بعد أن اجتاح عديد الدول وأثار ضجة واسعة، يغزو “ترند البراسيتامول” المدارس الجزائرية مسبّبا حالة من الرعب بين أولياء التلاميذ، ما دفع السلطات المعنية والأخصائيين إلى التحذير من عواقب انتشاره والدعوة الى حملات توعية مضاده له.
“تراند البراسيتامول” تحدي قاتل يتمثل في تناول جرعات مفرطة من “البراسيتامول”، الذي يعتبر من الأدوية الشائعة الاستخدام لتسكين الآلام، وخفض درجات حرارة الجسم.
الهدف من “الترند” اختبار قدرة المراهقين والشباب على التحمل من أجل التباهي لا غير، وتكون النتيجة مضاعفات صحية خطيرة، إن لم تكن قاتلة، بحسب ما أكده عدد من المختصين في تصريحات لـ “الشعب أونلاين”. هذا التراند الغريب، يشبه “القاتل الصامت”، أحادي أوكسيد الكربون، الذي يعبث بالأرواح، في غياب التوعية بمخاطره والتنبيه الى آثاره المدمرة..
“ترند” غريب ..
وصفت وزارة التربية الوطنية، انتشار تحدي “البراسيتامول” بين أوساط التلاميذ بـ “الترند الغريب” والدخيل على المؤسسات التعليمية.
ووجهت وزارة التربية الوطنية تعليمات لمديري التربية في الولايات، لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الظاهرة، من خلال إطلاق حملات تحسيسية تستهدف التلاميذ وتنبيه الأولياء من خطورة انتشار هذا التحدي، وتوفير المعلومات الصحية للمخاطر المحتملة من الإفراط في تناول دواء “البراسيتامول”.
دعوة خاصة للصيادلة
دعت وزارة الصحة، الصيادلة إلى التحلي بأقصى درجات اليقظة والمشاركة في حملة تظهر مساوئ الاستعمال السيء والمفرط لدواء “البراسيتامول” دون مراعاة الشروط الطبية لاستعماله.
وحذرت وزارة الصحة من مخاطر الإفراط في تناول دواء “دوليبران”، “مادة الباراسيتامول” بعد انتشار التحدي في شكل “ترند” يدعى “تحدي الدوليبران” .
وأكدت الوزارة، في بيان تحذيري، أن “هذه الممارسات تشكل تهديدا حقيقيا للصحة العمومية، لما لها من آثار قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة تصل ما لا يحمد عقباه”.
أخصائيون وناشطون يتجندون
تجندت عديد الصفحات بمنصات التواصل الاجتماعي للتنبيه والتحذير من “تحدي الباراسيتامول”، يقودها أطباء وصيادلة لتفادي مخاطر هذا التحدي على الشباب والمراهقين، خاصة في الوسط المدرسي.
وتناقلت صفحات بمنصات التواصل الاجتماعي، تنبيهات خاصة بتراند “تحدي الباراسيتامول”، أغلبها تصريحات وتحذيرات مصورة لأطباء نشطون على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال التعريف بمخاطر التحدي الصحية ولتوعية المشاركين فيه ودعوة الأولياء للتحلي بالمسؤولية ومراقبة أبنائهم.
الاستهلاك الفوضوي لـ”البراسيتامول” خطير جدا
ويؤكد المختص في الصحة العمومية، فتحي بن اشنهو، أن “الاستهلاك الفوضوي والعشوائي لمادة “البراسيتامول” خطير جدا على صحة الفرد ويؤدي إلى تضرر الكبد وإصابته بالسرطان والموت المؤكد”.
ويوضح بن أشنهو، في تصريح لـ “الشعب أونلاين”، أن تناول “الباراسيتامول” يكون بطريقة منتظمة لا تتجاوز حبة كل 6 ساعات في حالة المرض فقط، وفي حالة تجاوز الجرعة المسموح بها تظهر أعراض مثل الغثيان وآلام في البطن وتلف في الكبد، ما يزيد احتمال دخول المستشفى والوفاة.
وأشار بن أشنهو إلى أنه ينبه من خطورة تناول “البراسيتامول”، والاستهلاك غير العقلاني لهذا المادة منذ سنوات، .
وبحسب بن أشنهو، في هذه الحالة “المشكل لا يكمن في الدواء، وإنما في الطرق العشوائية والفوضوية التي يتم تناوله لدى الكبار قبل الصغار”.
وذكر هذا الطبيب أن “البراستامول” من أحسن الأدوية لتهدئة الآلام، ولكن بشروط استهلاك تتمثل في تناول حبة دواء كل 6 ساعات وبوصفة طبية”.
وذكّر بن أشنهو بـ”لعبة الحوت الأزرق” في السنوات الماضية وما نتج عنها من ضحايا حول العالم، وهو سيناريو يتكرر -بحسبه- بمنصات التواصل الاجتماعي اليوم.
وقال بن أشنهو: “يتعين على السلطات المعنية التحرك بسرعة من أجل ايقاف هذه السلوكيات المتكررة، خاصة في ظل الغزو الفظيع لمنصات التواصل الاجتماعي وتأثيرها على سلوكيات افراد المجتمع”.
ودعا بن أشنهو المختصين في علم الاجتماع وعلم النفس إلى دراسة تأثير منصات التواصل الاجتماعي على أفراد المجتمع وسلوكياته”.
وشدد المختص في الصحة العمومية، على ضرورة الاهتمام بالوضع النفسي والصحي للشباب، وحمّل بن أشنهو أولياء الأمور جزء كبيرا من المسؤولية لما يحدث حاليا باعتبارهم الجدار الأول للطفل أو المراهق الذي يفترض أن يحموه ويراقبوه.
في الأخير، وجّه بن أشنهو نداء خاصا للصيادلة، لتجنب بيع هذه المادة ومختلف الأدوية دون وصفات طبية خاصة لفئة الأطفال والمراهقين.
من أخطر الترندات حاليا..
وتؤكد كوتش التغذية الصحية، والأخصائية النفسية، سهام قايد، أن تناول جرعات كبيرة من “البراسيتامول” من أخطر “الترندات” المنتشرة بمنصات التواصل الاجتماعي حاليا في الجزائر.
وأوضحت كوتش التغذية الصحية، سهام قايد، في تصريح لـ “الشعب أونلاين”، أن تناول البراسيتامول بكميات كبيرة في وقت قصير يسمم الكبد مما يؤدي إلى تدميره.
ومن الجانب النفسي، ترى الأخصائية أن رسالة اليوم موجهة لفئة المراهقين، ما يستدعي التعامل معهم بطريقة خاصة. تقول الأخصائية “عندما ننشر فديوهات بمنصات التواصل الاجتماعي خاصة بهذا الترند والتحذيرات يجب أن نتوخى الحذر، فالعقل الباطني للمراهق في هذه الحالة يحفزه على تجريب الترند، بهدف إظهار الذات والتباهي”. وفي هذه الحالة تشير الأخصائية، إلى أن “المراهق يريد أن يُظهر أنه كبُير وأنه قادر على التحمل وهو ما يعود بالسلب عليه”.
ودعت الأخصائية إلى تفادي استعمال مصطلح “ترند” أمام المراهقين خلال الحملات التحسيسية والتوعوية حتى لا يحفزون على القيام بهذا الفعل. وأوضحت قايد أن “المراهق يحب المخاطرة، والأولياء مطالبون بالتقرب من أبنائهم والحديث معهم وتنبيههم بخطورة ما يقومون به”.
الانتباه ومراقبة الأبناء
ويرى المستشار التربوي، كمال نواري، في تصريح لـ”الشعب أونلاين” أن الهدف من التحدي “الترند” هو جلب الاهتمام والتميز على الآخرين، مع جهل منفذيه بمخاطره، مؤكدا أن الأولياء مطالبين بالانتباه لأبنائهم ومراقبتهم.
وقال نواري إن دور الجماعة التربوية مهم في وضع حد لمثل هذه الظواهر، بالتنسيق مع المصالح الصحية المتمثلة في وحدات الكشف والمتابعة الصحية بالمؤسسات، وتخصيص حصص أسبوعية تحسيسية تقدم من طرف مستشاري والتوجيه المدرسي بمخاطر تناول هذا الدواء.
ويشير نواري إلى أن وزارة التربية مطالبة بالتنسيق مع وزارة الصحة بتقديم ومضات إشهارية خاصة بالموضوع.
وأوضح نواري أن المذكرة التي وجهتها وزارة التربية لمديري التربية ستساهم في التدخل السريع لكل أعضاء الجماعة التربوية والجمعيات الوطنية بسبب خطورة استعمال هذا الدواء، خاصة وأنه تحدي قاتل مثله مثل اللعبة الالكترونية “الحوت الأزرق”، التي راح ضحيتها عدد من التلاميذ في العالم.
https://www.facebook.com/share/v/1HHesLapkR/
https://www.facebook.com/share/v/1BDFyJGh4q/