يرى باحثون في التاريخ أن الوقت حان لطرح مقترح قانون تجريم الاستعمار، الذي ظل حبيس الأدراج في السنوات الماضية، لأسباب عديدة، منها أن الجزائر ذات سيادة ولها تاريخ مشرف وثورة من أعظم ثورات العالم، ولا يمكن لأي دولة إنكار تضحيات الجزائريين منذ 1830، والأدلة الدامغة على جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر موجودة في الأرشيف، والدليل على ذلك ظهور مؤخرا حقائق من الأرشيف تثبت استخدام الجيش الفرنسي أسلحة كيميائية ضد الجزائريين.
في السياق، يقول المؤرخ عمار بلخوجة، في تصريح لـ”الشعب”، إن اقتراح قانون تجريم الإستعمار من طرف المنتخبين، كان منذ سنوات، لكنه للأسف بقي حبيس الأدراج. ويرى أنه من الضروري اليوم في ظل الحملات الإستعدائية لليمين الفرنسي المتطرف على الجزائر، أن يقوم البرلمانيون بدعم تفعيل هذا القانون، الذي يفضح عار فرنسا في الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية، وأن تمارس الدولة الجزائرية سيادتها في هذه المسألة.
ويضيف محدثنا، انه ينبغي على المؤرخ والجامعي، تدعيم كتابة التاريخ، بدراسات جديدة، وتكوين مؤرخين يواصلون الكتابة التاريخية، وكشف الحقيقة لأنها الوسيلة الوحيدة، التي لا يمكن طمسها وتبقى دليلا على جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر وأرشيفا للأجيال للاطلاع على الحقيقة التاريخية، وعلى ما قامت به فرنسا الاستعمارية المجرمة في بلادنا ضد شعب أعزل، سلبت أرضه وشردته وقتلته بدعوى نشر الحضارة.
ويشير بلخوجة، إلى أن هناك خطاب سياسي عنصري لليمين المتطرف الفرنسي يستهدف الجزائر، لأنه لم يستفيق بعد من الاحتلال الفرنسي منذ 1830، ويدرك أن الجزائر اليوم مستقلة، تتمتع بسيادتها على كامل ترابها الوطني. وقال إن هذا اليمين المتطرف يحاول إخفاء الحقيقة التاريخية ويصور الاستعمار على انه إيجابي، متسترا على جرائمه في الجزائر من تعذيب وقتل، وتهجير واستعمال المواد الكيميائية لقتل الجزائريين.
وأضاف المتحدث، أنه قام بدراسات حول جرائم الاستعمار الفرنسي بإلقاء غازات سامة وكيميائية في المغارات، التي يلجأ إليها الجزائريون هروبا من قصف الطائرات الفرنسية، ودراسة أخرى حول القنابل الكيميائية، التي استخدمها الاحتلال الإسباني للقضاء على ثورة الريف، التي كان يقودها عبد الكريم الخطابي.
وقال الباحث، إلى أن المسؤولين الفرنسيين وضعوا قوانين تمنع المؤرخ الجزائري من ولوج الأرشيف العسكري، عندما يتعلق الأمر بمعلومات خطيرة عن جرائمها باستعمال الأسلحة الكيميائية وغيرها من الأسلحة المحظورة دوليا.
فرنسا مجرمة حرب بامتياز
من جانبه، البروفيسور مزيان سعيدي، يقول إن فرنسا مجرمة حرب بامتياز، وان مقترح تجريم الاستعمار هو حق مشروع للجزائريين، ولا يمكن للعالم ان ينكر بأن الشعب الجزائري ضحى من أجل تحرير بلاده، وهناك الأدلة الدامغة والقرائن، التي تثبت جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر منذ 1830.
ويضيف سعيدي، إن تجريم الاستعمار مسألة دولة، يجب أن ننظر إليها من الجانب التاريخي، وأن قانون تمجيد الاستعمار هو كفر استعماري، وليس عقدة استعمارية، لأن فرنسا تريد أن تكفر بسيادة الدولة الجزائرية، وتحاول بسط الكفالة الحضارية على بلادنا.. وفي هذا الصدد، ثمن جهود رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في الدفاع عن مصالح الجزائر وذاكرتنا الجماعية، وأكد أن مكمن فخر الجزائريين هو هذا التاريخ، الذي يمتد إلى أكثر من 23 قرنا، ومقاومة الجزائري عبر التاريخ.
ويتابع البروفيسور مزيان، أن الثورة الجزائرية من أعظم ثورات القرن العشرين، وأن الدراسات التاريخية تؤكد ان الجزائر هي البلد الوحيد، الذي انتزع استقلاله انتزاعا. وقال: «ثورتنا ميزها بيان تاريخي وهو أول نوفمبر الذي كتب له الخلود إلى يومنا هذا وقد دستره رئيس الجمهورية في دستور 2020، لأنه يمثل مرجعية الثورة الجزائرية ومرجعيات الدولة الجزائرية المستقلة، هو دعوة للسلام وليس بيان حرب، علما أن البيان كتب قبل إطلاق الرصاصة الأولى يوم 27 أكتوبر 1954».