تركت زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى إيطاليا، أثرا جد إيجابي. فقد كانت ناجحة على أكثر من صعيد، ناهيك عن حملها لرسائل عديدة.
أول رسالة موجهة لكثير من الأطراف في المنطقة المتوسطية، هي أنه بالرغم من ظروف التنافس غير النزيه والتسابق المحموم والتصادم والتطاحن الذي يميز عالم اليوم، هناك دول لازالت تحترم بعضها البعض، وتتعاون بصراحة ووضوح وتتقاسم المنافع فيما بينها وتطور الروابط بين شعوبها.
ثاني رسالة مفادها، أن الأنانية والمناورة والأطماع والابتزاز الدبلوماسي والإنكار، أساليب لا تفيد في شيء، سوى إضاعة الوقت وافتعال الأزمات الدبلوماسية والتوترات التي لا تنتهي ولن تجبر أبداً دولة ذات سيادة على التعامل خارج مصالحها.
كثير من دول المجموعة الأوروبية، ستسعى، بلا شك، لمعرفة السر وراء بلوغ مستوى العلاقات الجزائرية الايطالية هذا المستوى العالي جدا، غير أن الإجابة واضحة وتم ترديدها أكثر من مرة، فالمحدد المعنوي هو الأساس الأول لما بلغه البلدان اليوم، فلا تنكر الجزائر فضل إيطاليا وجميلها أثناء وبعد الثورة التحريرية، فيما تقدر إيطاليا خصال الوفاء والجدية التي تطبع الجانب الجزائري، حتى في أشد الظروف صعوبة.
في المقابل، لا تتوقف الجزائر عن إصابة دول ومتابعين بالذهول، لما تتخذه من يوم لآخر من قرارات، وما ترسمه من خيارات في السياسة الخارجية، فاتفاقيات الطاقة بين عملاقي النفط سونطراك وإيني، مفاجئة جدا ولم تكن متوقعة لدى أطراف أخرى تفضل المراوغة والحسابات.
وجوهر الرسالة من كل ذلك، أن الجزائر تملك لوحدها قرارها في اختيار شريكها الاستراتيجي، بناء على ما تراه مناسبا لمصالحها الوطنية. وبرهنت على امتلاكها مخزونا وافرا من السخاء في تطوير الشراكة الرابحة، ومثال ذلك توقيعها بروتوكول اتفاق يتيح لإيطاليا من خلال مشاريع تشاركية جديدة بتوزيع فائض إنتاج الغاز الجزائري نحو أوروبا، وفقا لقواعد السوق.
ولن يكون غريبا، أن تتحول الجزائر العاصمة في الأيام القليلة المقبلة إلى محج دبلوماسي، لكثير من الوفود الأجنبية التي ستأتي بتصورات ورؤى جديدة كليا لما كان عليه الأمر في السابق.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.