أصبح من الضروري التوجه نحو الانتقال الطاقوي وإطلاق مشاريع الطاقة البديلة وإعطائها دافعا أكبر للوصول إلى 40 بالمائة من التحول الطاقوي، الذي يضمن تلبية حاجيات الجزائر في المجال، غير أنّ هذا لا يتم إلا باعتماد إستراتجية واضحة تضمن تجسيد البرنامج المسطر على الأمدين المتوسط والبعيد، مع ضرورة ترشيد استعمال الطاقة من أجل تلبية الطلب الخارجي.
أوضح المدير العام لمجمع الطاقات الخضراء في الجزائر لدى استضافته «الشعب»، بوخالفة يايسي بخصوص المجمع، أنه تأسس في سنة 2017 رغبة من المتعاملين الناشطين في مجال الطاقة الشمسية الذين يعملون جاهدين على التنسيق مع مختلف الوزارات قصد تقديم حلول ومقترحات لتحقيق التحول الطاقوي في مختلف القطاعات، مؤكدا أنّ العملية بحاجة إلى التعاون وتضافر الجهود من أجل تحقيق الأهداف المعلنة.
أكد بوخالفة أنّ المجمع يمثل قوة اقتراح لمختلف الهيئات والوزارات يتكون من 12مؤسسة ومراكز بحث، يعمل منذ أربع سنوات من تأسيسه على توطيد العلاقات بين أعضاء «المجمع « (cluster ) ومختلف المراكز والهيئات والجامعات، من خلال المساهمة في أعمال مشتركة في مجال الطاقات المتجددة، بالإضافة إلى تقديم حلول ومقترحات في مختلف المشاريع.
يتكون المجمع من أهم الجهات الفاعلة في الميدان، وله علاقة مباشرة مع وزارة الانتقال الطاقوي والطاقات المتجدّدة، أبرزها الصناعة، البيئة، حيث تقدم مقترحات تخدم الصالح العام سواء في الانتقال الطاقوي أو في مجال آخر، على غرار ما تم الاتفاق عليه مع وزارة الصناعة، مؤخرا، بخصوص المؤسسات المنتجة للألواح الشمسية، لكن في سنة 2021، وبطلب من الأعضاء، يضيف المتحدّث تم تغيير نشاط الهيئة ليخرج من الطاقات الشمسية إلى طاقات خضراء ليسمى الآن «مجمع الطاقات الخضراء «.
اقتحام كل المجالات
أكد البروفيسور يايسي، أنّ الاختلاف يكمن فى توسيع النشاط ليشمل كل الطاقات المتجدّدة طاقة الرياح، تحويل الطاقة بالنفايات، الهيدروجين الأخضر وكل ما يخدم ميدان السيارات الكهربائية التي كثر عليها الحديث، مؤخرا، بالإضافة إلى فتح المجال أمام مراكز البحث والجامعات للقيام بعمل مشترك، حيث توسّع مجال العضوية إلى 40 عضوا، من مؤسسات وطنية خاصة وأجنبية تنشط في بلادنا.
وصرح ذات المسؤول، أنّ التعامل المشترك مع الأعضاء ومختلف المؤسسات يعزز النشاط الاقتصادي للشركات الجزائرية الناشطة في مختلف المجالات على غرار الألواح الكهروضوئية، والقواعد الحاملة لها، ومعدات الحماية الكهربائية، والخطوط، وأعمال الحفر، والهندسة المدنية، والهندسة، والتدريب، إلا أنّ هذا يتطلب رؤية واضحة وفق جدول زمني يتم التقيد به من أجل تجسيد أيّ سياسة صناعية في خدمة التحول الطاقوي في الجزائر.
تطوير مشاريع
بخصوص موقع المجمع في مشهد الانتقال الطاقوي، أفاد المسؤول أنّ دوره يتمثل في كيفية الوصول إلى مختلف القطاعات الوزارية من أجل تقديم اقتراحات حول مشاريع تطوير الطاقة الشمسية مثلا، حيث يتم تقديم جملة من الآراء مبنية على أساس الخبرات الموجودة في المجمع، مشيرا في نفس السياق إلى 11 موقعا لتطوير مشروع الطاقة الشمسية بسعة 1000 ميغاواط، الذي يتضمن إنشاء محطات طاقة شمسية بقدرة إجمالية تبلغ 1 ميغاواط.
واستطرد مفصلا « المجمع يملك الإمكانيات والمؤهلات التي تسمح بدراسة مختلف مشاريع الطاقة الشمسية وتقديم المقترحات لتجسيدها ميدانية، خاصة أمام الوتيرة البطيئة التي يسير عليها هذا التحول»، حيث لم يتحقق منه سوى 2 بالمائة، وهذا غير كاف، ما يستوجب تضافر الجهود للوصول إلى نسبة مرضية تحقق ما تم تسطيره في هذا المجال.
وأكد يايسي ضرورة مواكبة التطوارت التكنولوجية الحاصلة في العالم، خاصة في مجال الخدمات التي تضمن سير النشاط الطاقوي، حيث صرح، أنّ المجمع يملك مؤسسات متواجدة بالسوق العالمية بإمكانها المساهمة في التطوير وتلبية الطلب الخارجي، مشدّدا على ضرورة فتح مجالات جديدة للتوليد واستعمال الطاقة للمستثمرين الجزائريين والأجانب.
ومن المهام الرئيسة للمجمع التدخل لحل إشكالية التسويق، خاصة ما يتعلق بالمؤسسات المنتجة للألواح الشمسية، حيث تم تقديم حلول لوزارة الصناعة لحل إشكالية المؤسسة، تم أخذها بعين الاعتبار وأدرجت ضمن قانون المالية 2019، غير أنّ الإيجابي الذي حقق، منذ إنشاء المجمع في سنة 2017، وضع وزارة متخصّصة في هذا المجال سنة 2020.
600 مجمع مدرسي
ويعتبر المدير العام لمجمع الطاقات الخضراء بوخالفة يايسي، البلديات أكبر مستهلك للطاقة الكهربائية على اعتبار أنّها من تدفع فاتورة أغلب المرافق على غرار المساجد والمدارس الابتدائية التي تقع تحت إشرافها، ونظرا لتكفلة الكهرباء التي تشكل عبئا على ميزانية الجماعات المحلية، تم التوجه لاستعمال الطاقات المتجددة (الشمسية)، مشيرا إلى أنه تم تزويد أزيد من 600 مدرسة على مستوى التراب الوطني بالطاقة الشمسية.
وأضاف ذات المسؤول، إنّ العملية يجب أن تعمم عبر المدارس الابتدائية والمساجد ومختلف المرافق التابعة للبلدية للحدّ من الاستهلاك الكبير للطاقة، وترشيد النفقات خاصة بالنسبة للكهرباء التي استهلكت ميزانية كبيرة عبر سنوات، ممّا جعلها عبئا على البلديات التي تجد صعوبة في تسديد الديون المتراكمة لمؤسسة «سونلغاز»، مشيرا أنّ المدارس يجب أن تستغل هذه الطاقة حتى في فصل الصيف، حيث يتوقف استعمالها بسبب خروج التلاميذ في عطلة.
700هكتار بحاجة إلى طاقات بديلة
وفي المجال الفلاحي، تدخل المجمع للمطالبة باستغلال 700هكتار من الأراضي الفلاحية الموجودة خارج شبكة سونلغاز، حيث قدم مقترح استعمال الطاقة البديلة سواء داخل المستثمرات ليستفيد منها الفلاح أو خارجها، من خلال الاستثمار بالقرب منها، ليتم بيعها للفلاح للانطلاق في مشاريعه الفلاحية، خاصة وأنّ الدراسات أثبتت أنّ انتظار التزود بالشبكة الكهربائية يكلف خسائر بقيمة مليار دولار من الإنتاج الفلاحي.
وأضاف أيضا «مشاريع الطاقة المتجدّدة في المستثمرات الفلاحية والمزارع، تحقق الثروة في المجال الزراعي عن طريق مؤسسات فاعلة في الميدان تنشئ مناصب شغل وتساهم في تطوير الاقتصاد الوطني «، كما تكتسي هذه المشاريع أهمية كبرى بالنسبة للفلاحين، لأنها تستجيب لحاجياتهم من الطاقة لمختلف استثماراتهم، وتمكنهم من ضمان الاستقلالية الطاقوية، خصوصا في حالة غياب الربط بالشبكة الكهربائية التقليدية.
وعليه، قال ضيف «الشعب»، إنّ مسألة إدماج الطاقات المتجدّدة في الفلاحة تحدّ حقيقي، خاصة في مجال الطاقة الشمسية بالجزائر، باعتبارها بديلا فعالا للمساهمة في الرفع من وتيرة الاستثمار الفلاحي.