كلمة منيرة تلك التي أطلقها الرّوائي ياسمينة خضرة، وتحدّث فيها عن سبب اختيار اللّغة الفرنسية لكتاباته الرّوائية. فقد أوضح أنّه كان يحلم، وهو في مقبل الصبى، بأن يكون شاعرا كبيرا بمستوى المتنبي، غير أنّه لم يتلقّ أيّ تشجيع من أستاذ اللغة العربية، بينما وجد أستاذ اللغة الفرنسية يأخذ بيده، ويعينه، ويشحذ عزيمته على مواصلة الكتابة، ما جعل قريحته الأدبيّة تتفتح، فيخوض في مسارات الإبداع وفنونه، ويصبح كاتبا عالميا، بل يصبح الكاتب العربي الأكثر انتشارا في العالم.
ولم تكن هذه حال خضرة وحده، فالتاريخ يعجّ بأسماء أدباء وعلماء ورياضيين كبار لم يكونوا ليحقّقوا ما حقّقوه لولا التشجيع، فهذا توماس إيديسون يطرد من المدرسة بحجّة ضعفه، وتتكفل بتعليمه والدته، فيضيء العالم. وهذا ألبيرت انشتاين الذي ضجّ منه المحيطون به بسبب مشكلاته مع الحفظ والاستيعاب، ليأتي بعد الأخذ بيده، بأشهر القوانين الفيزيائية، ويحصل على جائزة نوبل. ومثلهما الروائي الكبير غابرييل غارسيا ماركيز الذي اضطرّ إلى ترك مقاعد الدّراسة بسبب فقره المدقع، ثم وجد اليد الحانية التي تولته بالعناية، فصار ماركيز بكل ثقل اسمه في عالم الأدب.
ولا تختلف الحال، في مختلف حقول المعرفة والإبداع، بل حتى في الفنون والرياضة، إذ نجد كثيرا من النوابغ لم يكن العالم ليحظى بهم، لولا عناية إلهية سخّرت نفوسا تتكرّم، وقلوبا تعطف، وأيدٍ تحنو..
وكان ينبغي لساحتنا الثقافية أن تستغلّ كلمة الروائي ياسمينة خضرة، فتوجّه إلى أهميّة «الكلمة الطيّبة» في الحياة اليومية، عوضا عن إهدار الوقت في تتبّع تصريحات مختلقة وأكاذيب مركّبة، فالحاجة ماسّة للبحث عمّا ينفع الأمة، ولنا أن نتصوّر عدد الموهوبين الذين ضاعوا علينا؛ لأن الأقدار لم تمنحهم من يُسمِعُهم «كلمة طيبة»..