أثارت أسعار الكباش، أياما قبل عيد الأضحى، جدلا واسعا، بالنظر إلى الزيادات غير المبررة التي تشهدها سوق الماشية بأغلب ربوع الوطن. ففي الوقت الذي كثر فيه الحديث عن نقص الأعلاف وارتفاع سعرها إلى 5 آلاف دينار للقنطار، يؤكد الموالون الوفرة والدعم، مقابل فوضى كبيرة تشهدها الشعبة، بسبب الوسطاء أو ما يعرف “بالمضاربين”.
صرّح المربي ورئيس مزارع، قاسمي عبد القادر، أمس، خلال نزوله ضيفا على «الشعب»، أن عدد قطعان الأغنام في الجزائر ارتفع لأكثر من 31 مليون رأس، في حين قدّر عدد الأضاحي المخصصة للنحر بحوالي 4 ملايين أضحية، موزعة عبر 700 نقطة بيع معتمدة تتوفر على شهادات بيطرية. مشيرا بخصوص عمليات الذبح، أنها ستنخفض مقارنة بالسنة الماضية، بسبب ارتفاع سعر الأضحية بـ45٪.
الوسطاء وراء رفع الأسعار
قال «ضيف الشعب»، «إن ظاهرة ارتفاع أسعار الأضاحي استثنائية هذه السنة، حيث عرفت زيادات تقارب 50٪ في أسواق الماشية في كل ربوع الوطن، وبنسبة لا تقل عن 30 ألف دينار في الرأس»، مشيرا أن الزيادة سببها الوسطاء، المضاربون والدخلاء على المهنة الذين يستغلون الوضع لفرض أسعار خيالية.
أوضح في سياق موصول، أن الزيادات عادة تخضع للطلب المتزايد على كباش العيد، وتأتي مباشرة بعد انقضاء شهر رمضان، حيث يزداد الطلب بشكل كبير لتصبح الأسواق قبلة التجار، لكن استثناء هذه السنة، فإن الزيادة جاءت نتيجة الفوضى التي تشهدها شعبة تربية المواشي، خاصة في غياب الرقابة.
أضاف قاسمي بخصوص عمليات النحر خلال عيد الأضحى، أن السلطات خصصت ما بين 2 إلى 4 ملايين رأس، مشيرا أن الرقم يخضع إلى القدرة الشرائية للمواطن التي مازالت ضعيفة مقارنة بالسنوات الماضية بسبب لهيب الأسعار، غير أنها في المقابل تخضع لعامل تحسّن الوضع الصحي في البلاد، الذي يمكن أن يساهم في رفع عمليات الذبح.
قال في سياق آخر، إن ارتفاع الأسعار تسبّب في تعطيل سوق الماشية أياما قبل عيد الأضحى، حيث مازال السوق لم يشهد الحركية المعهودة التي تعكس الإقبال الكبير للمواطن، وهذا ما أكده بعض المواطنين خلال زيارتهم لنقاط البيع- بحسب المتحدث- حيث لاحظ عزوفا كبيرا يعكس المقاطعة.
700 نقطة بيع الأضاحي
اعتمدت وزارة الفلاحة بالتنسيق مع وزارة التجارة، 700 نقطة بيع الأضاحي في العديد من الولايات، وهذا لكسر الأسعار والقضاء على المضاربة، حيث يؤطر نقاط البيع 2400 طبيب بيطري وتقني في الصحة الحيوانية تابع للقطاع العام، يضاف إليهم 519 بيطري خاص يشارك في التأطير بصفة انفرادية، من أجل ضمان أضحية سليمة.
أضاف في ذات السياق، أن نقاط البيع المعتمدة تضمن توفير أضحية سليمة من البيع إلى النحر، كونها تخضع للمراقبة البيطرية، حيث دعت البيطرية هدى جعفري في هذا الخصوص، المواطنين التوجه الى نقاط البيع المعتمدة لاقتناء أضحية تتوفر على شهادات بيطرية وتفادي شراء الأضاحي من النقاط العشوائية التي تفتقر للبياطرة، مما يشكل خطرا على صحتهم.
أكدت الدكتورة في هذا الشأن، أن العملية تضمن عدم انتشار الأمراض بين الأضاحي، مشيرة أنها تتم بالتنسيق مع مصالح الأمن لضمان إجبارية الشهادة الطبية أثناء عملية نقل المواشي من المربي إلى الموال ثم إلى المواطن أو «المستهلك»، الذي يبحث دائما عن أضحية سليمة.
النحر غير الصحيح يسبّب أمراضا طفيلية
صرحت البيطرية وعضو بكنفدرالية المنتجين الصناعيين هدى جعفري، لدى حلولها ضيفة على «الشعب»، أن ثقافة التوجه إلى المذابح لنحر أضحية العيد غائبة عن تفكير الجزائريين، حيث يفضلون نحرها في ساحات المنازل أو في الأحياء، وهو ما قد يشكل خطرا على صحتهم، بالنظر إلى الأمراض الطفيلية التي قد تنجر عن عمليات الذبح غير الصحيحة.
قالت الدكتورة جعفري، إن العملية تتم بسبب العادات والتقاليد، حيث تفضل العائلات النحر في المنازل وكذا لدواعٍ دينية، في حين يمكن أن يستفيد المواطن من عملية الذبح وفق أطر أكثر أمنا وسلامة، وهذا بالنظر إلى الوسائل الصحية والطبية التي توفرها المذابح بداية من عملية الذبح إلى غاية السلخ.
وشددت المتحدثة على توفير وسائل الذبح من أجل الحفاظ على سلامة اللحوم، على اعتبار أنه في غياب الوسائل والطرق الصحية تصبح الأضحية مضرة لصحة المستهلك إلى جانب شروط الحفظ، حيث أشارت إلى الاستغلال الأمثل للجلود للحفاظ على البيئة والصحة العمومية، إلى جانب التخلص الصحيح من الأحشاء في حال إصابتها بالمرض تجنبا للعدوى.
وعليه، أكدت الدكتورة هدى جعفري ختاما، أن دور البيطري، لا يقتصر على عيد الأضحى وإنما طوال أيام السنة، لأن مهامه لا تنحصر في علاج وجراحة الحيوان المريض، وإنما لديه مسؤولية في مراقبة سلامة اللحوم والمذابح، على اعتبار أن أي خلل يمكن أن يضر بصحة المستهلك.