التفاؤل كان أهم العوامل التي ساعدتها على النجاح رغم كثرة العثرات في مشوارها، إلاّ أنها واصلت العمل بكل عزيمة وإرادة إلى أن تمكنت من الصعود لمنصة التتويج وسلجت اسمها في اللائحة العالمية، إبنة مدينة الجسور المعلقة قسنطينة الملاكمة، إشراق شايب، التي فازت ببرونزية بطولة العالم التي جرت بتركيا مؤخرا، تروي لنا في هذا الحوار الخاص بعدد اليوم من “الشعب ويكاند” مسيرتها مع رياضة الملاكمة التي انطلقت في 2015.
«الشعب ويكاند”: كيف كانت انطلاقتك مع عالم الرياضة؟
«إشراق شايب”: البداية كانت مع عالم كرة القدم حيث كنت أحب كثيرا هذه اللعبة لأنني كنت أتردد على الملاعب مع والدي الذي كان لاعب كرة قدم، كان حينها سني لا يتجاوز 8 سنوات كنت ألازمه في كل خرجاته الأمر الذي جعلني أتأثر كثيرا لهذا الاختصاص إلى درجة أننى كنت ألعب مع شباب الحي، فقام بتسجيلي في إحدى الفرق القريبة من البيت وكانت مدربتي نادية وكانت دائما تشجعني على المواصلة لكنني لم أتمكن من ذلك لأنه في تلك الفترة الفتيات لم تكن تلعبن بجدية الأولاد، الأمر الذي جعلني أنزعج لأنني أحب الصرامة التي ورثتها من أبي وتحدثت إليه بهذا الخصوص، حيث أبعدني عن الكرة ونفس المدربة أي نادية قامت بتجريبي في رمي الجلة فنجحت وحققت نتائج إيجابية فيما بعد، إلا أنني لم أواصل لأنني كنت صغيرة في السنّ ولا أستطيع الابتعاد عن البيت لفترة طويلة وتوجهت بعدها للملاكمة التي كانت آخر محطة.
– هل رياضة الملاكمة كانت اختيارك لوحدك؟
مثلما سبق لي القول كنت قريبة كثيرا من والدي لأنني أصغر عنصر في البيت وكنت أرافقه لقاعات تقوية العضلات الأمر الذي سهل أمامي مهمة دخول عالم الملاكمة، والتي كانت اختيار أبي لأنّه هو سندي ومرافقي بما أنه أدرى مني ولديه خبرة ونظرة أوسع وقرر أن استقر في اختصاص الفنّ النبيل رفقة المدرب سمير مخلفي لأنه كان صديق مقرب له وهذا الأخير لديه خبرة طويلة وأبي وضع فيه ثقة كبيرة كي أنجح في بقية مساري، ومن هنا كانت الانطلاقة، أي سنة 2015 مع نادي نجم حمى بوزيان، حيث حققت معه عدد كبير من الألقاب وتمكنت من الوصول للمنتخب الوطني وبلوغ العالمية، لأنني وجدت كل ما كنت أرغب فيه مع هذا المدرب والفريق ولكن يبقى الفضل الأول والأخير لأبي الذي أحسن توجيهي منذ البداية.
– ما هي أهم المحطات خلال مشوارك على الصعيد المحلي؟
حققت عديد الإنجازات رفقة فريق نجم حامة بوزيان وبإشراف المدرب سمير مخلفي الذي مازال يرافقني إلى يومنا هذا وبفضله حققت كل هذه النتائج، البداية كانت في موسم 2015/ 2016 فزت بلقب البطولة مع الفريق الثاني في المنافسة التي نظمت بسطيف وبعدها تحصلت على كأس الجزائر بقسنطينة في نفس الموسم، كما نلت الثنائية سنوات 2017، 2018، 2019، ولكن بعدها توقف كل شيء بسبب الجائحة الصحية وانتشار وباء كورونا إلى غاية عودة المنافسة الموسم الحالي، لكني لم أتوقف عن العمل الفردي رفقة مدربي سمير أين كنت أعمل بإمكانيات جد متواضعة إلى درجة أنني استخدمت عجلات السياراة، لكني لم افشل يوما بل كل مرة يزداد طموحي وعزيمتي في تحقيق الأفضل لأنه إذا دخل الشك لنفسيتي أو توقفت عن التدريبات سيكون من الصعب تدارك الوضع، بينما المستوى العالي يتطلب استمرارية وجدية وصرامة وكنت دائما اتلقى الدعم والنصائح من مدربي واسرتي الأمر الذي جعلني أحقق هذه النتائج.
– ماذا عن الصعيد الدولي والتحاقك بالمنتخب الوطني؟
تلقيت أول دعوة للمشاركة مع المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة كان حينها مراد مزيان مديرا فينا للاتحادية وكان شيوب مدربا رفقة بن قادي، وشاركت معهم في بطولة أفريقيا التي جرت بالمغرب وتحصلت على الميدالية الذهبية في وزن 75 كلغ هذه النتيجة سمحت لي بالتأهل للألعاب الأولمبية للشباب التي كانت في الأرجنتين سنة 2018 حققت خلالها المركز الرابع، وقبلها شاركت في بودابست في دورة دولية حيث خرجت من الدور ثمن النهائي، لكن لم أشارك في الألعاب الأفريقية للشباب التي كانت بالجزائر بسبب إقصائي من قائمة المعنيين ولم افهم السبب في ذلك بالرغم من أنني كنت متواجدة مع التعداد في القرية الأفريقية لاتفاجأ بعدم وجود اسمي لكنني لم افشل وواصلت العمل، وبعد العودة من أولمبياد الشباب تم استدعائي لأحضر رفقة الأكابر سنة 2019 وبما أنّ سني لا يسمح لي بالمشاركة في المنافسات الرسمية اكتفيت بالتحضير فقط مع الآمال رفقة المدرب عبد الغني كنزي.
– ما هي أبرز المحطات التي تبقى راسخة في ذهنك لحدّ الآن؟
كل المحطات مهمة بالنسبة لي لأنّها مراحل سمحت لي بتطوير إمكانياتي وتعتبر جزء من مساري لأنني دائما أعمل بجد ولا أحب التهاون، ودائما أطمح للتألق وتحقيق أفضل النتائج ومع انضمامي للأكابر، حيث كان مراد مزيان دائما يلح على تواجدي مع التشكيلة الاحتكاك مع الكبريات وأخذ خبرة أكبر وبالفعل تعلمت منهم الكثير على غرار روميسة بوعلام وإيمان خليف لأنهما دائما تساعدنا خلال العمل وتقدمان لي النصائح، وبالفعل لم يذهب ذلك الجهد بل تجسد من خلال كسب ورقة التأهل للألعاب الأولمبية التي جرت بطوكيو، حيث كنت آخر ملاكمة تحقق ذلك ضمن المجموعة خلال البطولة الأفريقية التي جرت بالسنغال في فيفري 2020، وكانت أول مرة تتواجد فيها الملاكمة النسوية الجزائرية في هذا الحدث الرياضي الكبير وكنت أصغر رياضية في الوفد عمري لا يتجاوز 20 سنة، وبالرغم من أنّني خرجت من الدور الأول إلا أنّها كانت محطة جدّ مهمة في بقية مساري الاحترافي، حيث اكتسبت خبرة وكانت لي نظرة حول المستوى الأولمبي الذي يختلف تماما عن باقي المنافسات، كما أني كنت قريبة من أبطال كبار الأمر الذي أثر بشكل إيجابي على معنويات ودفعني للاجتهاد أكثر وأدركت أنّه لا شيء مستحيل.
– كيف كان شعورك بعد التتويج ببرونزية البطولة العالمية بتركيا؟
الشعور لا يوصف فرحت كثيرا بهذا الإنجاز الذي أهديته لبلدي بالدرجة الأولى وخاصة رئيس الجمهورية وكل المسيرين والمدربين الذين قدموا لنا الدعم والإمكانيات لكي نحقق هذا الإنجاز، لأنه ليس بالأمر السهل التتويج بميدالية ضمن بطولة العالم، لكن الحمد لله وبعد عمل كبير وتضحيات تحقق الحلم خاصة أنني غيرت الوزن من 75 كلغ إلى أقل من 66 كلغ بطلب من المدرب شعوة، ولم أيأس يوما رغم أنّي كنت أخرج من الأدوار الأولى إلى أن جاء اليوم الذي تحقق الحلم خلال بطولة العالم التي جرت بتركيا من 6 إلى 20 ماي 2022، ويجب أن أتطرق للعمل الذي قام به جل المدربين خاصة في الجانب المعنوي، حيث كان عملا كبيرا في تشجيعنا خاصة بعد خسارة روميسة بوعلام لأننا جميعا كنا واثقين من قدرتها على التأهل للمربع الذهبي، إلا أنّ الأمور كانت مخالفة تماما ما أثر علينا أنا وإيمان خليف، لكن رفعنا التحدي وتمكنت أنا من إحراز البرونزية وإيمان الفضية وكانت قريبة من نيل الذهب، لكن الأهم أننا حققنا إنجاز تاريخي ليس فقط في الجزائر بل على المستوى العربي والأفريقي.
– ما هي أهدافك المستقبلية؟
عملنا كثيرا في السنة الحالية لأنّها كانت مليئة بالمواعيد الدولية، حيث قمنا بعدة تربصات داخل وخارج الوطن بكل من تيكجدة، تيارت، العاصمة، اسبانيا، صربيا، وبعد الميدالية البرونزية في بطولة العالم اطمح المواصلة في اثراء سجلي الخاص وتشريف راية بلدي خلال الألعاب المتوسطية بوهران 2022 التي تعتبر محطة جد هامة بالنسبة لي لأنني أطمح لإسماع النشيد الوطني أمام الجماهير الجزائرية التي ستكون حاضرة، ما يعني أنّ التتويج سيكون له طعم خاص ونحن جاهزون لهذا الحدث بعدما تم إدراج الملاكمة النسوية خلال طبعة وهران، ونحن نعمل مع المدربين والمحضر البدني والخبير الكوبي الذي قدم لنا الإضافة دون أن أنسى مدربي سمير مخلفي الذي يعد سندي ودائما يتواصل معي سواء داخل الوطن أو خارجه، بدليل أنه لم يكن بالأمر السهل تغيير الوزن من 75 كلغ إلى أقل من 66 كلغ لولا تشجيعات المدربين ودعمهم لي رفقة زميلاتي إيمان وروميسة وفتيحة، كما أني ضحيت بدراستي ولم أشارك في امتحانات شهادة البكالوريا بسبب ارتباطاتي مع المنتخب الوطني رغم إصرار والدتي على ضرورة التركيز على الدراسة لأنّها أستاذة لكنّني لم أستطع التوفيق بين الدراسة والرياضة وفضلت الرياضة على أن أعود للدراسة مستقبلا.