يقدم أستاذ القانون العام أحمد دخينيسة، قراءة حول تصريحات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بخصوص مبادرة لم الشمل التي وضعها في خانة الامتداد لقوانين الرحمة، الوئام المدني والمصالحة الوطنية.
يقول الأستاذ دخينيسة، في اتصال هاتفي مع «الشعب»، إن الرئيس تبون وضع النقاط على الحروف بشأن مبادرة لم الشمل التي أضحت مشروع قانون، ينتظر أن يمر على مجلس الوزراء في الأيام القليلة المقبلة، بعد أن تم دراسته من قبل أعضاء الحكومة.
وأكد المتحدث أن الرئيس قدّم لهذه المبادرة بعداً مجتمعيا وجعلها ترتكز على أسس المصالحة التي تعد جزءاً من الدستور، وأصبحت أحد ركائز الإجماع وتفعيلها يجعلها سندا قانونيا وركنا من الثقافة السياسية التي يراد ترسيخها، لتكون موجهة للسياسات وتترسخ في الضمير الجمعي لمجتمعنا».
ويلفت الخبير القانوني، إلى أن مبادرة لم الشمل التي فصل فيها رئيس الجمهورية بإسهاب، سهرة يوم الأحد، تعد جزءاً من الإجماع الوطني الذي يبقى ركيزة للحمة الوطنية لتفادي عدم الانسجام وشرطا سياسيا ومجتمعيا دائما ومبدأً في السياسة الداخلية وحتى في السياسة الخارجية».
وفي جواب على سؤال حول مدى علاقة مبادرة لم الشمل بقوانين الرحمة، الوئام المدني والمصالحة الوطنية، يشير دخينيسة إلى أن المشروع يحمل نفس المنطق والأحكام تقريبا، ليتابع: «يتعلق الأمر هنا بتمديد الآجال التي انقضت بالنسبة لقانون المصالحة لتنطبق على أشخاص في نفس الأوضاع، حيث تؤهل قانونيا السلطات العمومية للبت في مصير عدد محصور، كما أوضحه بيان مشروع القانون، كما أوضحه رئيس الجمهورية».
ويواصل المتحدث في هذا السياق: «فلسفة المشروع سياسيا وقانونيا واضحة، والمعنيون محددون، ورئيس الجمهورية مكن عددا معتبرا للاستفادة من التدابير الخاصة لتشمل كل الأطراف، في بادرة تبرز إصراره على اندماج الجميع في مسعى ومسار وطني للم الجزائريين حول الرهانات الأساسية، ولرفع الغبن والإكراهات الموجودة في المجتمع».
ثقل الجزائر السياسي مفتاح للعرب
ولأن الجزائر تعول على لم شمل العرب خلال القمة العربية التي تعقد يومي 1 و2 نوفمبر المقبل بالجزائر، يبرز الأستاذ دخينيسة أن القيادة العليا في الجزائر تريد توحيد الصف العربي، وعملت على توسيع دائرة المشاورات في المنطقة العربية، بكثير من البراغماتية مع الثبات على المبادئ.
ويوضح دخينيسة، أن «ثقل الجزائر السياسي والثوري، يعد مفتاحا للأمة العربية لتجاوز التناقضات التي هي في الحقيقة انعكاس لتعقد الوضع الجيوـ سياسي والجيوـ اقتصادي في المنطقة بأسرها، وهذه خطوة هامة تصنعها الجزائر، بحكم المبادئ الثابتة مع تراكم التجارب والخبرة الدبلوماسية».
ويشير المتحدث، إلى أن «مصداقية الجزائر وترفّعها عن سياسة المحاور، توفر الشرط الضروري لنجاح المساعي، ولتكون القمة العربية المقبلة خلاصة لها، وتكون محطة لمرحلة نوعية تؤسس لإجماع عربي جديد قائم على المتغيّرات الجديدة على المستويين العربي والدولي، حيث ظهرت أقطاب وموازين قوى جديدة، يقتضي أخذها وإدماجها في أفق عمل عربي أكثر واقعية وأكثر فعالية».
ويتابع: «رئيس الجمهورية واع بواقع الوطن العربي وتعقد الأوضاع، لكنه يصر على لم الشمل، لأنه يرى المصير مشتركا وأن الوحدة شرط للحفاظ على الأوطان العربية، وكذلك شرط ضروري لاكتساب القوة بكل أبعادها بالنظر للتحديات، التي هي محرك لطموح جديد في ظل بروز مكامن قوة عربية بحكم رسوخ الوجود العربي حضاريا، جيو ـ سياسيا واقتصاديا».