أطلق برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، أمس، في تقرير مشترك، صفارة الإنذار من تفاقم الجوع عبر عشرين منطقة وصفتها المنظّمتان بأنّها «بؤر ساخنة»، وأنّها يمكن أن تُضاعف أعداد الجائعين الذين قدّرت أنهم يمثلون حاليا سبعمائة وخمسين ألفا، لا يجدون حتى خشاش الأرض، لتدعو في الأخير إلى «الحذر»، وتمرّر ضمنيا دعواتها إلى المتبرّعين عبر العالم كي يهبّوا إلى نجدة الجياع، والاضطلاع بواجبهم الإنساني تجاه ضحايا (البؤر السّاخنة)..
والحقّ أنّنا أردنا أن نحسّ بشيء من «الحذر»، وإن كان لا يغني أمام القدر، ثم اكتشفنا أنّنا لا نملك أيّ وسيلة كي نحذر؛ ذلك أنّ «الحذر» هو حق حصري لمن يملك وسيلة تجنّب المحذور وتجاوزه، أما «الحذر» ممّا هو واقع لا محالة، فهو نوع من التّدرب على القبول والرضى، والاقتناع بأنّ الحياة دقائق وثوان، وأنّ المنظمات الإنسانية – وهذا هو الأهمّ – إنّما تشتغل لصالح الانسان، وتحرص على سعادته، وتبادر إلى إنقاذه بـ «تبرّعات» جياع محتملين عبر العالم، قد يتحوّلون في رمشة عين إلى ضحايا سخونة البؤر..
وتعلم المنظّمتان أنّ ما تصرفانه على إعداد التقارير والإشهار، يعدل ما يمكن أن يطعم قارتين كاملتين، تماما مثلما تعلمان أنّ مسألة مكافحة الجوع غير متعلّقة أصلا بالتبرعات والهبات والصّدقات، وإنّما تقتضي حلولا جذرية تمنح (البؤر) شيئا من الاعتدال في الحرارة يسمح للإنسان بأن يتقوّت بما يتوفر لديه، وهما تعلمان علم اليقين، أنّ «السخونة» صناعة غربية محض، وأن كلّ المجاعات هي نتائج طبيعية للعبث الغربي عبر أنحاء الكرة الأرضية، ونتائج طبيعية لأطماعه، ورغبته في التهام مقدّرات الأمم؛ وعلى هذا، كان ينبغي التحذير مما يُعدّ الغرب من حروب لبقية العالم، أو تحذّر – بأضعف الإيمان – من السّمنة التي تصيب الأمريكان..فهذه يمكن تفاديها..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.