لم يعد رواد أسواق الخضر ببلادنا يجدون حاجة في الاعتراض على ما يفرض عليهم الباعة من زوائد يضعونها بالميزان، كي يحصلوا على أثمانها، ثم يقطعونها ليلقوا بها إلى المفرغة، ويقدموا الخضر كما ينبغي تقديمها لزبائنهم، فقد كان الناس يعترضون، ولكن الباعة فرضوا منطق السوق على أساس أنهم يشترون الخضر بزوائدها من أسواق الجملة، وإذا باعوها دون زوائد، يتكبدون خسائر مرعبة، خاصة وأن وزن الزوائد قد يضاهي نصف الموزون في حالات كثيرة.
وظاهر أن تجار الجملة هم الآخرون يشترون خضرهم بزوائدها التي يكون المنتج الأول هو الذي يختار أن يتركها، وهو يستند إلى براهين قوية، ولديه من الحجج ما لا يلين، فالمصاريف على الأرض كثيرة، والأسمدة ضاعفت أسعارها، والسماء كفّت غيثها، وينبغي حساب أسعار الطاقة، وتكاليف الإنجاز، وخسارات أخرى كثيرة لا يجد المنتج وسيلة إلى تجاوزها لولا تلك الزوائد التي هي أصل في الخضر، فحبّة البصل التي لا يزيد ارتفاعها عن عشر سنتمترات في أحسن الأحوال، يمكن أن تستعيد بعض ما صرف عليها من خلال حشيشتها الخضراء التي قد تبلغ سبعين سنتمترا طولا، وبهذا تكون إضافة مهمّة لصاحب الإنتاج، كي يواصل في إنتاجه، ويضمن وصول الخيرات إلى الزبائن الذين لا يقدّرون الخدمات الجليلة التي يحصلون عليها دون مقابل تقريبا.
ولا نرى حاجة في الاعتراض ولا في الاحتجاج، فالأمر الواقع فرض نفسه، وزوائد الخضر صارت واقعا مقبولا، بل إن الخضار نفسه صار يغضب إذا صادف من يطلب منه عدم التخلص من الزوائد، فهذه صارت تستغل علفا، ولها أسعارها هي الأخرى.. لا اعتراض ولا احتجاج إذن.. هو فقط تساؤل بسيط.. هل يعتقد صاحب فكرة الزوائد أن «الرّبح» مضمون بالتحايل على الميزان؟!.. يكون مسكينا إذن، فهو لا يعرف شيئا عن شراسة الميزان..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق