كثّفت السلطات العمومية في السنوات الأخيرة جهودها لتحسين مستوى معيشة الجزائريين، من خلال تعزيز السياسة الاجتماعية وتلبية الطلب المتزايد بفعالية. ونظرًا للأهمية البالغة لقطاع السكن في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، واصلت الدولة تنفيذ استراتيجيات شاملة تهدف إلى تلبية الاحتياجات السكنية المتزايدة، وذلك عبر مقاربة متكاملة ترتكز على حلول مبتكرة ومستدامة.
وفي هذا السياق، اتخذت الدولة عدة إجراءات، من بينها إنشاء أقطاب حضرية جديدة في الشمال والجنوب بشكل مستعجل، بهدف تخفيف الضغط عن المدن الكبرى وتحقيق توزيع متوازن للسكان. وقد ساهمت مؤسسات البناء من القطاعين العام والخاص في تنفيذ هذه المشاريع، بالاعتماد على أحدث التقنيات والابتكارات في مجال البناء، بما يضمن بيئة عمرانية متناسقة تجمع بين الرفاهية والفخامة مع ضمان التناسق الحضري.
ملف: زهراء بن دحمان وسعاد بوعبوش وحبيبة غريب
29 مليار دينار لتجسيد برنامج المدن والمدن الجديدة
تشهد الجزائر في السنوات الأخيرة، تحوّلات عمرانية كبرى تهدف إلى تحديث بنيتها التحتية وتنظيم نموّها السكاني المتزايد، حيث برزت مشاريع الأقطاب الحضرية أو “مدن الضواحي” كأحد الحلول الاستراتيجية لفك الخناق على المدن الكبرى، وتحقيق تنمية إقليمية متوازنة، إذ تهدف هذه المشاريع إلى إنشاء مدن ذكية ومجمعات سكنية وتجارية حديثة، مجهزة بمرافق حيوية، مما يساهم في تخفيف الضغط عن المدن الكبرى مثل الجزائر العاصمة ووهران وقسنطينة.
اعتمدت وزارة السكن والعمران والمدينة، في إطار تنفيذ الميزانية القطاعية لسنة 2025، خارطة طريق بمقاربة جديدة تهدف الى التجسيد الأمثل للبرنامج السكني المسطر، ترتكز على نظرة استشرافية ورؤية مستقبلية ترمي إلى تحقيق تخطيط حضري منسجم ومستدام مع مراعاة الطابع المعماري لكل منطقة لتجسيد لا سيما التزام رئيس الجمهورية بتشييد مليوني سكن مع ما يصاحبها من مرافق وتجهيزات عمومية وشبكات مختلفة.
ووقف وزير السكن مؤخرا، على مدى تقدّم الدراسات والمصادقة على مختلف مخططات الأقطاب الحضرية التي سيتم انشاؤها والمقدرة بـ 47 قطبا حضريا على المستوى الوطني، منها الأقطاب الحضرية الجديدة بولايات جيجل، تيبازة، البليدة والجزائر.
ووضعت وزارة السكن، أسسا فعلية لتجسيد هذا المسعى، وذلك من خلال إجراءات استباقية تتمثل أساسا في تعبئة الأوعية العقارية التي ستحتضن البرامج السكنية والتجهيزات المقرّر إنجازها والتي تشمل إنشاء أقطاب حضرية، موزعة عبر 27 ولاية بالإضافة إلى توسعة الأقطاب الحضرية الموجودة لأجل الاستفادة من الاستثمار العمومي الذي قام به القطاع خلال السنوات الفارطة في مجال الربط بمختلف الشبكات.
ومكّنت مراجعة أدوات التعمير من المخططات التوجيهية للتهيئة والتعمير وكذا مخططات شغل الأراضي على مستوى جميع ولايات الوطن، من توفير أكثر من 63 ألف هكتار من أجل خلق نسيج عمراني منسجم، متكامل ومستدام.
ومن أجل تعبئة أفضل للعقار، تم وضع حيز النشاط وتفعيل الوكالة الوطنية للعقار الحضري المنبثقة من النظام الجديد للاستثمار في مجال تعبئة العقار سواء لإنجاز السكنات أو المرافق العمومية المختلفة أو مشاريع الترقية العقارية التجارية، وكذلك الوكالة الوطنية لإنجاز الاستثمارات في مجال التجهيز للتكفل بكل المشاريع الكبرى والمهيكلة المسجلة باسم القطاع وضمان خدمات الصيانة للمشاريع المسلمة للهيئات المستخدمة، الأمر الذي سيدعم قدرات القطاع للتحكم الأمثل في وتوفير وتسيير الأوعية العقارية والمشاريع الكبرى.
مجمعات سكنية خارج النطاق التقليدي
ويتضمن برنامج مليوني وحدة سكنية جديدة، إنجاز أقطاب حضرية وذلك في ضواحي المدن الكبرى، وقد سخّرت الدولة في إطار قانون المالية للسنة الجارية، مبلغ 28.9 مليار دينار كرخص التزام، و29 مليار دينار كاعتمادات دفع، لتجسيد برنامج المدن والمدن الجديدة، في حين رصد غلاف مالي يقدر بـ 38.2 مليار كرخص التزام و56.2 مليار دج كاعتمادات دفع لتنفيذ برنامج التهيئة والتعمير.
وإلى جانب توفير الأوعية العقارية التي ستحتضن هذه البرامج على مدى الخمس سنوات المقبلة، وتحديد آجال انطلاق وإنجاز هذا البرنامج، سيتم التكفل بأشغال الطرقات والشبكات المختلفة للبرامج السكنية بمختلف صيغها، وكذا التكفل بالمرافق العمومية، خاصة على مستوى الأحياء السكنية الجديدة بصفة عامة والأحياء السكنية المدمجة أو الأقطاب الحضرية خصوصا، لا سيما ما تعلق بمرافق التربية والتعليم، الصحة الجوارية والأمن.
إضافة إلى ذلك سيتم استكمال إنجاز تهيئة المدن الجديدة، على غرار مدينة سيدي عبد الله، وبوينان، بوغزول، المنيعة، علي منجلي، وعين النحاس، ذراع الريش، والمدينة الجديدة حاسي مسعود، وعلى سبيل المثال لا الحصر سمحت أشغال تهيئة مختلف الشبكات للتوسعة الجنوبية لمدينة علي منجلي السنة الماضية طبقا لمخططات شغل الأراضي 13و 14 بتوطين 10 آلاف وحدة سكنية والتجهيزات المرافقة لها، حيث تم رصد غلاف مالي بـ 4.4 مليار دينار جزائري، إضافة إلى تهيئة الفضاءات بمدينة شيحاني بشير عين المحاس سابقا بغلاف مالي 500 مليون دينار، وتوطين 6 آلاف وحدة سكنية والتجهيزات المرافقة لها بمدينة مصطفى بن عودة ذراع الريش بغلاف مالي يقارب 3 مليار دينار جزائري، في حين يتم استكمال عمليات إعادة تهيئة الأنسجة الحضرية على مستوى مدينة سيدي عبد الله بالعاصمة في الشطر الثاني بغلاف مالي يقدر بـ 443 مليون دينار جزائري.
وتعد هذه الأقطاب الحضرية مجمعات عمرانية جديدة تم إنشاؤها خارج النطاق التقليدي للمدن الكبرى بهدف تحقيق توزيع متوازن للسكان والأنشطة الاقتصادية، واعتمدت هذه المشاريع على التخطيط العمراني الحديث، بتوفير بنية تحتية متكاملة تشمل السكن، النقل، المرافق الصحية والتعليمية، والمساحات الخضراء، بالإضافة إلى المناطق الصناعية والتجارية.
وتسعى السلطات العمومية من خلال هذه المشاريع إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، من بينها تخفيف الضغط السكاني والعمراني عن المدن الكبرى من خلال إنشاء مراكز سكنية جديدة تستوعب الأعداد المتزايدة من السكان، تحقيق تنمية متوازنة بين مختلف مناطق البلاد، والحد من التفاوت الجهوي بين المدن الساحلية والمناطق الداخلية والصحراوية، وكذا تعزيز الاقتصاد المحلي عبر توفير فضاءات جديدة للاستثمار والصناعة والخدمات، تحسين جودة الحياة من خلال توفير مساكن عصرية ومرافق حديثة تضمن مستوى معيشي جيد للمواطنين، تقليل المشاكل البيئية والمرورية التي تعاني منها المدن الكبرى.
لضمان نجاح مشاريع الأقطاب الحضرية وتحقيق أهدافها، تبنت الدولة استراتيجيات فعّالة، مثل تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتسريع تنفيذ المشاريع، تحسين التخطيط الحضري لضمان تنمية مستدامة ومتوازنة، تعزيز النقل والمواصلات لتسهيل الوصول إلى هذه الأقطاب وربطها بالمدن الكبرى، وتشجيع الاستثمارات في الأقطاب الحضرية من خلال تقديم حوافز ضريبية للمستثمرين. الاهتمام بالجوانب البيئية من خلال استخدام تقنيات البناء المستدامة وتعزيز الطاقة المتجدّدة.
ويرى خبراء أن مشاريع الأقطاب الحضرية في الجزائر تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق تنمية عمرانية متوازنة ومستدامة، فالاستثمار الجيد في هذه المشاريع يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين جودة الحياة للمواطنين، وتقليل الفوارق بين مختلف مناطق البلاد، وهو ما دفع إلى اعتماد رؤية جديدة في تنفيذ المشاريع السكنية لضمان نجاحها وتحقيق أهدافها على المدى الطويل.
“الشعب” تسلّط الضوء على التطوير العقاري بالجزائر
عرف نشاط الترقية العقارية بالجزائر تطورا ملحوظا، بفضل انتعاش البرامج السكنية التي سطرتها الدولة لصالح الجزائريين، وهو ما واكبه المرقيين العقاريين الذين تحولوا إلى مطورين عقاريين، بفضل اجتهادهم في التحكم في آخر تقنيات البناء والهندسة المعمارية والتكنولوجيا المتدخلة في انجاز اللواحق، مستفيدين من جملة التسهيلات للقيام بمشاريع الترقية العقارية، ومجموعة متنوّعة من التحفيزات المالية المقدّمة لهم من طرف الدولة، بهدف تشجيعهم على الدخول بقوّة في الاستثمار المندرج ضمن نشاطات الترقية العقارية، ما سمح لهم بالمساهمة في فتح ورشات كبيرة في قطاع السكن والتي سيكون لها دون شك الأثر الايجابي على المواطن التواق للعيش برفاهية وإنعاش هذا القطاع.
يلعب التطوير العقاري دورا حاسما في تشكيل المناظر الطبيعية الحضرية، وتوفير المساكن والمساحات التجارية، والمساهمة في النمو الاقتصادي، وذلك من خلال عملية شاملة لتطوير مشاريع عقارية جديدة تهدف إلى تحسين النماذج العقارية القائمة وتحقيق عوائد مالية، حيث كشف الميدان عن تحسن مستوى المطورين العقاريين ونضج أفكارهم بعد أن فهموا أساسيات تطوير العقارات، ما سمح لهم باستكشاف مجالات جديدة مثل إعادة البناء والتجديد وتطوير المشاريع واسعة النطاق استجابة لطموحات الجزائريين في امتلاك سكنات تجمع بين الرفاهية والفخامة مع ضمان التناسق الحضري، وهو ما وقفت عليه “الشعب” من خلال العديد من الوكالات العقارية التي اتخذت من التطوير شعارا لنشاطها.
وتعدّ مجموعة أحمد سلطان شركة تطوير عقاري بخبرة طويلة في النشاط العقاري من خلال انجاز جملة من المشاريع والبناءات آخرها بولاية الجزائر، حيث لديها عدة مشاريع بالناحية الشرقية ببرج الكيفان وبرج البحري وما جاورها، وفي الناحية الغربية لديها مشروع قيد الإنجاز بالدرارية، وعلى مدى شهرين سيتم الإعلان عن مشاريع أخرى بكل من الشراقة وبئر خادم وما جاورها.
وبحسب سعاد العيدي مسؤولة القسم التجاري بمجموعة أحمد سلطان، فإن وكالتهم العقارية تواكب تطور مشاريع قطاع السكن والبناء، بما في ذلك توجيهات رئيس الجمهورية في هذا الخصوص في إطار الجزائر الخضراء والجزائر الزرقاء، وما يتعلق بإعادة الاعتبار لواجهة المباني بعاصمة البلاد، فهم أيضا يعملون على التكيف مع المعطيات الجديدة، حيث سيسعون الى مواكبة هذه التعليمة حتى تحمل البنايات المنجزة هذه الجمالية المطلوبة سيما على طول الساحل من خلال إضفاء اللمسة المطلوبة ومواكبة العصرنة التي يطمح الزبون إليها.
وأشارت المتحدّثة إلى أن شركتهم العقارية ملتزمة بالتميز والجودة والحرص على رضا العملاء ما يجعلهم لاعبا رئيسيا في سوق العقارات، حيث قاموا بتطوير خبرة قوية في تصميم وبناء وإدارة مشاريع عقارية مختلفة، بدءا من المساكن الفاخرة إلى المجمعات التجارية المبتكرة، معتمدين في ذلك على قيم أساسية تتمثل في الشفافية، الموثوقية والاحترافية، والعمل بشكل وثيق مع عملائهم لفهم احتياجاتهم وتطلعاتهم، من أجل خلق مساحات تتجاوز توقعاتهم.
تحكم في تقنيات البناء الجديدة
وأوضحت مسؤولة القسم التجاري بمجموعة أحمد سلطان، أن خبرتهم وتحكمهم في تقنيات البناء الجديدة والحلول التكنولوجية المبتكرة، مكّنهم من احترام الآجال وإكمال العديد من المشاريع العقارية في آجالها المحدّدة، كل منها يتميّز بهندسة معمارية فريدة، وعدد متنوّع من الوحدات ومواقع استراتيجية وبميزات استثنائية، ما من شأنه المساهمة في الدفع بعجلة الاستثمار في العقار خاصّة بالمناطق الساحلية.
وأشارت المتحدّثة أن التزامهم تجاه عملائهم يدفعهم إلى تلبية احتياجاتهم ومعاييرهم الأكثر تحديدا، مع إيلاء اهتمام دقيق لأدّق التفاصيل التي من شأنها أن تعطي سكنا استثنائيا لأصحابه وتوفر تناغما مثاليا بين الأمن والرفاهية تحت شعار”الأناقة والراحة في قلب موقع استثنائي”، ومن ذلك المنازل الذكية التي تمنح لأصحابها القدرة على التحكم فيها عن طريق “كود” رقمي من خلال الهاتف النقال كالحرارة، التكييف والإضاءة وهذا في إطار مواكبة العصرنة وضمان الرفاهية الشاملة.
وبحسب العيدي هم متمسّكون بتطوير نشاطهم من خلال الاحتكاك بخبرات الآخرين، من خلال المشاركة في عدّة صالونات وندوات مهنية دولية، ما يسمح لهم بالاطلاع على آخر مستجدات النشاط العقاري والحلول المبتكرة في مجال الهندسة المعمارية، من أجل تحقيق نمو حضري مستدام يمزج بين العصرنة والحداثة والهوية الجزائرية بشكل يضمن ادخال المعايير التقنية التي يجب توفرها من بينها ضمان النوعية أثناء الانجاز، الصيانة، التنظيف.
وأشارت رئيسة القسم التجاري إلى ذهابهم لأكثر من انجاز اقامات سكنية أو عمارات والتكيّف مع طبيعة الموقع، حيث في العادة يتم اختيار موقع استراتيجي حيوي وعملي يكون على مقربة من الطرق الرئيسية وقريب من جميع المرافق الضرورية كالبنية التحتية للمدارس والخدمات العامة والمحلات التجارية والمتنزهات الترفيهية، وفي حال تعذّر ذلك يتم انجاز المرافق الحيوية على غرار المحلات التجارية والمتنزهات، والمساحات الخضراء، ما يضمن أرياحية تامة للزبائن.
الوظيفية والجمالية
من جهتها تطمح الشركة العقارية “بي. أم لوكس” الحديثة النشأة، إلى دفع عجلة الاستثمار في العقار سيما بالمناطق الساحلية الممتدة على طول السواحل البحرية التي تستقطب الجالية بما فيهم السياح الأجانب، لهذا فهم استثمروا هذه المرّة في انجاز شقق راقية بموقع استراتيجي، على بعد 15 دقيقة من البحر وبأسعار معقولة بولاية عين تموشنت والذي سيكون جاهزا في ديسمبر 2026.
وبحسب عبد الرزاق بن مقران مسؤول التسويق للشركة العقارية “بي. أم لوكس”، تم اختيار ولاية عين تموشنت لجاذبيتها السياحية خلال فصلي الصيف والربيع، حيث يتميز مشروعهم الاستثماري بتوفره على التناغم المثالي بين الوظيفة والجمالية للشقق الفاخرة التي تجمع بين الفخامة، الراحة والحداثة، وتجهيزها بمجموعة عصرية من الأجهزة الكهرو منزلية سيما بالنسبة للمطبخ، ومصاعد عصرية، ناهيك عن انجاز المراكز التجارية وقاعات اللعب والترفيه، وكل هذا بأسعار معقولة مع قابلية التعامل مع البنك وتسديد الأقساط على مدى 4 سنوات.
وأكد المتحدّث أن مشروعهم الاستثماري روعي فيه جانب الجمالية والوظيفية بشكل يجمع بين هوية النمط العمراني الخاص بالولاية والحداثة أيضا، ويضمن رضى الزبون الذي يمثل محور أي مشروع استثماري الذي له صلاحية إعطاء الكلمة الأخيرة له من خلال مقاسمة الرؤى والأفكار معه وحتى إمكانية ادخال تعديلاته على التصميم المقترح.
بدورها تسعى شركة “شي علي” للعقار الناشئة التي تنتمي لمجمع “شي علي” بسيدي بلعباس، والتي تنجز حاليا مشروع سكني بقومبيطة بوهران ومشروع آخر ببلدية الدار البيضاء بالجزائر العاصمة بمحاذاة ديوان الأحوال الجوية، لتكون بنفس مستوى الشركات المتواجدة بالخارج من أجل تلبية طموحات زبائنها من خلال انجاز منازل ذكية، خاصة وأن المجمع له عدة شركات فرعية تنشط في مجال البناء ولواحقه، ما يسمح بتوريد احتياجات شركة “شي علي” للعقار.
وبحسب المتحدث يضم مجمع “شي علي” لسيدي بلعباس عدة شركات فرعية منها شركة “نوافذ” مختصة في النجارة، “بي في سي” والأبواب، والنوافذ وأخرى لصناعة رغوة العزل، فرع مختص في صناعة الصنابير، وكذا شركة “غلوبال باكت” المختصة في السلك الغذائي، وأخرى مختصة في انتاج أنابيب “ب آش دي”، وشركة “شي علي” للخدمات التي تنشط في مجال الهيدروليك.
وأوضح محمد نسيم باتسي ممثل شركة “شي علي” للعقار أن الاستثمار في المنازل الذكية هو استجابة لرغبة الزبائن الباحثين عن الرفاهية والفخامة العالية، والتي تتيح لأصحابها بالتحكم فيها عن بعد ومعرفة وضعية منزله وحالة الأبواب إذا ما كانت مغلقة، وكذلك الأمر بالنسبة للحرارة والإضاءة، ناهيك عن تقديم خدمات أخرى، قاعة الرياضة، مسبحين واحد مخصص للرجال وآخر مخصص للنساء، قاعة صغيرة للحفلات، مساحة لركن السيارات وغسلها، ومذبح لعيد الأضحى.
كما تعمل شركة “شي علي” للعقار على ضمان خدمات أساسية للزبون من خلال انجاز محلات تجاريه تكون موجهة للكراء موجهة لتوفير الاحتياجات اليومية التي يحتاجها السكان من مخبزة، صيدلية، وحتى محلات لكراء السيارات.. وغيرها، وهذا لاستقطاب أكبر عدد من الزبائن وإلهامهم بما فيهم المقيمين في الخارج.
وأشار المتحدث أن الشركة هي من تسير ملكية الإقامات التي تنجزها، لهذا فهي تسعى باعتبارها مطور عقاري أن تكون متكيّفة مع طلبات الزبائن، ومن ذلك توفير نظام أليكسا، كاشفا عن اعتماد تطبيق عبر الهاتف يمكن الزبون من اختيار الأثاث المناسب لشقته في حال تعذر الحصول عليه تتولى الشركة شرائه، حيث يتمتع الزبون بحرية الاختيار.
وبحسب ممثل شركة “شي علي” للعقار، كان لا بد من التوجه نحو تطوير الخدمات المقدمة ومواكبة التطورات الحاصلة، نظرا لتغير ذوق الجزائريين وتعطشهم للرفاهية والفخامة، والذي أصبح هو من يفرض شروطه رغم تقديم شقق كاملة ومجهزة بمطابخ عصرية جاهزية وأحدث الأجهزة الكهرومنزلية من غسالة وغسالة الأواني وموقد وغيرها من الأمور الضرورية.
وأوضح باتسي، أن هذا التطور لم يعد مقتصرا فقط على ذوق الزبون، بل حتى المرقيين العقاريين كما تم التطرق سابقا، بحيث أصبحوا مطورين يطمحون لإحداث قفزة في تصاميم الهندسة المعمارية بالجزائر التي يطغى عليها الطابع العثماني من دون المساس على هوية النمط العمراني الجزائري، خاصة مع التشوّه البصري المنتشر ببعض الأماكن من خلال احتلال مكعبات من الاسمنت تفتقد لأي روح معمارية وسط أحياء لها ميزة خاصة.
وأشار المتحدث أن المطورين العقاريين بالجزائر أضحوا يهتمون حتى بالواجهات من خلال إضفاء بعض الديكورات الحديثة وبلمسة كلاسيكية تحاكي النمط العمراني الوطني، ومتكيّفة مع التطور الحضري للمدن.
تقديم خدمات تتناسب والنمو الحضري
نفس التوجه والأهداف تسعى الوكالة العقارية “فيرتك” لتحقيقها، فهي تعمل على تقديم خدمات تتناسب والنمو الحضاري المستدام، وهذا استجابة لطلبات زبائنها وتحقق لهم الرفاهية التي يتمنون الحصول عليها، مشيرة إلى أن الزبون بمجرد استلامه لمسكنه يكون مهيئ بالتدفئة المركزية وكذا التكييف، مطبخ مجهز، زجاج نوافذ مزدوج مصعد، طبق استقبال الأقمار الصناعية الجماعية، ومجهز بكاميرات مراقبة، هاتف فيديو.
وأوضحت حياة فاليوز مسؤولة القسم التجاري في هذا الشأن، أن وكالة “فيرتك” تعكف على تجسيد ذلك في الميدان من خلال انجاز مشروع بجنان سفاري ينتظر الانتهاء منه في 2025، في حين تم تسليم مشروعين سكنيين، وهذا بفضل احترام الآجال التي في العادة ما تكون بين 14 و24 شهرا وهو ما جعلهم يربحون ثقة زبائنهم.
وفيما يخص المنازل الذكية والتي تعني التحكم في العديد من الأنظمة من خلال الهاتف وعن بعد، أشارت المتحدّثة أنه لحد الآن الزبائن لا يتحكمون في هذه التكنولوجيا ولم يندمجوا فيها ما يجعلها أقل انتشارا لهذا العمل بها يبقى محدود، غير أن ذلك لم يمنعهم من التعامل مع طلبات فردية للزبائن، انطلاقا من النظام القاعدي المقدم، حيث يتم ادماج وادراج الحلول المبتكرة المطلوبة في النظام فقط ويتم الاستجابة لمتطلبات الزبائن الخاصة سيما تلك المتعلقة بتزويد سكناتهم بالتكنولوجيات التي يحتاجونها، ما يتيح لهم التحكم في التبريد والاضاءة والحرارة عن بعد.
وأكدت فاليوز، أن ربط المنازل بهذه التكنولوجيات المطوّرة يتم بالتنسيق مع شركات خاصة ناشئة متخصّصة في مجال المنازل الذكية، وتقديم المقترحات التي تتناسب مع كل منزل وطلب وتبني الحلول المبتكرة التي من شأنها توفير بنايات تراعي المعايير الحديثة وهذا كله استجابة لمتطلبات الزبائن وارضائهم.
وتحمل هذه الديناميكية التي يعيشها القطاع العقاري في الجزائر بفضل العديد من المبادرات في مجالات تتعلق بالرقمنة والتكنولوجيات الجديدة من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص آفاقا واعدة تمهد الطريق لمستقبل مستدام للنمو الحضري، عبر ربح معركة العصرنة والتكيّف مع المتغيرات والاستجابة لطلبات الزبائن لتقديم سكنات راقية تليق بالمستوى المعيشي الذي يطمح إليه الانسان الجزائري.
أستاذ الهندسة المعمارية كمال كحال: الجزائر دخلت تحدي المدن الذّكية من سيدي عبد الله
يرى كمال كحال أستاذ باحث مختص في الهندسة المعمارية والعمران بجامعة أم البواقي، أن الجزائر تحتكم على كل المؤهلات والتجهيزات والسياسة اللازمة لرفع تحدي إنشاء المدن الذكية المستدامة، انطلاقا من حرص السلطات العليا على تجسيد مشروع الرقمنة والذكاء الاصطناعي وقرارات تصويب الأخطاء السابقة في الإنجاز العمراني.
يعرف كحال كمال، وهو باحث مختص في الهندسة المعمارية والعمران بجامعة أم البواقي المدينة الذكية، بـ “المدينة التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتقديم خدماتها الحضرية المختلفة وإدارتها بهدف تحسين نوعية حياة السكان وجعل المدينة أكثر استدامة وكفاءة”.
وأشار كحال في تصريح لـ “الشعب” إلى أن “تاريخ تطور مفهوم وفكرة المدينة الذكية يعودان إلى ثمانينات القرن الماضي حيث يتزامن مع ظهور تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الجديدة “وهو المفهوم الذي عرف تطورا كبيرًا منذ ذلك الحين مع تركيز المبادرات المبكرة في المقام الأول على استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لتحسين كفاءة العمليات وخدمات البلديات مثل إدارة حركة المرور أو إنارة الشوارع”.
ومع حلول العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أتاح تطور الانترنت وانتشار توسع رقعة استعماله ليشمل الكثير من الأشياء ويوصل بين المزيد من البشر ويسهل جمع المزيد من البيانات عن المدينة.
وقد أدى ذلك بحسب كحال إلى ظهور تطبيقات جديدة للمدن الذكية، مثل مراقبة التلوث أو الإدارة الذكية للمباني واستعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لمعالجة التحدّيات الأكثر إلحاحا التي تواجه المدن، مثل تغير المناخ والقضاء على الفقر وعدم المساواة وتحقيق الرفاهية والعدالة الاجتماعية، بهدف أن تكون المدن الذكية مستدامة وشاملة ومرنة.
ويمكن بحسب المختص في الهندسة المعمارية تجميع الأبعاد المختلفة للمدينة الذكية في أربع فئات رئيسية البعد البيئي من خلال تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات الغازات الملوثة، تحسين نوعية الهواء والمياه، وإدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام، وهناك يضيف كحال “البعد الاجتماعي المتعلق تحسين الوصول إلى الخدمات العامة تعزيز مشاركة المواطنين في إنشاء أماكن عامة آمنة وشاملة، فيما يخص البعد الاقتصادي تحفيز النمو الاقتصادي، خلق فرص العمل، دعم الشركات المحلية، ثم البعد المتعلق بالحوكمة، ويكمن في تحسين كفاءة وشفافية الحوكمة وإشراك المواطنين بشكل أكبر في عملية صنع القرار من خلال إسهام المجتمع المدني بصفة استشارية واستخدام البيانات لتحسين عملية صنع القرار.
ويؤكد كحال أن الأبعاد الأربعة ليست منعزلة، بل هي كلها مترابطة، والإجراءات المتخذة في مجال واحد يمكن أن يكون لها تأثير على المجالات الأخرى.
وبالرغم من حداثة مفهوم المدن الذكية فقد دخلت الجزائر التحدي من خلال المدينة الجديدة سيدي عبد الله والتي وبالرغم من غياب -يقول كحال- “المعايير نستطيع من خلالها أن نقيس الوضع لنقول إنها مدينة ذكية، كون هذه الاخيرة لا ترتكز فقط على مجرد توفير الإنترنت في المنزل، بل تحتاج إلى شبكة إنترنت مبنية على البيانات الضخمة، وجميع الشبكات لتوزيع الكهرباء والماء والغاز، والنقل، وإدارة النفايات، والبعد البيئي، والبعد الاقتصادي والاجتماعي، والثقافي والحوكمة الرشيدة وتحفيز النمو بطريقة مستدامة.
ويرى الباحث في الهندسة المعمارية أن “المُدن في الجزائر تسير اليوم بخطى ثابتة نحو تجسيد مشاريع المدن الذكية رغم كل العراقيل وذلك انطلاقا من التعليمات الصارمة التي اتخذتها السلطات العليا في البلاد والرامية إلى إنجاز المشاريع الاستراتيجية الكبرى بنظرة استشرافية وأرقى وأحدث التقنيات مع الحرص على إبراز الهوية الوطنية في الطابع المعماري من جهة وتمكين المواطن من حقه في العيش بكرامة وفي رفاهية”.
وأبرز كحال أن نجاح الجزائر في الانْتقال مِن مرحلة التّعمير إلى مرحلة الاسْتدامة الذّكية في التّعمير، يحتاج إلى تقييم مدى ملاءمة التّشريع العُمراني لتأْطير التّوجُه في هذا المسار واِبْراز التّحديات الّتي يَجب عليها مُجابهتها وتحديد الآفاق الّتي يجب أن تبلُغها منْ أجل الوصول بالمُدن الجَديدة إلى الاسْتدامة، وتحقيق مُستوى تِكنولوجي مُتقدم يسْمح بتحْسين الخدماتْ الحضرية وتسْهيل الإدارة والتنْمية.
وكمختص وباحث في المجال ينصح كحال بضرورة اتباع الركائز الأربع واحترام المعايير في التشييد والبناء والحكم الرشيد، لاسيما يقول كحال و« الجزائر فتحت اليوم مشاريع جميع البيانات، تعميم الرقمنة، الحوكمة الرشيدة من خلال إشراك كل أطياف المجتمع المدني في صنع القرار، حماية البيئة والمحيط، مشاريع توفير الأمن المائي، إنتاج الطاقات المتجددة، والاستثمار في البحث العلمي والأكاديمي وتشجيع الإبداع والابتكار في مجال التصميم والتخطيط والبناء والتشييد الحضري العصري.”
ولا ينبغي يضيف كحال للمراكز والأقطاب الحضرية، أن تكون معزولة عن المدن الأم، بل يجب أن تكون متصلة بشكل جيد بالطرق ووسائل النقل ومن الضروري توفير التجهيزات العمومية الأساسية منذ البداية، أي مع الانطلاق في البناء مثل المؤسسات الصحية والتربوية والأمنية وتجهيزات ومراكز الترفيه والهيئات الإدارية وما إلى ذلك إضافة الى توفير المساحات الخضراء وزراعة الأشجار.
وذلك يهتم كحال يمكننا إنجاز مدن ذكية توفر للمواطن كل الخدمات العمومية وتضمن الوصول العادل والجيد إلى الخدمات العامة الأساسية مثل التعليم والصحة والإسكان والنقل والثقافة والفنون وتحقيق الإدماج الاجتماعي، مع ضمان سلامة المواطنين من خلال استخدام التقنيات الحديثة لمنع الجريمة وتحسين إدارة الطوارئ وتحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة مكافحة تغير المناخ، الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتعزيز التحوّل إلى الاقتصاد الأخضر والحفاظ على التنوّع البيولوجي.