3.5 مليار دولار صادرات البلاد خارج قطاع المحروقات في الأشهر الستة الأولى من هذه السنة.. هورقم يعكس حركية كبيرة في ملف التجارة الخارجية ومساعي تنويع وتوسيع مصادر دخل البلاد، تحقيقا لأبعاد مخطط الإنعاش الاقتصادي.
تُمثل الأرقام المسجلة في النصف الأول من 2022، حسب متابعين للشأن الاقتصادي، قفزة نوعية في ملف التجارة الخارجية، لم يسبق للجزائر وأن حققتها، وتؤشر إلى سنة إقلاع اقتصادي مثلما أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
رقم مرشح للارتفاع
يتوقع متابعون منحنيات تصاعدية لحجم وقيمة مكونات ما تصدره الجزائر نحوأسواق خارجية، انطلاقا من حزمة تدابير وتسهيلات اتخذت في آخر سنتين، في إطار إصلاحات اقتصادية هيكلية جاري تنفذيها تدريجيا وأخرى قيد التحضير، تمس قطاعات عديدة: الاستثمار، الجباية المحلية، قانون الصرف، العقار الصناعي، تشجيع المقاولاتية والابتكار واستحداث مؤسسات.. الخ، كلها تندرج في تحسين بيئة الأعمال.
تُظهر الإحصائيات الجمركية المعلن عنها الأسبوع الماضي، أن الصادرات خارج المحروقات (الطاقة والزيوت) بلغت 3.507 مليار دولار خلال السداسي الأول من 2022، مقابل 2.047 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة الماضية، أي بزيادة 1.5 مليار دولار مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
في تعليق على هذه الاحصائيات، يقول المختص في ملف التجارة الخارجية والرئيس السابق للجمعية الوطنية للمصدريين الجزائريين، علي باي ناصري، إن الرقم المسجل في الصادرات خارج المحروقات: ” رقم كبير لم يحدث في السابق حتى في سنة كاملة، وباستثناء السنة الماضية بلغت صادرات البلاد نحو5 مليار دولار”.
ما تجسد في النصف الأول من هذه السنة، حسب ناصري، يدفع إلى رفع تحديات اقتصادية كبيرة، أولها المحافظة على هذا الرقم وتعزيزه بتوسيع مكونات السلع الجزائرية الموجهة نحو التصدير.
قانون الاستثمار
وفق ناصري، قانون الاستثمار الجديد والحركية غير مسبوقة التي يشهدها ملف التجارة الخارجية، من عوامل تشجيع الأجانب على الاستثمار بالجزائر، ويقول في هذا الجانب: “قانون الاستثمار جاء في وقت مناسب، يجب أن نستغل هذا الرقم في جلب استثمارات تستهدف السوق الخارجي، مناخ الأعمال في القانون الجديد يساعد كثيرا على تجسيد هذا التوجه”.
ويلفت المتحدث إلى أن القانون لا يكفي وحده لتحقيق الأهداف، داعيا إلى العمل على بلورة إستراتيجية متكاملة تستقطب المستثمرين: “من بين المتطلبات الضرورية ما يتعلق بتسوية مشكل العقار الصناعي، هذا الأخير يعد من أهم عوامل تجسيد استثمارات تخدم اقتصاد البلاد.. الاستثمار عملية شاملة ومتكاملة”.
في هذا الشق، يقترح ناصري أن تكون البداية بتطهير العقار الصناعي الجاهز غير المستغل: “هذا النوع من العقار يسهل تجسيد المشاريع، نحن بحاجة إلى تخطيط وسياسة واضحة معالم لتسوية هذا الملف”.
ومن منظور المتحدث إلى “الشعب اونلاين”، التقليل من الاعتماد على عائدات المحروقات وتحقيق توازنات اقتصادية، يترتبط أساسا بتوفير بيئة أعمال تستقطب مشاريع تستهدف توسيع قائمة المواد والسلع الموجه نحو التصدير.
عموما، يحظى ملف التجارة الخارجية بأهمية بالغة من قبل السلطات العليا في البلاد، في إطار مقاربة اقتصادية متكاملة للإنعاش الإقتصادي، وهوما يتجلى في تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية، والشروع في إصلاحات شاملة يجرى تنفيذها تدريجيا، قصد تشجيع الإنتاج والتصنيع المحليين في جميع المجالات، والعمل أيضا على توفير فرص تنافسية لسلع جزائرية بالخارج.
دبلوماسية اقتصادية
ولعل من بين مرتكزات التوجه الاقتصادي الجديد للجزائر، توظيف الأدوات الدبلوماسية لتحقيق الأبعاد المرجوة، وهي رؤية ارتسمت معالمها أثناء مؤتمر رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الذي ترأسه الرئيس تبون شهر أكتوبر من السنة الماضية.
الخطاب كان واضحا في هذا اللقاء، تموقع دبلوماسي يخدم المصالح الاقتصادية متضمن في خارطة طريق تعتمد على ترويج وتصريف منتجات محلية وتعزيز تواجدها، إلى جانب استقطاب المستثمرين من خلال الترويج للضمانات الممنوحة لهم والأنظمة المطبقة على الاستثمارات خاصة المتعلقة بالتشريع الجديد.