قلق كبير بات ينتشر في كل مكان بسبب الوضع الاقتصادي العالمي المستمر في التعقيد، وما يخيم من حالة ترقب ولا يقين، وكذا بوادر أزمة اقتصادية صعبة، ارتسمت ملامحها واتّضحت مؤشراتها عبر عاملين جوهريين، أوّلهما تلويح الأمم المتحدة بأزمة غذاء فادحة، شبّهتها بالقنبلة الموقوتة في قوة بطشها بالأرواح بسبب المجاعة التي تتهدّد العالم، عند الحديث عن الاقتراب من آثارها المدمّرة، إلى جانب أزمة طاقة عويصة وقاسية على الاقتصاد العالمي، سواء تعلق الأمر بالتموين بالطاقة أو بالأسعار.
قمّة السبع التي احتضنتها ألمانيا، كشفت عن حجم المخاوف التي تنغّص على زعماء العالم خاصة في القارة العجوز مسار استراتجيتهم، مع المخاطر المتعاظمة، حيث أعلنت ألمانيا بشكل صريح أن الجميع بما فيها الدول الصناعية الكبرى قلقة، بل وتتوقّع حدوث الأسوأ وتترقّب الاقتراب من اشتعال أزمة اقتصادية عالمية بسبب ضعف النمو وحدّة التضخم، الذي يمثل ضربة موجعة للاقتصاد العالمي، ولأنه من المبكر الحديث عن خطط تسمح بتلاشيها السّريع.
الوضع ليس على ما يرام، الحرب والجوع والأزمات متعدّدة والتوتر يكهرب العلاقات الدولية، وفوق ذلك المصالح تضغط على كل شيء، بل وتضرب بيد من حديد لتحقّق المزيد من الأطماع، عبر بناء تحالفات إقليمية ودولية جديدة، لا يهم إذا كانت متوازنة أو متكافئة، علما أنّ الدول المتقدمة وإن كانت اجتماعاتها المتتالية، ظاهرها البحث عن حلول للأزمات الاقتصادية والمناخية المشتركة، والإعداد لمستقبل الطاقة، لكن في الباطن هاجسها واهتماماتها تكتيكية وعسكرية، لأنّها تبحث في العمق عن أبعد من ذلك، أي من أجل حجز نقاط نفوذ وتفوّق لبسط قوتها وفرض قراراتها عبر الإملاءات على الدول، ومن ثم تصبح الآمر الناهي، تتحكّم حتى في خيارات الشعوب وتشد بقبضتها على الأسواق، حيث تحرّكها وفقا لرغباتها ومصالحها.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.