تطرق ملتقى “جهود الباحثين والأساتذة في الحفاظ على الموروث الشعبي”، الذي احتضنته جامعة مولود معمري بتيزي وزو، أمس، إلى جهود أساتذة من جامعات مختلفة، في الحفاظ على الموروث الشعبي.
أكّدت عضو مخبر التمثلات الفكرية والثقافية لجامعة مولود معمري بتيزي وزو، ورئيسة الملتقى الوطني “جهود الباحثين والأساتذة في الحفاظ على الموروث الشعبي”، ذهبية أشابوب، أن الملتقى جاء بناء على الواجب المفروض على أساتذة الجيل الحالي في الحفاظ على الموروث الشعبي الجزائري.
سمحت هذه التظاهرة العلمية من التعرف على أسماء جديدة عملوا في ميدان البحث في الأدب الشعبي، وجمع الموروث الجزائري الذي يعتبر سجلا لتعلم أمور الحياة، وجب جمعه من خلال تدوينه للمحافظة عليه وحمايته من الاندثار.
أشارت أشابوب أستاذة محاضرة بجامعة بومرداس، إلى مسألة التكنولوجيات الحديثة التي تطغى على التنشئة الاجتماعية، مؤكدة أنها تشكل خطرا على الثقافة الشعبية التي تكاد تندثر.
وأبرزت أن هذا الملتقى يستهدف الحديث عن الثقافة الشعبية أو التراث والأدب الشعبي بشقيه المادي واللامادي، على غرار “الفنون الكلامية، الأحاجي، الأغاني، القصص، الخرافات والأساطير والرقص” إلى جانب “الرموز الموجودة على الأنسجة، الفخار وجدران المنازل القديمة”، قائلة بأنها رموز تعبر عن هويتنا وأصالتنا.
إجماع عـلى ضرورة ترجمة ورقمنة التّراث الوطني
وفي سياق ذي صلة، صرح الأستاذ الجامعي قاسي سعدي، عضو مخبر التمثلات الفكرية والثقافية بكلية الأدب واللغات بتيزي وزو، أن الملتقى يكشف عن البعد الأكاديمي العلمي البحثي المتعلق بالبحث والمادة الخام الأصيلة، التي تنبع من المجتمع الجزائري العريق، سواء كانت هذه البحوث باللغة الامازيغية بكل تنوعاتها أو اللغة العربية الدارجة أو العامية بكل تنوعاتها الثقافية في أرجاء الوطن.
وأضاف الأكاديمي، أن “الملتقى يشكل نظرة عامة لما صدر من دراسات علمية أكاديمية حول الحفاظ على التراث الجزائري، وجمعه وترجمته سواء إلى اللغة العربية أو الفرنسية من قبل الباحثين الجزائريين في الجزائر المستقلة”.
وأشار الأستاذ سعدي، من جهة أخرى إلى أن هناك مداخلات تطرقت إلى بحوث وترجمات للتراث الشعبي من طرف باحثين فرنسيين إبان الثورة التحريرية، وقال “هذا البحث لديه بعد آخر وهو بحث أنثروبولوجي كولونيالي”، كما أكد أن الباحثين الفرنسيين لم يقوموا بأبحاث أنثروبولوجية حول الشفويات والأدب الشعبي والتراث، حبا في الشعب الجزائري وفي لغاته الشعبية، بل قصد التمكن والتعرف العميق على الثقافات التي وقفت في وجه المستعمر “حيث أن وراء كل أدب شعبي ثقافة شفوية وفلسفة دفاع”.
وأضاف أن، الباحثين الجزائريين قاموا بعد الاستقلال بأبحاث عديدة لجمع الموروث الثقافي، أمثال أعمدة البحث الشفوي والأدب الشعبي عبد الحميد بورايو، وهو بروفيسور معروف على المستوى الوطني والعالمي، حيث قام بجمع التراث العربي باللغة الدارجة، مؤكدا أنه أول من فتح باب المقارنة الأدبية بين الأدب الامازيغي المقارن بالأدب العربي، إلى جانب الأستاذ خالد عيقون.
شدد الأستاذ “على الباحثين والأساتذة الجامعيين، أن يحافظوا على التراث الشعبي، الذي يعتبر رمز الهوية والأصالة”، في خضم هذه التكنولوجيات.
وأضاف “حتى وإن سايرنا اللغات الأجنبية والتكنولوجيات الحديثة، يجب أن نحافظ على هويتنا ولا نتخلى عن مقومات الشخصية الوطنية بأبعادها، العروبة، الامازيغية، الإسلام والوحدة الوطنية، لذلك يجب على الجامعات الجزائرية أن تنظم مثل هذه الندوات”.
وأوضح عضو مخبر التمثلات الفكرية والثقافية، في ذات السياق، أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، ويمكن من خلالها تجسيد ثورة علمية، وذلك عن طريق رقمنة الموروث المكتوب باللغة الفرنسية والانجليزية حول تراثنا من جهة، ومن جهة أخرى ترجمته إلى اللغة العربية والأمازيغية.
وهنا فقط ـ يقول ـ يمكن التعرف على الكم الهائل من الموروث الجزائري قصد تدريسه وايصاله للأجيال المستقبلية، مؤكدا أنه إذا استعملت التكنولوجيا قصد رقمنة التراث “ستكون هناك ثروة وثورة ثقافية في نفس الوقت، قصد الدفاع عن الهوية الوطنية ومواجهة التغيرات الطارئة، فلنجاح عملية التوريث يجب على الجامعة الانفتاح على المجتمع خارج الجامعة من خلال تنظيم فرق بحث، تبحث وتعرف بهذا التراث وبقيمته”.