أبرز باحثون ومجاهدون، دور العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، في الحفاظ على مقومات الشخصية الجزائرية الاسلامية، ونشر العلم، في ندوة تاريخية بعنوان “العلم اساس كل النهضات.. استلهام من تراث العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس”، اليوم الثلاثاء، بالمركز الوطني للدراسات والبحث في المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954.
قال وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، في كلمة بمناسبة الذكرى ال85 لوفاة العلامة بن باديس، ان تاريخ 16 افريل الذي اصطلح عليه بيوم العلم، شهد وفاة رائد النهضة الجزائرية والإصلاح، وهي محطة نستحضر من خلالها رمزا من رموز الجزائر الشامخة، كان مدرسا، خطيبا، واعظا، فقيها واعلاميا، مفكرا، مناضلا وسياسيا.
واضاف الوزير، ان العلامة بن باديس، إختار سلاح العلم والحق فحمله طيلة حياته كرسالة ومبدأ وقيمة ومبتغى، فعمل بلا هوادة على تمكين بنات وابناء الجزائر من التعليم والحفاظ على مقومات الهويةالوطنية.
وقال ربيقة، ان يوم العلم فرصة للوقوف على ما تحقق من إنجازات هامة ببلادنا في مختلف القطاعات منذ استرجاع السيادة الوطنية، وما قطعته الجزائر من اشواط معتبرة في تشييد صرح الدولة الوطنية.
داعيا الشباب إلى حسن التحصيل والتواصل الحضاري، والتمسك بوطنيتنا.
ونوه وزير المجاهدين، بدور القائمين على تلقين المعارف في محو الأمية وتعليم ذوي القدرات الخاصة، وأئمة الزوايا عبر ربوع الجزائر.
جمعية العلماء مشروع حضاري
واكد البروفيسور سعيدي مزيان، من المدرسة العليا للاساتذة ببوزريعة، ان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين صاحبة مشروع حضاري، جاءت لتصحيح عقيدة الجزائريين ومحاربة الطرقية، تأسست سنة بعد الإحتفال بمئوية الاحتلال، حيث اصدر بن باديس، جرائد، وعمم النوادي والجمعيات على جميع القطر الجزائري وتفعيلها، إنشاء المعاهد وترقية التعليم، كان يشتغل 16 ساعة يوميا مجانا وينام ساعتين، ويقدم عشرة دروس تكوينية، وتخريج 200 طالب.
وأشار إلى أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حاربت التجنيس وساهمت في، تعزيز الهوية الوطنية لدى الناشئة، واللحمة الوطنية، واعادة اللغة العربية إلى عرشها والحفاظ عليها، وصنعت لنا الرجال منهم ابراهيم مزهودي، أحمد توفيق المدني، أحمد حماني، وغيرهم، والتركيز على الأخلاق، استعمال الترغيب بدل الترهيب، وتعليم البنات للنهوض بالأمة، تجنيد التاريخ لخدمة قضية الامة.
وتطرق البروفيسور، مولود عويمر، استاذ التاريخ بجامعة الجزائر 02، إلى شخصية العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، ونصوصه في جرائد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. اهتم بالعلم الكثير من الأسئلة طرحها عبد الحميد بن باديس، حول العلم كان مؤمن فكرة أساسية في الجانب العلمي وهي فكرة العلم الصحيح للدقيق ولو كان قليلا، اليوم العلمي قائم على الدقة،
كان له موقف من مختلف القضايا، في خطب بالمسجد، المحاضرات، المؤتمرات، كان يرتجل خطاباته، كان يتكيف مع الوضع، ويلقي الدرس حول المشكل الذي يعانيه المجتمع في مدينة من المدن.
مثلا طرح مشكل إصلاح التعليم في العالم العربي، قدم رأيه كعالم وتفاعل مع الأحداث. كان يشتغل 16 ساعة في اليوم مجانا، واصدر مجلة وجريدة، واشترى مطبعة، ترجم الحديث النبوي، وفسر القرآن، شخصية حيوية، كان يقدم الشئ المفيد. كان بن باديس استثناء، زار الجزائر من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، يجب أن نستلهم منه في العلم والتاريخ، والدين.
مشروع بن باديس هو بناء الإنسان
قدمت الوزيرة السابقة، والأديبة المجاهدة زهور ونيسي، شهادة عن مدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي اسسها العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، مؤكدة ان العلامة اعتمد على الإعلام في نهضته الإصلاحية وعلى التربية والتعليم، حيث كلما أسس صحيفة إلا وأوقفتها إدارة الاحتلال الفرنسي، فيؤسس بعد ذلك صحيفة أخرى.
وأشارت زهور ونيسي، إلى انها كتبت في إحدى هذه الصحف ونشرت النصوص الأولى في جريدة البصائر، وهي ام تتجاوز سن ال16 سنة، حيث كانت بدايات الأدب بالنسبة للمرأة الجزائرية، وكل هذه النصوص موثقة في أرشيف المكتبة الوطنية.
واضافت الأديبة، انها كانت تدرس بمدرسة التربية والتعليم، هذه الأخيرة هي آول مدرسة تربوية قبل مدرسة دار الحديث.
واشارت، إلى أن الشيخ عبد القادر مجاوي، هو أول من فكر في تعليم البنات، لكن بن باديس جسدها في الميدان، حيث كانت الفتيات لا تدفع شيئا، في حين الذكور يدفعون مبلغا رمزيا، وأسس بن باديس يعدها مدارس كثيرة بأموال الشعب.
وذكرت زهور ونيسي، اسماء الفتيات الرائدات في التعليم، أراد الإمام بن باديس، ارسالهن إلى دمشق لإتمام دراستهن الثانوية، حيث اتصل بحفيدة الأمير عبد القادر، السيدة عادلة، التي كانت تملك مدرسة ثانوية، لكن توفي العلامة بن باديس وفي الحرب العالمية الثانية توقف المشروع.
وأكدت ان اكثر من 15 فتاة التحقت بالثورة منها ليلى لكحل، الشهيدة وهيبة لكحل، مريم بوعتورة، الشهيدة رقية بلغيموز، زهية كرواز، وزهور ونيسي.
ومن بين التلميذات بدار الحديث بتلمسان، أمينة زعلان، خديجة خثير، يمينة تونسي، وغيرهن.
واكدت ان مشروع بن باديس هو بناء الإنسان والاستثمار فيه ، كان العلامة يعتمد على الشعب ولذلك نجحت الحركة الإصلاحية في الجزائر .
وأكد المجاهد عبد الله عثامنية، أحد تلاميذ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ان هذه الجمعية اصلاحية تهذيبية، مطالبها للإدارة الاستعمارية هي ثلاثة تحرير تعليم اللغة العربية والاوقاف الإسلامية والصلاة.
وٱخر نشاط لعبد الحميد بن باديس وهو على فراش الموت، كان مراسلة حفيدة الأمير عبد القادر، لاستقبال البنات ومواصلة الدراسة الثانوية، لكن المشروع توقف بسبب الحرب العالمية الثانية.
واكد ان هناك خمسة شهداء من شيوخ الجمعية ماتوا تحت التعذيب، وهم رضا حوحو، العربي التبسي، أحمد بوشمال، اول مساعد لبن باديس، اختطفوا وعذبوا، والشيخ محمد الشاهي الذي استشهد في معركة.
وبالمناسبة، كرمت الوزيرة السابقة زهور ونيسي، المجاهد عبد ألله عثامنية والأستاذ مولود عويمر.