بلغ عدد الأيام العالمية والمحلية التي تخصّص لاحتفاليات أو ذكريات أو أشياء أخرى، ما مجموعه 618 يوما بالتمام والكمال، ما يعني أن اليوم الواحد من كل عام طبيعي، قد يمثّل احتفاليتين أو أكثر، وفق مقتضيات حاجة صاحب العولمة. فالبارحة، مثلا، احتفلت بلدان بيوم الطفولة، بينما احتفلت بلدان أخرى بيوم الآباء، أما يومنا هذا، فهو مسجّل باسم الذين يحتفلون باليوم العالمي لاضطرابات الهضم ومشاكل القولون، مع أولئك الذين يحتفلون باليوم العالمي للسياحة المسؤولة والمحترمة، بينما يحتفل كثيرون غدا باليوم العالمي لـ»الدّراجة».. وهكذا دواليك..
والحق أن الحياة ينبغي أن تكون احتفالا يوميا، فكلّ يوم جديد، إنما هو فرصة تتاح لمن يحياه، كي يقدّم الأفضل لمن هم حوله.. هذا على مستوى مثالي طبعا، أما على المستوى الواقعي، فإن صاحب العولمة ينبغي أن يفكّر في احتفالية يخصصها للاحتفال بالأيام العالمية مجتمعة، وهذه ينبغي أن تكون مفتوحة على أمجاد العولمة، وتذكّر المهمّشين في الأرض بأن هناك كثير من «الشّجعان» يتدخّلون في أسلوب معيشتهم، ويفرضون أنفسهم على مأكلهم ومشربهم، ويقترحون لهم منظوماتهم التربوية، وبرامجهم التعليمية، ويحكمون خناقهم بوسائل الإعلام ووسائط التواصل تارة، وبالبورصات تارة أخرى، وهم في كلّ الحالات، لا يلهجون إلا بذكر «الإنسان» وسموّ مكانته، وعلوّ قيمته، حتى حين يذيقوه الأهوال، بسبب دين أو لغة أو لون..
العالم كان أوسع قبل العولمة.. وكان أجمل قبل العولمة، وكان أكثر إنسانية قبل هيمنة صاحب العولمة، فلماذا لا يفكر هذا الجبّار، في إنشاء يوم عالمي لتذكر العالم الأجمل.. عالم لا يحتاج إلى مؤسسات تنبت كالفطر.. هذه باسم «حقوق الانسان»، وتلك باسم «حقوق الألوان»، وثالثة باسم الحفاظ على الأوزون.. ومؤسسات كثيرة أخرى، لا تضيف إلى العالم غير البؤس..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.