دعا أعضاء جمعية جوزيت وموريس أودان، الأساتذة والباحثين الجزائريين، للعمل معا على كشف حقيقة جرائم فرنسا التي اقترفتها ضد بعض المناضلين والمدنيين الجزائريين، وحتى الأوروبيين الذين ساندوا الثورة.
أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أن القطاع يعمل بالتنسيق مع مختلف القطاعات والهيئات والجماعات المحلية على البحث، وأكتشاف رفات الشهداء التي سبق إعادة دفن عشرات الآلاف منها، صونا لكرامتها، كان آخرها ضمن الحملة الوطنية التي أطلقتها الوزارة في شهر نوفمبر الماضي، والتي عرفت دفن أكثر من 1200 رفات الشهداء عبر مختلف ربوع الوطن، وذلك في ندوة تاريخية بالمتحف الوطني للمجاهد، اليوم،بمناسبة الذكرى الـ65 لإغتيال موريس أودان.
وأضاف ربيقة: “سنواصل ضمن هذا المسعى النبيل بإستغلال الأبحاث والأعمال العلمية، والشهادات الحية للتعرف على مكان وجود رفات المناضل موريس أودان، وكل مفقودي ثورة التحرير الوطني الذين يعدون بالآلاف، فقدوا خلال تلك الفترة فرادى وجماعات”.
وصف وزير المجاهدين، المناضل أودان بالرجل العظيم وأحد رموز الثورة التحريرية، الذي اختطف يوم 11 جوان 1957 من طرف القوات الإستعمارية وإغتيل بعد تعرضه لأبشع أنواع التعذيب.
وقال: ” سيحفظ له التاريخ مدى شجاعته، وإلتزامه وإصراره، وسيبقى إسمه على مر الأجيال محفورا في ذاكرة الشعب الجزائري، معترفا بجميل صنيعه تجاه الثورة التحريرية التي تبناها فكرا، ومنهجا وضحى من أجلها بنفسه”.
وأضاف الوزير: “هذا هو المناضل الشريف، الذي أمن بالجزائر وبحق الإنسان في الحرية، من أكبر المناهضين للإستعمار، كان سندا للثورة التحريرية في أدق مراحلها، فهو من الكبار الذين وضعوا للحياة تصورا خاصا في بعدها الإنساني السامي الشامل، وضحوا من أجل القضية التي أمنوا بها، فانتصروا لها وكابدوا في سبيل تلك المواقف المشرفة ألوانا من الظلم والحيف الإستعماري.”
واعتبر ربيقة، المناضل موريس أودان الذي اختار الجزائر وطنا وقضية، من مفقودي ثورة التحرير الوطني، وقال: “هو الملف المرتبط بالذاكرة الوطنية التي تبقى متابعته مستمرة، تحوطها أقصى درجات الجدية والمثابرة”.
في هذا السياق، ذّكر وزير المجاهدين برسالة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بمناسبة الذكرى الـ60 ليوم النصر يؤكد فيها أن جرائم الإستعمار البشعة لن يطالها النسيان ولن تسقط بالتقادم، وأنه لا مناص من المعالجة المسؤولة المنصفة والنزيهة لملف الذاكرة والتاريخ.
وجدد ربيقة، التأكيد على أن، هذه المسألة ستظل في صلب اهتمامات القطاع،الذي سيواصل استكمال مساعيه في استرجاع الأرشيف واستجلاء مصير المفقودين أثناء الثورة وتعويض ضحايا التجارب النووية وغيرها من القضايا، صونا لأمانة الشهداء.
ودعا الوزير المؤرخين والباحثين لتكثيف الجهود لتعميق الدراسات والأبحاث، حول المسيرة النضالية للرمز موريس أودان، لاسيما ما تعلق منها بظروف استشهاده، وأنجاز أعمال علمية رصينة تبرز نضاله في سبيل الحرية، والإستقلال، حتى تسهم مبادئه الإنسانية في دعم حركات التحرر للشعوب التي مازالت ترزخ تحت نير الإستعمار،قال ربيقة.
بيار أودان: والدي يمكنه أن يكون رمز استرجاع رفات المفقودين في الثورة
قال بيار اودان: ” جئت بطلب من وزير المجاهدين للبحث عن بقايا رفات والدي، الذي يمكنه أن يكون رمز استرجاع لباقي رفات المفقودين من أجل القضية الوطنية”.
وأبرز بيار أن،،والده ناضل في الحزب الشيوعي الجزائري، من أجل بلده وتماسكه،ومن أجل تنوع الثقافات ويعيش الجزائريون أحرارا وبكرامة مثل باقي المواطنين.
وأعرب رئيس جمعية جوزيت وموريس اودان، بيار مونصات،عن سعادته لتقديم مداخلته في المتحف الوطني للمجاهد رمز الذاكرة وتاريخ الجزائر.
وقال: ” نشكر حفاوة الاستقبال في الجامعات والمدارس والسلطات الجزائرية، والمؤرخين والرياضيين وقدماء المجاهدين والمجاهدات، ومناضلي حقوق المرأة والمجتمع المدني والمثقفين،جمعيتنا تكافح منذ سنوات للوصول إلى حقيقة اغتيال موريس اودان، و المئات من المفقودين والجرائم الاستعمارية الممارسة على الجزائريين”.
وأضاف: ” ندافع من أجل مد الجسور بين الشعبين الفرنسي والجزائري ، والعلاقة بين المؤرخين ، اختيار المجئ للجزائر بمناسبة الذكرى الـ60 للاستقلال هو اختيار جيد،يسمح بفتح فضاء للحوار والتعاون والأخوة”.
وأكد مونصات أن، المعركة متواصلة للبحث عن رفات موريس اودان، ليكون أمل لمئات العائلات التي تعاني من ظروف اغتيال أقاربهم، وتنقل لجيل بعد آخر ألام الجثث التي رميت في أماكن مجهولة،وأشار أن الجمعية طالبت من الحكومة الفرنسية للضغط على العسكريين القدماء لتقديم شهادات وتقديم أرشيفهم الخاص.
مونصات: على قدماء العسكريين الفرنسيين تسليم أرشيفهم الخاص
وقال: “يجب أن يسلموا الأرشيف العسكري خلال حرب التحرير إلى الجهات المعنية، مثلا الجنرال ماسو رحل مع أرشيفه وزوجته ترفض تقديم الأرشيف، نواصل عملنا في البحث والتعاون، فيما يخص استعمال الأسلحة الكيميائية ضد سكان الجنوب”.
تطرق المؤرخ كريستوف لافاي الباحث في التاريخ والمتخصص في مجال الغازات السامة، إلى الأسلحة الكيميائية التي استعملتها فرنسا بكثافة في المغارات والكهوف خلال الثورة التحريرية، نتج عنها عديد المفقودين الجزائريين.
وتحدث المؤرخ عن تقنية جديدة تتمثل في تحليل الحمض النووي، ومحاولة إحصاء تلك المغارات والأماكن الموجودة تحت الأرض من أجل تحديد هوية المفقودين.
وللإشارة، كرم نجل موريس أودان ووالدته المتوفاة بوسام وشهادة إعترافا لنضال موريس أودان، وكرم أيضا أعضاء جمعية جوزيت وموريس أودان.