فور إعلان السلطات العليا في البلاد، قبل أسابيع، قرار استيراد مليون رأس ماشية تحسبا لعيد الأضحى 2025، لتغطية الطلب المحلي وكبح ارتفاع الأسعار، طفت “حملات” تضليل بمنصات التواصل الاجتماعي، تغذيها تفاصيل وجزئيات لغايات لا يعلمها مستخدمو هذه المنصات.
طرحت تساؤلات واستفسارات كثيرة بمنصات التواصل الاجتماعي، عن الاضخية، تحولت إلى مادة خصبة لنشر وتداول معلومات مضللة أو غير دقيقة، باستخدام محتوى مثل مقاطع فيديو وصور قديمة وفي غير سياقها، ونشر معلومات لا تستند إلى مصادر.
وارتبطت مسارات التضليل المرصودة بمجموعات وصفحات وحسابات بـ “فايسبوك” – منذ ترخيص رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزارء، باستيراد مليون رأس ماشية – بالبلدان الموردة للماشية، أسعارها، اوزانها وشكلها.
إلى جانب التشكيك في قدرة السلطات على توفير طلبيه ضخمة بمليون رأس في وقت وجيز، رافق ذلك ترويج منشورات وفيديوهات تحمل ادعاءات غير صحيحة.
ومع اقتراب موعد وصول أولى رؤوس الغنم المستوردة، حسب تصريح لمدير شركة “عبور” للجمركة بقناة تلفزيونية، عجت منصة “فايسبوك” بمنشورات وفيديوهات مضللة، في اليومين الماضيين، منها فيديو لوصول باخرة أضاحي بميناء الجزائر على أنه أول طلبية، وهو ما نركز عليه في هذه المادة.
يدعي مروجو الفيديو، الذي سجل تفاعلا واسعا بمنصة “فايسبوك”، أنه يخص وصول أول طلبية من رومانيا، غير أنه ببحث عكسي بسيط في محرك البحث “غوغل” من خلال التقاط صورة لشاشة الفيديو، يظهر أنه قديم يعود إلى السنة الماضية.
ومثلما ذكرنا في مقالات سابقة، إعادة توظيف فيديوهات وصور قديمة أو استخدامها في غير سياقها، هي من الأساليب الشائعة في التضليل بمنصات التواصل الاجتماعي وتحصد تفاعلا ومشاهدات.
من مظاهر التضليل، أيضا، تداول فيديو آخر على نطاق واسع بـ”تيكتوك” و”فايسبوك”، يتعلق بغرق سفينة رومانية محملة بالمواشي، في عرض البحر، يظهر نفوق مواشي، وهي حادثة قديمة تعود لسنة 2019.
مع تصاعد “حمى” التضليل بمنصات التواصل الاجتماعي، “تحركت” المنظمة الجزائية للدفاع عن المستهلك، في منشور بصفحتها الرسمية “فايسبوك”، وحذرت مما تعتبره حملة تشويه.
تحذيرات
وذكرت المنظمة “بعض الجهات المشبوهة من سماسرة وبعض الموالين غير النزهاء، تقود حملة لتشويه الأغنام المستوردة، بهدف خلق البلبلة والتأثير على المستهلكين، وحتى توجيه السوق لمصالحهم الضيقة!”
وتجري عملية استيراد المواشي “وفق دفتر شروط صارم وتخضع لـمراقبة صحية دقيقة من طرف أطباء بيطريين معتمدين، لضمان سلامة الأضاحي وجودتها قبل طرحها في السوق.”، وفق المنشور.
واستشهدت المنظمة بالمملكة العربية السعودية في استيراد المواشي من دول عديدة “المملكة العربية السعودية، المعروفة بصرامتها في مجال الصحة الحيوانية، تستورد أضاحيها من عدة دول كل عام، في إطار توفير أضاحي ذات جودة عالية للحجاج الميامين.”
ودعت الجهة ذاتها إلى عدم الانسياق وراء مصادر غير رسمية “احذروا الإشاعات، ولا تنساقوا وراء حملات التشكيك التي تهدف فقط لحماية مصالح فئة معينة على حساب المستهلك.”
الملاحظ في مسارات التضليل هذه، أنها أخذت بالانتشار في ظل شح معلومات رسمية تفصيلية تخص العملية، ما فتح المجال أمام التضليل لسد الفراغ بمحتوى غير موثوق ومضلل.
وهي خطوة لها أثر على المستخدمين، مثل التأثير في اتخاذ القرار بالنسبة لفئة المواطنين المعنيين أو الذين بإمكانهم اقتناء هذه المواشي، حيث يتوقع متابعون لسوق المواشي أن قرار السلطات العليا في البلاد القاضي باستيراد مليون رأس غنم من شأنه أن يكبح ارتفاع أسعار الماشية المحلية.
على ضوء الحديث عن جانب من مخاطر اضطراب المعلومات في القضايا ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، والمتمثل في التشويش على اتخاذ القرار، تبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز ثقافة التربية المعلوماتية لدى المستخدمين والتحقق من الأخبار والمحتوى.
وتفاديا للوقوع في فخ التضليل، ينصح بخطوات تحقق وقواعد تفكير ناقد تجاه محتوى منصات التواصل الاجتماعي التي تعج بمحتوى غير موثوق يروج عن قصد أو غير قصد.
منها التحقق من المصادر، التأكد من السياق، الحذر في التفاعل وتوسيع انتشار المحتوى، وبالتالي الوقوع في فخ المشاركة في التضليل.
-
التحقق من المصادر
ينصح في التحقق من المصادر البحث عن الجهة الرسمية مثل مواقع وصفحات منصات التواصل الاجتماعي التابعة لمؤسسات وهيئات رسمية، وهنا أيضا ينصح التأكد من صحة الحساب لتلك الهيئة.
-
فحص التعليقات
تسمح هذه الخطوة للمستخدم كشف تضليل في ثوان من خلال تفاعل حسابات تدحض الرواية المضللة بصورة أو فيديو أصلي، أو برواية قد تكون أقرب إلى التصديق.
-
التحقق من التاريخ
في مرات كثيرة تروج فيديوهات وصور لأحداث ماضية على أنها حديثة.
-
البحث العكسي
وهي طريقة بسيطة من حفظ الصورة المتداولة أو أخذ لقطة شاشة واضحة من فيديو، واستخدامها في بحث عكسي على Google Reverse Image Search أو InVID ، Tine – eye، Goole lens.
-
تقدير السياق المستخدم
من صور تضليل الرأي العام في قضايا معينة، ترويج تصريحات، فيديوهات وصور صحيحة غير أنها تفتقد لحلقة معينة، ما يعطي صورة ومعان غير صحيحة.
في موضوع استيراد أضاحي العيد، يذكر أن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لدى ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء، مطلع مارس الماضي، أمر بـ:
– إطلاق استشارة دولية لاستيراد إلى غاية مليون رأس من الماشية تحسبا لعيد الأضحى، وفق بيان اجتماع مجلس الوزراء.
– إعداد دفتر شروط لإطلاق استشارة دولية في أقرب الآجال مع دول لها قدرة التموين لاستيراد إلى غاية مليون رأس من الماشية تحسبا لعيد الأضحى.
– يتضمن دفتر الشروط سقف الأسعار.
– تتكفل الدولة بالاستيراد عن طريق مؤسساتها وهيئاتها المتخصصة في الشعبة.
– العمل مع تعاونيات عمومية متخصصة عبر الولايات لبيع الأضاحي بالتنسيق مع الهيئات والمؤسسات المخولة بالبيع
– إمكانية البيع عن طريق مصالح الخدمات الاجتماعية للهيئات والمؤسسات والشركات على أن تتكفل هذه الأخيرة بالتوزيع والتنسيق مع الشركاء الاجتماعيين.
وقبل أسبوع، عرض يوسف شرفة، وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، المخطط الأولي لتسيير العملية، في اجتماع للجنة الوطنية لاستيراد أضاحي العيد، بداية من رسو البواخر المحملة بالقطعان في الموانئ المهيئة، إلى غاية نقاط البيع المباشر للمواطنين بمختلف ربوع البلاد،
وضبط أعضاء اللجنة المخطط العملياتي الذي يشمل تفاصيل دقيقة حول رزنامة استيراد ودخول القطعان، الظروف المهيئة لاستقبالها على مستوى الموانئ، و نقلها مباشرة إلى مواقع الحجر الصحي قبل توزيعها على نقاط البيع المحصاة من طرف المصالح الولائية، مع ضمان المراقبة الصحية و الأمنية من طرف الهيئات و المصالح المخولة لذلك.
وفي هذا الصدد، أسدى الوزير توجيهات لتنصيب لجنة تقنية مصغرة تتكون من كل القطاعات المعنية، لتحديد توزيع حصص الأضاحي حسب كل ولاية، تحدد كيفية تنظيم نقاط البيع و تاريخ بداية عملية بيع الأضاحي للمواطنين.