إعلانات كثيرة تجتاح منصّات التّواصل الاجتماعي الجزائرية، تبشّر – في مجملها – بسكنات فارهة في أحياء راقية، وتعبّر عن اعتزازها بالقرب من البحر والميترو، ووجودها وسط مرافق الحياة الضّرورية من مساجد ومدارس ومستوصفات، وحتى مراكز الترفيه، وتزهو بأنّها توفّر لمن يسكنها مساحة للسّيارة، وأخرى للألعاب، بل وكثيرا ما تتجاوز ذلك كلّه إلى توفير المسبح وقاعة الرّياضة، حتى إن الواحد من قراء الإعلان، يحسّ بأنّه سيتعرّض إلى نوع من (الدّلال) لا طاقة له به، لكنّه سرعان ما يكتشف أن الإعلانات جميعها، على التفاوت في عروض المغريات، تتفق في نقطتين اثنتين لا ينالهما التّغيير، أولاهما: عدم التعامل مع البنوك، والثانية: كتمان السّعر، والاحتفاظ به حصرا للمراسلات الخاصة..
وإذا كنا نتفهّم «كتمان» السّعر، ونعدّه على التّخوّف من المنافسين الذين يمكن أن يسارعوا إلى تحطيمه، فإننا لا نجد أي تخريج موضوعي للإجماع على «عدم التعامل مع البنوك»، فالمفترض أن «البنك» مؤسسة مالية تضمن حقوق المتعاملين، وتمنح الممارسة التجارية ما تحتاج من الشفافية كي تضمن الطمأنينة للبائع والمشتري؛ ولهذا، تبدو لنا هذه النّقطة بالذات، مانعا صريحا للتسويق، لا نرى له أيّ مبرّر معقول، اللّهم إلا إذا كان للمستثمر رأي آخر في الموضوع.
وفي كلّ حال، لم تعد الأسعار التي يكتمها المشتغلون بالعقار، تخفى على أحد، فهي تصبح في حكم المشهور مع أول تصريح حصري بها، ومع ذلك يصرّ الجميع على (السّر والكتمان)، كي يكرّروا اللّعبة نفسها في اللّوحات الإشهارية نفسها، بالأسلوب السّاذج نفسه، دون أن يوضحوا السّرّ الكامن وراء إقصاء «البنوك» من هذه العمليات الاستثمارية الكبيرة، فهل يمكن أن تكون البنوك المعروفة مخيفة، بقدر المستثمرين المجهولين؟!.. هذا هو السؤال..