تعد الصيرفة الإسلامية أحد الأنظمة الحديثة للمعاملات البنكية في الجزائر التي فرضت العديد من الاعتبارات ضرورة اللّجوء إليها كحل بديل، إلا أن إرساء التعامل بهذا النظام الجديد، وفي مقابل ما يلقاه من طلب، مازال يتطلب بعض الخطوات والاستفادة من التجارب لبلوغ الأهداف التي وضعت من أجلها، بحسب مختصين في الشأن الاقتصادي.
قال الخبير الاقتصادي إسحاق خرشي، يمكن القول إن الجزائر نجحت في إرساء قواعد لوضع نظام للصيرفة الإسلامية، بدليل أن الطلب مرتفع بشكل كبير على معاملات الصيرفة الإسلامية، فمنذ إطلاقها استحوذت على 16 في المائة من الحصة السوقية لعمليات الحصول على منتجات تمويلية تسوقها حاليا البنوك، متمثلة في المرابحة العقارية والمرابحة للسيارات والمرابحة للتجهيزات والإيجار المنتهي بالتمليك، والتي تتم كلها عبر شروط حلال توفرها مختلف البنوك الجزائرية العمومية، ويمكن القول إن هذه البنوك نجحت في نيل ثقة المواطنين الذين يفضلون اللجوء إلى التعاملات، وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
وأكد المتحدث أنه سيكون لها شأن في الجزائر، من حيث المنتجات التي تتعلق خاصة بالعقار وفتح حسابات للجزائريين في الخارج والقيام بتحويلات مالية من الخارج إلى الجزائر لتحويل العملة الصعبة نحو الداخل، من أجل المساهمة في النهوض بالاقتصاد الوطني.
أما من ناحية عملية، فإن الصيرفة الإسلامية تعد بحسبه نظاما مساهما في جذب الأموال الموجودة في السوق الموازي، وهناك حديث حول كميات معتبرة جذبتها خدمات الصيرفة الإسلامية، لكن وبمقابل الأموال المتواجدة في السوق الموازي أو السوق الرسمي فهي لا تمثل نسبة، بمقارنتها مع الأموال الموجودة في السوق غير الرسمي والتي تقدر بحوالي 90 مليون دولار، كما أن المستوردين الكبار الذين توقفوا عن عمليات الاستيراد، بسبب بعض القوانين التي تمنع استيراد المواد المنتجة محليا، لديهم أموال كبيرة مكتنزة ومخزنة ويصعب جدا إقناعهم بخدمات الصيرفة الإسلامية، لأنهم لا يرغبون في أن يكون لديهم الأثر، ولا يقبلون فكرة الإطلاع على أرصدتهم حتى.
وأضاف في نفس السياق، «نعم الصيرفة الإسلامية جذبت، كما معتبرا من الأموال، لكن وبمقارنتها بالأموال الموجودة في السوق الموازي لا تمثل شيئا لأن 90 مليون دولار هو ضعف ميزانية الدولة ويصعب جذبها بتقنية فقط، الأمر يتطلب عمل وسنوات والاستفادة من التجارب».لهذا يعتقد الدكتور خرشي بأن خدمات الصيرفة الإسلامية لن تكون كافية لوحدها لجذب الأموال المتداولة في السوق الموازي، خاصة عندما نرى بعض المظاهر، مثل غياب السيولة النقدية في البنوك وفي بعض الحالات يتسبب في مشكل ثقة لدى الأفراد، في نفس الوقت عملية جذب الأموال الموجودة في السوق الموازي لا يمكن معالجتها بخدمة الصيرفة الإسلامية فقط، لأن هناك من حولوا هذه الأموال الموجودة في السوق الموازي إلى ذهب أو عقارات.
وأشار أيضا إلى أننا إذا أردنا الحديث عن جذب هذه الأموال الموجودة في السوق الموازي، لابد من الاستفادة من التجربة الإيطالية التي تطرق لها رئيس الجمهورية عبد المجيد في حديث لوسائل الإعلام، التي استطاعت النجاح في استقطاب الأموال الموجودة في السوق الموازي، بعد أن كانت نسبة 95 في المائة من الاقتصاد الإيطالي اقتصاد غير رسمي، لذلك يمكن استخدام هذه التجربة الإيطالية لاستقطاب الأموال الموجودة في السوق.
من جانبه، قال البروفيسور عبد الغني بن حامد مدير معهد الاقتصاد بالمركز الجامعي إيليزي أن الصيرفة الإسلامية، نظام وضع لعدة اعتبارات، منها جذب الأموال في السوق الموازي، كما من شأنها تمويل مشاريع الشباب المصغرة والمتوسطة لدعم عجلة الاقتصاد وجذب المستثمرين العازفين عن التعامل بنظام الفائدة وكذا جذب أموال المستثمرين بالبنوك الإسلامية في الخارج.
واعتبر المتحدث أن نظام الصيرفة الإسلامية له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني، حيث ستساهم من خلال أدوات التمويل والاستثمار التي توفرها من القضاء على حساسية موضوع نسب الفائدة بالنسبة للمواطن الجزائري عموما والذي لطالما كان مطلبا ملحا منه، خاصة أن أدوات التمويل والاستثمار التقليدية لا تفي بمتطلباته، في حين أشار إلى أن هناك إقداما على أدوات التمويل في الصيرفة الإسلامية، خاصة من قبل المستثمرين الصغار الشباب.