تنذر الأزمة الأوكرانية بتحولات هامة في العلاقات الدولية في كل المجالات خاصة على مستوى منطقة البحر الأبيض المتوسط عبر إفريقيا، كون للوضع الراهن تأثيرات على أسعار البترول والغاز ولكن أيضا على الأمن الغذائي الذي تمثل فيه روسيا وأوكرانيا (2021) 30 بالمائة من الصادرات العالمية مثلما رصده الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول في تشخيص للمؤشرات.
ينطلق الخبير في تحليل قدمه لـ “الشعب”من قاعدة أن الهدف الاستراتيجي هو وضع الطاقة في خدمة النمو والتشغيل لضفتي المتوسط وإفريقيا وتقرير معهد الاستشراف الاقتصادي للمتوسط الذي يظهر عجزا هيكليا أوروبيا وارتفعا قويا للطلب من الضفة الجنوبية ما يستلزم بناء عناصر شراكة تتجاوز النموذج التقليدي ممون-زبون. وضع يقتضي تعزيز التعاون خاصة في مجال الطاقة العامل الأساس في النشاط الاقتصادي والأمن ويمكنه أن يمثل رابطا قويا بين الشمال والجنوب للمتوسط.
وبالنسبة للجزائر يستلزم الموقف إستراتيجية للتكيف من خلال سياسة طاقوية يتولى تحديدها المجلس الأعلى للطاقة الذي وقع الرئيس تبون مرسوم إنشائه ويوضع تحت سلطته.
في الأمد القصير يمكن للجزائر أن ترفع عبر أنبوب “ترانسميد” العابر إلى ايطاليا 33 مليار متر مكعب من الغاز فيما ارتفعت طاقة أنبوب “ميد غاز” العابر إلى اسبانيا من 8 ملايير متر مكعب إلى 10,5 مليار منذ فيفري 2022.
وحدد سبعة شروط لبلوغ القدرة آفاق 2025/2027 على مضاعفة قدرات التصدير الغاز إلى 80 مليار متر مكعب مع حصة بين 20 إلى 25 بالمائة إلى أوروبا. وتتمثل هذه الشروط في: -تحسين الفعالية الطاقوية مع سياسة جديدة للأسعار ما يحيل الأمر إلى مسالة الدعم. –الاستثمار على مستوى المنبع من اجل اكتشافات جديدة للمحروقات التقليدية في الجزائر أو في بلدان أخرى بفضل تجربة سوناطراك الدولية (يمكن اكتشاف آبار ليس لها مردودية يفضل عدم الإعلان عنها قبل تحددي القدرة الإنتاجية). –تطوير الطاقات المتجددة (حاليا اقل من 1 بالمائة من إجمالي الاستهلاك الطاقوي). –مشروع محطة للطاقة النووية في 2025 لأغراض سلمية لمواجهة الطلب المتزايد على الكهرباء. تطوير النفط والغاز الصخري فحسب دراسات أمريكية تتوفر الجزائر على ثالث خزان عالمي بحوالي 19500 مليار متر مكعب غاز (يتطلب المار توافقا اجتماعيا داخليا واستثمارات ثقيلة مع تحكم في التكنولوجيا التي تحمي البيئة وشراكات مع شركات لها سمعة). – تنشيط مشروع “غالسي” أنبوب الجزائر سردينيا ايطاليا الذي كان يفترض أن يتم تشغيله في 2012 بطاقة 8 مليار متر مكعب غاز. –تسريع انجاز مشروع أنبوب نيجيريا أوروبا عبر الجزائر بطاقة 33 مليار متر مكعب غاز لكنه يتطلب وفقا لدراسات أوروبية في 2019 حوالي 20 مليار دولار وكذا موافقة الاتحاد الأوروبي الزبون الأساسي.
غير أن المستقبل كما يوضح مبتول يعود للهيدروجين كطاقة بديلة في 2030/2040 بحيث تمس الإستراتيجية الطاقوية بالوضع السياسي للدول مثل الفضاءات الإقليمية.