دولة القانون، حيث يخضع الجميع للمساءلة دون استثناء، وحينها فقط يمكن الحديث عن مستقبل يحفظ كرامة المواطنين ويعيد للبلاد توازنها المفقود”.
ولفت ذات الحزب إلى أن المظاهر السلبية والممارسات الفاسدة والقصور والفشل الحكومي في معالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يستدعي من كافة القوى الديمقراطية والتقدمية والسياسية والنقابية والجمعوية والمدنية والحقوقية، “العمل على توحيد الصف وتشكيل جبهة سياسية و اجتماعية واسعة، تساهم في صياغة وتجسيد بديل سياسي ديمقراطي تقدمي تلتف حوله كل إرادات الإصلاح والتغيير وفئات واسعة من الشعب المغربي”.
وكانت البرلمانية فاطمة الزهراء التامني عن “فيدرالية اليسار الديمقراطي” قد أكدت مؤخرا أن تفشي الفساد في المغرب “أدى إلى تكريس سياسة الإفلات من العقاب وتعطيل عمل المؤسسات وتقويض ثقة المواطنين في الدولة، بل وأصبح يهدد استقرار النظام السياسي والاجتماعي”.
وشددت التامني على ضرورة تبني “مقاربة جماعية قائمة على إرادة سياسية حقيقية وآليات رقابية فعالة وتشريعات قانونية صارمة”، بالنظر الى الوضع الحالي الذي يتسم بالتراجعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد.
وترى البرلمانية المغربية أن هذه الآفة هي “معركة حقيقية ضد إضعاف المجتمع المدني واستغلال المواطنين لصالح مجموعات اقتصادية نافذة”، مؤكدة أن التصدي لها “يتطلب إرادة سياسية قوية وتعاونا بين مختلف القوى الديمقراطية ومجتمعا مدنيا يقظا و إعلاما حرا قادرا على كشف الانتهاكات”.
كما هاجم حزب “فيدرالية اليسار الديمقراطي” الحكومة بسبب فشلها الذريع في معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، حيث اتهمها بالانشغال بتأمين مصالحها بدل البحث عن حلول للغلاء المستفحل والبطالة المتزايدة.