نظمت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بالتنسيق مع اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح الصينية NDRC، بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال”، منتدى أعمال جزائري- صيني حول الاستثمار، تحت شعار “شراكة متينة من أجل تعاون اقتصادي مستدام”.
أكثر من 200 متعامل اقتصادي من مختلف القطاعات، شاركوا بالمنتدى الذي يعتبر محطة مهمة في مسار العلاقات الاقتصادية بين المتعاملين الاقتصاديين لكلا البلدين، حيث يجسد مخرجات زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى جمهورية الصين الشعبية في جويلية 2023، والتي جسدت الإرادة السياسية القوية لتوسيع آفاق التعاون الثنائي وترجمتها إلى مشاريع واقعية تعود بالنفع على الجانبين.
ركاش: إحصاء 42 مشروعا صينيا بقيمة 4.5 مليار دولار مولى: قدرات عالية على النجاح المشترك بين البلدين
ويندرج المنتدى في إطار متابعة توصيات الدورة السادسة للجنة المشتركة الجزائرية- الصينية، وتماشيا مع خطة التعاون الخماسية 2022-2026، ومبادرة الحزام والطريق الحريري كمنصة واعدة لتعزيز التكامل والتعاون الاقتصادي بين البلدين.
وأكد وزير الصناعة، سيفي غريب، لدى إعلانه عن الانطلاق الرسمي لأشغال المنتدى الجزائري- الصيني حول الاستثمار، أن الجزائر تتطلع إلى رفع حجم الاستثمارات الصينية بالجزائر في القطاعات المنتجة للثروة، خاصة وأنها تتوفر على مقومات فريدة، من خلال موقعها الاستراتيجي والحيوي في العالم العربي والإفريقي، ما يجعل منها مركزا اقتصاديا بامتياز.
شراكات حقيقية تعود بالفائدة على البلدين
وركز سيفي على أهمية بناء شراكات حقيقية تعود بالفائدة على البلدين، مشيرا إلى أهمية الاتفاقيات الثنائية التي توجت المنتدى، والتي ستجسد قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وتطرق سيفي في سياق كلمته إلى الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الجزائر بغية تحسين مناخ الاستثمار، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وحماية حقوق المستثمرين، مؤكدا أن إنشاء الوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار يعكس بوضوح توجه الدولة الجزائرية نحو استقطاب الاستثمارات الأجنبية المنتجة.
وقال سيفي، “إن الشراكة الاستراتيجية الثنائية دخلت مرحلة جديدة برؤية وآفاق جديدة، وفق ما تم الاتفاق عليه بين رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ونظيره الصيني، شي جين بينغ، خلال زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية إلى الصين في جويلية 2023.
وفي سياق كلمته، أكد المتحدث على الدعم الكامل من الطرف الجزائري للمتعاملين الاقتصاديين من كلا البلدين في سبيل تجسيد مشاريعهم الاستثمارية والتجارية. داعيا السلطات الصينية، التي عبرت في العديد من المناسبات عن استعدادها لتسهيل ولوج المنتجات الجزائرية إلى السوق الصينية، للعمل أكثر على سد الفجوة التي يعرفها الميزان التجاري بين البلدين.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين سنة 2024، بحسب الوزير، ما قيمته 12.5 مليار دولار، منها 10.5 مليار واردات جزائرية، معتبرا أن ذلك “لا يعكس ما تصبو إليه الجزائر من توازن تدريجي”. بالمقابل، أشار سيفي إلى المشاريع التي ساهمت فيها كبرى الشركات الصينية في الجزائر، على غرار الطريق السيار شرق- غرب وجامع الجزائر وكذا مشروع توسعة مطار الجزائر الدولي.
وختم كلمته، بحث المتعاملون الجزائريون الناشطون في مجال التصدير تكثيف الجهود من أجل تنويع وتوسيع المنتوجات الوطنية القابلة للتصدير إلى السوق الصينية.
تجسيد التكامل
من جهته، أوضح المدير العام للوكالة الجزائرية للاستثمار، عمر ركاش، أن منتدى الأعمال الجزائري- الصيني حول الاستثمار، “ليس مجرد لقاء، بل يمثل محطة جديدة في مسار العلاقات الاقتصادية الجزائرية الصينية، التي مافتئت تتعزز وتتوسع في مختلف الميادين”، خاصة وأن تنظيم هذا المنتدى يأتي في سياق خاص، عقب زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، إلى جمهورية الصين الشعبية في جويلية 2023، والتي جسدت إرادة سياسية قوية لتوسيع آفاق التعاون الثنائي وترجمتها إلى مشاريع واقعية تعود بالنفع على الجانبين.
كما يندرج هذا المنتدى في إطار متابعة توصيات الدورة السادسة للجنة المشتركة الجزائرية- الصينية، وانسجاما مع خطة التعاون الخماسية 2022-2026 ومبادرة الحزام والطريق الحريري، التي تمثل منصة واعدة لتعزيز التكامل والتعاون الاقتصادي.
وأضاف ركاش، أن الجزائر، بفضل الإصلاحات العميقة التي شهدتها بيئة الأعمال، والتحسن الملموس في مناخ الاستثمار، تتيح اليوم للاستثمارات الأجنبية فرصا حقيقية للاندماج في سلاسل القيم الإقليمية والدولية، من خلال موقعها الاستراتيجي كبوابة نحو إفريقيا وأوروبا، إضافة إلى توفرها على بنية تحتية لوجستية مهمة من موانئ ومناطق صناعية، إلى جانب وفرة الموارد الطبيعية والطاقوية وبأسعار جد تنافسية، فضلا عن يد عاملة مؤهلة.
وأكد ركاش، أن الجزائر توفر للشركاء الصينيين مناخا استثماريا محفزا، يرتكز على الشفافية والتسهيلات الإدارية، مدعوما بحوافز جبائية وشبه جبائية هامة بموجب القانون الجديد للاستثمار، دون تمييز بين المؤسسات الوطنية والأجنبية.
السفير الصيني: الجزائر وجهة مثالية للمستثمرين الصينيين
وفي هذا الإطار، تشجع الجزائر -يقول المتحدث- إقامة شراكات إنتاجية مع المؤسسات الصينية، خاصة في قطاعات الصناعة التحويلية، التكنولوجيا والطاقات المتجددة، بما يساهم في خلق قيمة مضافة محلية ويعزز الانخراط الفعال في سلاسل الإنتاج والتوزيع العالمي، مشيرا إلى تسجيل على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، خلال الأشهر الأخيرة، اهتماما متزايدا من طرف المؤسسات الصينية بالاستثمار المباشر في بلادنا، حيث تم إحصاء 42 مشروعا صينيا بقيمة تفوق 4.5 مليار دولار، يتمركز أغلبها في القطاع الصناعي، ما يعكس ثقة متنامية في السوق الجزائرية. موضحا أن هذه المشاريع موزعة بين 22 استثمارا صينيا مباشرا، و20 مشروعا بالشراكة مع مؤسسات وطنية. كما سجلت عدة رغبات استثمارية جديدة في مجالات متنوعة، تعمل الوكالة على دراستها بالتنسيق مع المعنيين، في مؤشر واضح على الانتقال من مجرد تنفيذ الخدمات والطلبيات إلى استغلال فعلي لما توفره الجزائر من مزايا تنافسية لإقامة استثمارات منتجة.
شركات جزائرية رفعت التحدي
من جهته، اعتبر كمال مولى رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، أن لقاء رجال الأعمال الجزائريين والصينيين، خلال هذا المنتدى، جاء نتيجة التبادل المثمر رغم أن المسافة التي تفصل الجزائر عن الصين تتجاوز أكثر من 10 آلاف كلم، مشددا على عمق العلاقات بين الطرفين في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية.
ويتطلع الطرفان، بحسب ما أفاد به مولى، إلى شراكات أفضل وأوسع، خاصة فيما يتعلق بالاستثمار في القطاعات الاستراتيجية، مبرزا أن “هذا المنتدى الاقتصادي يهدف إلى تحديث النشاطات ذات الآفاق الجديدة للتعاون، والروابط بين المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين ونظرائهم الصينيين”.
وفي السياق، قال المتحدث إن “البلدين لديهما اليوم قدرة إجماع حقيقية على تحقيق النجاح المشترك، حيث أن هذه القدرة يمكن أن تتعزز أكثر في بداية مناخ الأعمال الذي شهد تحسنا ملموسا ومستمرا بفضل الإرادة القوية للسلطات العليا للبلاد التي باشرت إصلاحات عميقة تبنتها الحكومة”.
وأفاد ضمن هذا الإطار، بأن خطة عمل الحكومة ركزت على إزالة العقبات التي كان تعرقل تطور الأعمال والاستثمار، سواء كانت من حيث الإجراء أو الآجال أو التكاليف. ملفتا إلى الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد الوطني وتحديث الإدارة الاقتصادية، ما ساعد على ذلك الموقع الجغرافي المميز للجزائر كبوابة نحو أوروبا، مبرزا المزايا التنافسية لها على غرار اليد العاملة المؤهلة وتكاليف طاقة منخفضة، مع تحسن مستمر في البنية التحتية.
وأشار مولى إلى أن الشركات الجزائرية التي ساهمت اليوم في زيادة صادراتنا خارج قطاع المحروقات، أبرزت قدرتها على رفع التحدي وأظهرت للعالم قدرتها الهائلة في التصدير من خلال تطور صناعتها بشكل استثنائي، في عالم يتغير باستمرار، يستوجب توحيد الجهود واستثمار الأموال.
مبادرة هامة
من جانبه، أكد رئيس اللجنة الصينية للتنمية والإصلاح، تشنغ شانجي، في كلمة ألقاها نيابة عنه السفير الصيني بالجزائر، دونغ غوانغلي، أن منتدى الأعمال الجزائري- الصيني يشكل “مبادرة هامة” لتجسيد الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين رئيسي البلدين لتعميق التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
وفي السياق، جدد التأكيد على استعداد بلاده للعمل مع الجزائر لمنح الشراكة الاستراتيجية الشاملة “دفعة جديدة” وتعميق التعاون الاستثماري، مقترحا تعزيز مواءمة السياسات والخطط الاستراتيجية ومواصلة تهيئة بيئة ملائمة لتنفيذ مشاريع مشتركة.
وفي تصريح صحفي، كشف السفير الصيني أن الاتفاقيات الموقعة خلال المنتدى تفوق قيمتها ملياري (2) دولار، مشيرا إلى أن مشاريع استثمارية أخرى في طريقها للتجسيد، مؤكدا أن “الجزائر تمثل وجهة مثالية للمستثمرين الصينيين”.