أكّد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، من خلال استقباله الباحث والعالم الجزائري كريم زغيب، حرصه الكبير على دعم الكفاءات الجزائرية المقيمة في الخارج. وقد عبّر عن قناعته بأنّ تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة لا يقتصر على الجانب النظري أو البحثي فحسب، بل يستند أيضًا إلى إشراك الخبرات العملية المتميّزة، القادرة على دفع البلاد نحو مستويات متقدمة من التطور والتحكم في التكنولوجيات الحديثة.
ليست المرة الأولى، التي يستقبل فيها الرئيس تبون عالما من علماء الجزائر، المتواجدين بأرقى مراكز البحث والمشاركين في بناء أكبر اقتصادات العالم، فمنذ 2020، مدّ جسور التواصل مع خيرة العقول الجزائرية، وفي مقدمتهم بلقاسم حبّة، والياس زرهوني ونور الدين مليكشي وغيرهم.
توجّه رئيس الجمهورية، أحدث سابقة في تاريخ البلاد، إذ ولأول مرة، أسندت لباحث جزائري مرموق، عملية وضع خطة عمل شاملة لاستغلال المعادن الإستراتيجية، وعلى رأسها الليثيوم والفوسفات. ولهذا الغرض استقبل، أمس الأول، الباحث والعالم كريم زغيب، الذي سيقف على تنفيذ مشروع وطني ضخم، يتمثل في تطوير شعبة الليثيوم، وكذا الطاقات النظيفة.
ويُعتبر البروفيسور وعالم الكيمياء الكهربائية، كريم زغيب، وهو جزائري مقيم بكندا، ولد عام 1963، من الشخصيات العالمية الرائدة في مجال بطاريات الليثيوم-أيون وأنظمة تخزين الطاقة، ويشغل حاليا منصب أستاذ في الهندسة الكيميائية وهندسة المواد بجامعة كونكورديا بكندا.
وشغل الباحث سابقا منصب مدير الأبحاث في شركة “هايدرو- كيبيك”، حيث كان له دور محوري في تطوير تقنيات البطاريات، وهو أول من أدخل مادة فوسفات الحديد الليثيوم كمادة كاثودية، ممّا ساهم في تحسين أمان وديمومة بطاريات الليثيوم-أيون، المستخدمة حاليا في شركات رائدة مثل تسلا ومرسيدس.
كما يمتلك الأستاذ زغيب أكثر من 546 منشور علمي و600 براءة اختراع، وقد تم الاستشهاد بأبحاثه أكثر من 28 ألف مرة، ما يجعله من أكثر العلماء تأثيرا في مجاله حيث تم انتخابه عضوا في عدة جمعيات علمية مرموقة، منها الأكاديمية الكندية للهندسة والجمعية الملكية الكندية. ويركّز حاليا البروفيسور زغيب على تطوير بطاريات الحالة الصلبة لتلبية احتياجات قطاع السيارات الكهربائية، ويعمل على بناء منظومة صناعية لدعم الإنتاج الكبير لهذه التكنولوجيا الواعدة.
وقد عبّر، الباحث والعالم كريم زغيب عقب استقباله، من قبل رئيس الجمهورية، عن فخره واعتزازه بهذا اللقاء الذي جمعه برئيس الجمهورية، حيث أبرز العالم أنّ الجزائر تمتلك قدرات هائلة من المعادن، ولديها الطاقة التي تمكّنها من تحويل هذه الأخيرة. وأشار إلى الشريط البحري الهام الذي يمتد على مسافة 1200 كلم، والذي يسمح لها بتسويق وتصدير منتوجاتها عبر الموانئ المتواجدة على مستوى المدن الساحلية، كما تمتك خزان كبير من الطاقات الشبانية من خريجي الجامعات.
كما أكّد المتحدّث على أهمية هذا المشروع لأنه من خلاله ستنتج بطاريات الليثيوم التي تعد الأكثر أمانا وديمومة، وهي تستعمل من قبل أهم ماركات السيارات في العالم على غرار تسيلا، مرسيدس وفورد، وكذا من طرف شركات صناعة السيارات الصينية، وأضاف أنه يمكن للجزائر استغلال الحديد والفوسفور والليثيوم الموجودة بمناجمها لتطوير شعبة الليثيوم المستعمل في تكنولوجيات وصناعات كثيرة عبر العالم.
وأفاد في السياق أنّ إنتاج الليثيوم سيتم بالتنسيق مع وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجدّدة ومجمّع “سونارام”، من أجل إنتاج حمض الفوسفوريك كمرحلة أولى تليها مرحلة إنتاج بطاريات الليثيوم، كاشفا أنّ هذا المشروع يمكنه أن يستحدث 50 ألف منصب شغل مباشر و100 ألف منصب عمل غير مباشر.
وتوجّه زغيب بشكره الكبير للاهتمام الذي يولّيه رئيس الجمهورية للبحث والباحثين والعلماء الجزائريّين، وقال أنه حضي “بدعم كبير من الرئيس، لتطوير هذه الصناعة التي أصبحت مقصد كبرى الشركات العالمية، كما أكّد على أنّ الجزائر يمكنها أن تكون قوية ورائدة في إنتاج بطاريات الليثيوم”.
ويعد الليثيوم أو ما يسمى بـ«الذهب الأبيض” حسب الخبراء، من المعادن النادرة التي تمتلكها الجزائر، والذي يساهم في الانتقال الطاقوي كونه يعد طاقة بديلة نظيفة وآمنة، كما أنها مادة قليلة التكاليف وذات مردودية علية، كما تعد المادة محل منافسة بين الدول الكبرى على غرار الوليات المتحدة الأمريكية، وقد تمّ مؤخّرا اكتشاف مخزون من الليثيوم في ولاية تامنراست، وسيتم الاستفادة من الخبرة الكبيرة التي يمتلكها الباحث والعالم الجزائري زغيب، لتطويع هذه المادة لخدمة التنمية الاقتصادية في الجزائر.
وكان وزير الدولة وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجدّدة محمد عرقاب، قد استقبل، الأحد البروفيسور كريم زغيب الباحث والعالم الجزائري، للوقوف على مدى تقدم المشاورات المتعلقة بتطوير شعبة الليثيوم. وجرى الاتفاق على الشروع في إعداد خطة عمل تفصيلية تتضمّن المراحل الأساسية لتطوير شعبة الليثيوم، مع تحديد المشاريع ذات الأولوية واستغلال أمثل للموارد التي تزخر بها الجزائر.