هناك سلوكات بذيئة يقترفها مساكين من الخلائق، تجعلنا نتساءل إن كانوا يتطوّرون فعلا في التاريخ، أم أنّهم لا يتركون سانحة كي يمارسوا التّدهور بكل أشكاله، بل ويمعنون في الانهيار أخلاقيا دون أن يشعروا، مجرّد شعور، أنّ ما يقومون به ينافي الأخلاق، ويعادي المصلحة العامة، بل إنّه يصيبهم هم أنفسهم بما لا يرضون..
والحقّ أنّنا فجعنا بأخبار بعض الذين ما زالوا يصرّون على «الغش» في الامتحانات، ويحرصون على الحصول على المواضيع المقترحة كي يقدّموها لخاصة أبنائهم، وكأنهم بهذا السلوك المشين، يقدّمون صورا نموذجية عن الأبوّة الصّالحة، أو أنهم يرغبون في رؤية أبنائهم ناجحين، حين يحصلون على شهادات لا تعبّر عن مستوياتهم، بحكم أنّها تكون أصلا مغشوشة..
ولحسن الحظ، أنّ مصالح الأمن، والكثير من الإداريين الصالحين، يتصدّون في كلّ مرة لمحاولات الغشّ البائسة، ويوقفونها في الوقت المناسب كي يضمنوا سلامة الامتحانات، وينال الغشاشون العقوبات الملائمة لما يعتمل بنفوسهم، غير أنّ العجب العجاب، هو أن الغشاشين لا ينتهون، وإنّما يطلعون كلّ عام من أجل ممارسة تدهورهم الأخلاقي، ولا يستفيدون ممّا سبق من دروس واقعية، انتهت بجميع الغشاشين إلى ما وراء القضبان، وهو ما يعني أن الغشاش لا يفتقد إلى الحس الإنساني فقط، وإنما يفتقد كذلك إلى منطق عقلي مستقيم، فلو كان ذا عقل لارعوى، ولعلم أنّه حين يوفر ورقة امتحان لابنه، فهو يغشّ ابنه بالدّرجة الأولى، ولا ينال كيده أحدا غير ذلك الذي يعتقد أنّه يفعل به خيرا..
على كلّ حال، نعتقد أنّ ظاهرة الغشّ تراجعت كثيرا مقارنة بالسنوات الماضية، لكن طبيعة الحياة تقتضي وجود بعض الحمقى الذين يعتقدون أنهم يفتحون الفتوح حين يغشون امتحانا، وهؤلاء سيجدون، على الدّوام، من يتصدّى لهم بصرامة..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.