انتهت حملة الاستفتاء على تعديل الدستور بعد 21 يوما من نشاط تحسيسي غايته إقناع المواطن المتردد بالتجاوب مع مسار تغيير لاستكمال إقامة دولة وطنية تستند إلى سلطات ومؤسسات تتنافس على إدارتها كفاءات لتقديم الأحسن والأفيد.
الحملة التي فتحت المجال للمعارضة لإبداء رأيها وتبرير موقفها، أجابت على السؤال الجوهري: لماذا التعديل في هذه الحقبة السياسية من تاريخ الجزائر المستقلة، وأي مقترحات كفيلة بعلاج اختلالات في ممارسات السياسة والعمل الديمقراطي الذي تتبارى فيه الأفكار وتتجادل الرؤى والمقاربات بالتي هي أحسن بعيدا عن الكراهية، التطرف والإقصاء.
ظهر هذا جليا خلال لقاءات قدّمت فيها قراءات تحليلية لمضمون مشروع تعديل الدستور، منطلق ورشات إصلاح عميقة لمنظومة حكم لم تعد تتجاوب وروح التغيير وتتكيف مع مسعى لتقويم والتجدد في ظل طغيان الشخصنة على إدارة دواليب الدولة واحتكار القرار السياسي. والنتيجة دخول البلاد في دوامة فوضى وانسداد وجدت مخرجها خيارات بديلة تعزّز دولة المؤسسات وتحصنها من أي انحراف وطارئ.
من هنا كان التأكيد في المرافعة للمشروع محل استفتاء يوم فاتح نوفمبر الداخل، على اعتماد دستور توافقي، عصري يحدث قطيعة مع ممارسات سابقة، ويقدم إجابة على انشغالات حراك مواطنة هتف بأعلى صوت في مسيرات سلمية للتغيير العاجل لمنظومة سياسية واقتصادية تجاوزها الزمن والإبقاء على حالها الستاتيكي الجامد، خطر يهدد ديمومة الدولة الوطنية نفسها.
جاءت مقترحات تعديل نصوص قانونية، لتكريس حقوق وواجبات لم تكن مدرجة في دساتير سابقة ظلت محل انتقاد بلا توقف، ووصفت بأنها «وضعت على المقاس». من الآليات القانونية والسياسية التي تؤسس لاستقامة منظومة حكم، تحديد العهدات الرئاسية والبرلمانية بعهدتين غير قابلة للتمديد تحت أي عذر أو حجة، تعزيز منصب الوزير الأول عند فوز الأغلبية البرلمانية الرئاسية وجعله مسؤولا أمام النواب.
يضاف إلى هذا، نصوص دستورية أخرى منها أبعاد وزير العدل والنائب العام لدى المحكمة العليا من تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء في سابقة غايتها تحرير العدالة من أملاءات وإكراهات فوقية أبقتها أسيرة سلطة لوبيات بدل سلطان قانون يعلى ولا يعلو عليه.