مازال الشعب الليبي يتطلع إلى بلوغ مرحلة البناء المؤسساتي وتجاوز الانقسامات التي تؤجج الخلافات وتعطل من مسار العملية السياسية، التي لا خيار بديلا عنها لأنها الوحيدة القادرة على حمل مشروع الإصلاحات السياسية وأحلام الليبيين بوطن آمن ومستقر ومزدهر إلى بر الأمان، ومن ثم النجاح في إفراغ ليبيا من المرتزقة الذين يتغذون من العنف واللإستقرار، وبالتالي إجهاض الأطماع الخارجية وما أكثرها لأنه من مصلحتها أن تنحدر ليبيا إلى مستنقع من الفوضى لتحافظ على امتيازاتها ومصالحها وأطماعها.
طريق العنف لن يؤدي إلى حلول تصفي الأجواء، والبداية ينبغي أن تكون بضبط النفس والبحث عن مصلحة ليبيا أولا وأخيرا، أي عبر إسناد مهمة اختيار من يقود ليبيا في المرحلة الراهنة إلى الشعب الذي يمكنه أن يحسم في كل النزاع ويضع حدا للخلافات التي تجعل من المنافسة على التموقع في السلطة على أشده، وإن كان هذا التموقع مشروعا لمختلف الشخصيات والتيارات الحزبية، لكن لا ينبغي ان تكون تكلفته باهضة تتمثل في الأمن والاستقرار.
كانت ليبيا قد قطعت محطات متقدمة لبلوغ الشرعية التي تعد كفيلة لوضع حد للأطماع وتسقط معه الأقنعة، لأن عشر سنوات افتقدت فيها للسلم والوحدة كافية بخسائرها البشرية والمالية والدمار الذي عم في أرجاء البلاد كان مهولا ومفجعا، ويمكن استنباط من كل ما حدث، الدروس والعبر لتدارك الأخطاء، وعلى الليبيين الجلوس مع بعضهم البعض وإيجاد مفاتيح الحل التي ينبغي أن تكون ليبية بحتة يرسمون فيها معالم مستقبلهم بحكمة وذكاء وبعد نظر.
منع حدوث أي أزمة سياسية في ليبيا ممكن بفضل التجربة التي يملكها السياسيون والشخصيات المخضرمة الليبية، لأنها تتحلى بالوعي والفطنة وبعد نظر، وينبغي عدم التردد في تبني إطار دستوري للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، منذ ديسمبر الماضي، في أسرع وقت ممكن، لإزالة الضبابية ومنع محاولات خفية يخدمها تأزم الوضع وانزلاقه إلى ما لا يحمد عقباه.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.