النشاطات الثقافية التي حركّتها ستينية ثورة التحرير المباركة، تبشّر بواقع ثقافي يتخلّص من الرّكود الذي استولى عليه، ويستعيد فعالية «الثقافي» وديناميته في الحياة اليومية، وهو يمثل فرصة ينبغي الإفادة منها بالحرص على ديمومة النشاط، وتواصله على مدار العام، شرط أن يتأسس على رؤية واضحة وأهداف محدّدة تنتهي به إلى تحقيق طموح القطاع في تحويل الفعل الثقافي إلى منتج للثروة، أي يتحول إلى قطاع صناعي له منتجاته المقنعة في السوق العالمية، ويحافظ في الوقت نفسه على البصمة الجزائرية.
ولقد أثارت النشاطات الأخيرة عددا من النقاشات، كمثل مسألة التنافس المفترض بين هيئات متعددة تحتفل بـ»يوم الشعر»، أو مسألة «الجوائز» ومدى تعبيرها عن الأحق بالتتويج، ومسائل أخرى… وهناك من اعتبر هذه النقاشات (خروجا عن النّص)، غير أنّنا نراها في صميم الفعل الثقافي، إذ لا يمكن أن يعبّر «الثقافي» عن نفسه، إلا بالخلافات المنهجية. وما رآه بعضهم «تنافسا» إنما هو تكامل، فـ «اليوم الوطني للشعر» هو يوم الجميع، وأسعدنا كثيرا أن تتضافر جهود الجميع في إحيائه، أما «الجوائز» فهي قضيّة مستديمة ولم تصطنعها النشاطات الأخيرة، ويكفينا منها، هذه المرة، أنها أثارت حوارا نقديا عالي المستوى، ولم تتوقف عند حدود «اتهام» هذا، وتبرئة «ذاك»، وكثير من الهزال الذي عوّدنا على حضوره، حتى صار أمرا واقعا..
ليس خروجا عن النّص إذن، وإنما هو من صميم الفعل الثقافي الذي ينبغي أن يثير النقاش ويفتح الآفاق، ويقترح من الأفكار ما يضمن ديمومة الحالة الثقافية، كي تستعيد ألقها وتؤدي وظيفتها في المشهد العام، عوضا عن الركود الذي طال ولم تمحه إلا ستينية الثورة المباركة..