استثمارات هائلة أنجزتها الدولة للنهوض بالصحة والارتقاء بمؤسساتها إلى المعايير المطلوبة، وحقيقة تجسدت بمكاسب لا يمكن إنكارها. غير أن هناك مناطق ظل لا تزال تحتاج الى متابعة ومعالجة لاستكمال حلقات السلسلة الصحية العمومية، فتستعيد بريقها الضائع، في وقت يتمدد فيه القطاع الخاص بخدمات لا مكان فيها «للمجانية».
مؤخرا، مواطن رزق بمولود بمصلحة الولادة لمستشفى الحمامات، فانتشى فرحا شاكرا الفريق الطبي، قبل أن يصدم بعدم وجود جهاز الكشف بالموجات فوق الصوتية (إيكوغرافي) خاص بالمواليد الجدد لمعاينة حالة حرجة لابنه، فانقلب الفرح إلى هلع وخوف، خاصة وأنه طُلِب من المواطن البحث عن مكان بأحد المستشفيات..
وبدأت رحلة المعاناة، من مستشفى مصطفى باشا إلى بلفور، مرورا ببئر طرارية وصولا إلى بني مسوس، لكن دون جدوى، نفس الجواب، لا يوجد مكان، فكانت الحيرة وضاقت الدنيا، ولم تنفع اتصالات بهذا وذاك حتى بأناس من الوزارة المعنية، اكتفوا بطلب إرسال ورقة التوجيه الطبي..
بالطبع، ولأن ليس للصحة ثمن وما بالك بمولود يرى النور بعد طول انتظار، لم يكن من خيار سوى التوجه إلى طلب خدمات القطاع الخاص، وحتى سيارة الإسعاف الخاصة تدبر المواطن أمرها بنفسه بمقابل… وكان ذلك بأن يتجه طواعية إلى عيادة الحديث فيها بمقابل وأي مقابل..
قبل أيام سمعت وزير القطاع يضرب أخماسا بأسداس، بأن الصحة، خاصة الأمومة والطفل، خط أحمر وأن ليس من مجال لأي تقاعس أو تهاون. لكن بين القول والفعل بون شاسع، فلا تزال على مستوى مستشفياتنا الحاجة إلى طلب دعم هذا ومساعدة من هذا ذلك.. والسؤال كيف لمؤسسة بها مصلحة ولادة لا تتوفر على جهاز كشف خاص بالمواليد الجدد، وهل طبيعي أن يبحث المواطن عن مكان لمولود هام كما هو مفترض أن تقوم المؤسسة بذلك فتسعى وتجتهد..
بصراحة عمل كبير ينتظر إصلاح الوضع لتثمين ما هو موجود وهي مسألة تنظيمية أكثر من كونها شيئا آخر، خاصة مع الرقمنة، فلا يحس المواطن انه يدفع مكرها إلى اللجوء للقطاع الخاص؛ أمر يثير تأويلات كثيرة تسيء لقطاع الصحة العمومية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.