يرى الباحث الدكتور محمد بونعامة، أن تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فيما يخص إنشاء لجنة تضم خبراء ومؤرخين جزائريين وفرنسيين لدراسة كل المواضيع المتعلقة بالذاكرة وفتح الأرشيف تصريح عملي مهم.
استحسن الدكتور بونعامة إرادة الرئيس الفرنسي في فتح الأرشيف، وقال في تصريح لـ”الشعب أونلاين”، أنه منذ أن بدأت علاقات الرئيس الفرنسي مع الجزائر وتواصله مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، طبقت وعود لحد الآن،.
وركز الباحث على الحنكة الدبلوماسية الجزائرية في الذاكرة وحث الطرف الفرنسي على الإفراج على الملفات المتوارية خلف مغاليق السياسة، وقال الباحث إن الدبلوماسية الجزائرية لعبت دورا مهما في هذا الجانب.
وأضاف أنه عندما نفتح لجنة تضم الخبراء، ما يقدمه الخبير أساسي لأنه جاء على أساس بحثي، وتبادل معلومات توجد عند كل طرف بطريقة علمية وموضوعية.
ودعا الباحث بونعامة إلى تكريس الضوابط المعيارية في تسيير الأرشيف للجزائر، وإشراك الأرشيفيين للعمل بالتنسيق مع المؤرخين مثلما هو معمول به في فرنسا.
وذكر الدكتور بونعامة باللجنة الجزائرية الفرنسية المختلطة التي تعنى بالنزاع الجزائري الفرنسي الأرشيفي، والتي كان فيها عضوا أساسيا، اجتمعت أربع مرات في الجزائر.
وقال: ” الأمر ليس بالهين ولذلك لابد من دراسة ما يسمى عند الفرنسي بالعمل “الذاكراتي” وواجب الذاكرة، ولابد من الاجتماع مع بعضنا البعض أولا وقبل كل شيء، ونضع خبرة على ماذا نتوفر وماذا لا نعلمه، لابد أن يفتح المجال لهذه اللجنة في الجزائر”.
المادة 64 من قانون المجاهد والشهيد
في المقابل، دعا الباحث إلى تطبيق المادة 64 من قانون المجاهد والشهيد، والتي تنص بصريح العبارة: “تنشئ لدى رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية مجلس أعلى لذاكرة الأمة”.
وأوضح أن إنشاء هذا المجلس سيكون له بعد مؤسساتي، هيكلي، تنظيمي، يضم خبراء ولجنة متعددة الاختصاصات، لأنه لابد أن يكون فيه رجل المتاحف يعرف ما سلب منا، وفقيه في الاتفاقيات كي نعرف ما هي الاتفاقيات التي لم نستردها فرنسا، وما كان موجودا من الاتفاقيات، لأن الجزائر كانت تربطها اتفاقيات صداقة من قبل مع فرنسا.
ودعا إلى توحيد المصطلحات، بين الأرشيفيين والمؤرخين.
وأكد الدكتور بونعامة أنه من الناحية الدبلوماسية الجزائر عن طريق رئاسة الجمهورية قامت بعمل دبلوماسي رفيع المستوى بدأت في استرجاع الجماجم، وخطاب الرئيس أكد على أن أهمية مسألة الذاكرة واسترجاع كل أرشيفنا، والمقصود به الأصول وهذا مبدأ أساسي ومركزي في مسألة الأرشيفات المرحلة.
التراث الثقافي التاريخي المسلوب
وأبرز أن التراث الثقافي التاريخي الجزائري المتمثل في الأرشيف والوثائق الثمينة والمعاهدات والاتفاقيات والمخطوطات والكتب الدينية والفقهية، والتي تتعلق بالجزائر كلها سلبت وحملت منذ 1832.
وأوضح أنه في هذه الفترة بالذات وقع ملك فرنسا فليب الثاني مرسوما آنذاك أسس فيه لجنة متعددة الاختصاصات من عسكريين، مدنيين، وأرشيفيين وباحثين وحتى في علوم الآثار مطلوب منهم البحث وجمع كل وثيقة تتعلق بالجزائر سواء تعلق ذلك بالبشر أو المال أو خزينة الجزائر ليحملونه معهم.
هذا ما جعل الفرنسيين يعرفون تاريخنا أكثر منا، لأنهم تحصلوا على كل هذه المصادر والمراجع الأساسية التي سمحت لهم بكتابة التاريخ، وقال: ” سلب أرشيف بلد ما بعد استعماره هو غنيمة حرب يستفيد منها مستعمر الأمس ليتفاوض مع البلد المستقل، ويستعملها وسيلة ضغط عند استقلال البلاد”.
وأبرز الباحث الأهمية التي توليها فرنسا للأرشيف بسن قانون واضح المعالم يرتقي بالأرشيف إلى مستوى كنز الدولة.
ودعا الباحث إلى التأسيس لقانون التراث الشامل يشكل يمثل كل ما يتعلق بذاكرة الأمة، منها المتاحف والكتب القيمة، المخطوطات التي سلبت وأيضا الأرشيف القيم. الأرشيف مهم جدا، لأنه يتعلق بسيادة الوطن وهو عنصر من عناصر السيادة الوطنية.