يرى الخبير الاقتصادي، محمد حميدوش، أن انضمام الجزائر لمجموعة “بريكس” ممكن عن طريق مقترح الصين الداعي لإعادة تحديد معالم بريكس لتشمل الاقتصادات النامية الأخرى، تحت اسم “بريكس بلوس+” لإقامة شراكة أوسع لتحويل المجموعة إلى منصة أكثر نفوذاً للتعاون جنوب-جنوب، وبإمكان الجزائر الانضمام لهذه المجموعة بدعوة من أحد أعضائها.
تحدث حميدوش، في تصريحات لـ “الشعب اونلاين”، عن تساؤلات عديدة طرحت حول مجموعة “بريكس” منها، كيف يمكن لبلدان بعيدة جغرافيًا ومختلفة ثقافيًا الوصول إلي برنامج مشترك قادر على تحقيق أهداف ذات مصلحة وطنية تصب في إصلاح النظام الدولي كمجموعة.
وأشار محدثنا إلى أن ظهور مجموعة “بريكس” جاء ضمن سياق بناء الخروج من عالم أحادي القطب وتعزيز منظور عالم متعدد الأقطاب، مع لعب دور دولي أكبر من أجل مشاركة أوسع في تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات المالية، مؤكدا أن هذه الدول تطمح لطرح برنامج إصلاح بعض المؤسسات الدولية، لزيادة مشاركتها في عمليات صنع القرارات الدولية التي تتوافق مع أهمية اقتصاداتها.
وفي السباق ذاته، أفاد الخبير الاقتصادي أن عمل مجموعة “بريكس” يأتي ضمن موقف دبلوماسي إصلاحي، وليس كمعطل للنظام العالمي الحالي، ففي سنة 2008 عرضت الدول الحاجة إلى إصلاح الأمم المتحدة لجعلها أكثر قدرة على التعامل مع التحديات العالمية الحالية بشكل أكثر فعالية. وفي العام الموالي صرّح أعضاء التكتل أن مجموعة العشرين “G20″ من شانها أنها تلعب دورًا مركزيًا في الحوكمة العالمية” لأنها “المنتدى الأول” للتنسيق والتعاون الاقتصادي الدولي.
وأكدت دول “بريكيس” أن “G20” كان الكفيل بحل الأزمة المالية العالمية التي كانت في تلك الفترة وليس الدول الغنية G7، والذي لا يمكن له من أن يكون منتدى مختص للتعامل مع الأزمات الاقتصادية والمالية.
إصلاح المؤسسات المالية
دعت دول “بريكس” بإعلان مشترك صادر عن القمة الأولى إلى طرح إصلاح المؤسسات المالية الدولية بإعتبارها أحد أهدافها، لتعكس التغييرات التي حدثت في الاقتصاد العالمي، واقترحت تدابير ملموسة لهذه التغييرات، بحيث يجب أن تتمتع الاقتصادات الناشئة والدول النامية بسلطة تمثيل أكبر في المؤسسات الدولية، ودعت إلى اختيار قادتها ومسؤوليها من خلال عملية اختيار مفتوحة وشفافة وقائمة على الأدلة.
ومنذ إنشاء المجموعة الاقتصادية عملت على توسيع عملها على محورين، الأول يقوم على التنسيق في الاجتماعات والمنظمات الدولية، والثاني يقوم على بناء برنامج تعاون متعدد القطاعات بين أعضائها والتي فضلت فيه الحوكمة الاقتصادية والمالية، من خلال إعطاء الأولوية للتنسيق في إطار مجموعة العشرين، بما في ذلك إصلاح صندوق النقد الدولي وبرنامج الحوكمة السياسية من خلال الدفاع عن إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها.
ولفت الخبير الاقتصادي محمد حميدوش إلى وجود تحديات مشتركة لدول بريكيس، مثل العمران ومكافحة التلوث والحد من الفقر والقضاء على عدم المساواة، والابتكار والتكنولوجيات الجديدة، مشيرا إلى أن الواقع يعكس توصل المجموعة إلى إنشاء البديل لمؤسسات “بريتن وودس (Bretton woods)” المتمثلة في بنك التنمية الجديد مقره في شنجهاي.
وأوضح ان الدعوة إلى إنشاء هذا البنك جاءت كبرنامج إصلاحي وإدراكًا لأهمية وصعوبات الحصول على تمويل طويل الأجل لمشاريع البنية التحتية لدول النامية. يبلغ رأسماله الأولي 50 مليار دولار أمريكي، مقسم بالتساوي بين الدول المجموعة وقد يصل إلى 100 مليار دولار أمريكي، كما أن هذا البنك نجح في عمليته في تعزيز قدرته المالية من خلال طرح سندات في 2016 قدرها 3 مليارات دولار أمريكية في السوق بين البنوك الصنية، حيث بيعت كلها خلال الطرح الأول وأصبح البنك بديلا للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بحيث أن عضوية البنك مفتوحة لكل دول الأعضاء المقترضين وغير المقترضين المنخرطين في الأمم المتحدة.
وقال حميدوش إنه بامكان هذا البنك عرض قروض تصل 350 مليار دولار لتمويل مشاريع البنية التحتية والصحة والتعليم وما إلى ذلك، والجدير بالذكر أنه لا يضع شروطًا ملزمة لقروضه كما هو الحال مع صندوق النقد الدولي الذي “يطالب بإصلاحات هيكلية وتدخل في السياسات المالية والنقدية قد لا تطاق مقابل هذا التمويل”.
ويبقي ملف تعويض الدولار في التبادل التجاري العالمي بعملة أخري كاليوان الصيني أو الروبل الروسي أوروبية الهندية محل صناعة مالية لمن يملك أويكون إحتياط من الذهب ما يقارب 10 ألف طن من الذهب.
إنضمام الجزائر الى “بريكيس+”
وبخصوص إنضمام الجزائر لهذه المجموعة، يذكر الأستاذ حميدوش أنه وفي عام 2017، أوجزت الصين مقترح لإعادة تحديد معالم بريكس لتشمل الاقتصادات النامية الأخرى، تحت اسم “بريكس بلوس+” لإقامة شراكة أوسع لتحويل المجموعة إلى منصة أكثر نفوذاً للتعاون جنوب-جنوب.
وهذا من منظور وضع دول البريكس على الساحة الدولية كنقطة تقاطع بين مجموعة العشرين G20 والدول النامية الأخرى. الـ”بريكس” ليست منظمة دولية وليس لديها إجراءات عضوية رسمية للأعضاء الجدد.
ومع ذلك الصين كانت تود دعوة المكسيك وباكستان وسريلانكا للإنضمام “إلى بريكس بلوس+”، وأثار هذا اقتراح جدلاً بالفعل مع الهند بإعتبارها من الدول المؤيدة للصين بينما روسيا تسعى ضمن بريكس بلوس+ إلي ضم كل من كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان.
وبالتالي في الوقت الراهن يأتي الانضمام بناءا على إقتراح من أحد دول الأعضاء لهذا التجمع ضمن دول بريكس بلوس+.
مقومات الجزائر
يتوقع الخبير الاقتصادي حميدوش أن تفتح دول بريكس بلوس+ لعضوية البلدان التي تقع في سياق “التعاون فيما بين بلدان الجنوب” أوبما يسمي بالتعاون “جنوب- جنوب”، قصد التنسيق والتعاون لتعزيز عمليات صنع القرارات الدولية على ضوء الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمة التجارة العالمية.
ويرى حميدوش أن المهم هو كيفية الوصول إلي إجماع يكون له تأثير على القرارات الناجمة عن المحافل الدولية.
وقال حميدوش “بدعوة من الصين لضم الجزائر، لا أرى مانعا ولا جدالا بين كل الدول بالنظر إلي مؤهلات الجزائر تاريخيا وسياسيا وإقتصاديا وماليا”، اضافة إلي الاستقرار في المواقف والتوازنات التي فرضتها من خلال الحنكة الدبلوماسية، وإتفاقياتها الدولية وموقعها الاستراتيجي.
إضافة إلى العلاقات الثنائية مع هذه البلدان المتميزة والخاصة بكل مجالات دون إستثناء.
ومن ضمن القائمة لدول المرشحة للانضمام الى هذه المجموعة، تبقى الجزائر الأوفر حظا رغم ما تملكه الدول الأخرى من مؤهلات إقتصادية كتركيا والمكسيك وكوريا.
نظرة رئيس الجمهورية في الاقتصاد مبنية على معطيات
قال حميدوش إن نظرة رئيس الجمهورية تبدأ مما تتوفر له من معلومات على الصعيد الدولي والتكتلات السياسية والاقتصادية والمالية التي منها تعمل مع أو ضد الجزائر، وبالتالي بناء توجه اقتصادي قد يرتكز على وضع معالم لتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكيفية تخصيص التجارة الدولية، وفي كيفية بناء الشراكات الإستراتيجية التي يفرضها الواقع ولفائدة المصلحة الوطنية التي ترتكز على الحفاظ أو زيادة تحقيق في مناصب الشغل.
إضافة إلى الرفع من النمو الاقتصادي لكل القطاعات دون إستثناء، وكذلك في كيفية تخصيص الموارد الطبيعية والمالية في إطار الصفقات العمومية الدولية والشروط التقنية الخاصة بها، ومنه فإن رئيس الجمهورية أدرى بالوضع والظرف وما تقتضيه الضرورة لفائدة البلاد والعباد، والتي تصب في ضمان الأمن والرفاهية والاستقرار لكل أفراد المجتمع الجزائري.