شهدت منصات التواصل الاجتماعي الجزائرية، نقاشا حيا حول «سرقات شعرية» مفترضة، يكون قد اقترفها بعض المشتغلين بالشعر.
واختلف المشاركون في النقاش بين داعٍ إلى ضرورة تجنب ما يسيئ إلى ساحتنا الثقافية، وباحث عن إقامة الدليل والبرهان، ومتابع يطرح سؤالا هنا ومقترحا هناك، وأشكال أخرى للنقاش تتوزّع بين «السّخرية» و»اللوم» و»الدهشة»..
ولسنا نهتم بمآل «السرقة الشعرية» في ذاتها، ولا بمخرجاتها الممكنة، فهذا نوع من «السرقة» لم يسلم منه عصرٌ ولا مصرٌ، غير أننا رأينا النقاش حوله يسحب مساحة هامة من «التفاهة» و»الحمق المنقح»، ويفرض هيمنة موضوع أدبي – نقدي بامتياز، فيخلص المنصّات من المنغصات، ويطرح نقاشا متميزا يستحق المتابعة.
ولقد بدا لنا أن الموضوع إنما هو نتيجة طبيعية للحركية الثقافية الرائعة التي شهدتها بلادنا طوال أيام الصيف، وكان ختامها النّجاح الباهر الذي حقّقته عكاظية الجوابر للشعر الشعبي بمدينة البيرين، فقد استقطبت جمهورا واسعا، ومرّرت رسالة قويّة مفادها، أن نجاح النشاط الثقافي لا تضمنه «الإمكانات الموفورة»، وإنما هو نتيجة طبيعية لفهم طبيعة النشاط في ذاته؛ ذلك أن «الجوابر» وفروا لعكاظيتهم مقتضيات الشعر، وظروفه، والأجواء التي يزدهر بها، فحقّقوا نجاحا غير مسبوق بساحتنا الثقافية.
ولقد شهدت ساحتنا الثقافية ندوات معتبرة، نشطّها الروائي الكبير ياسمينة خضرا، بقصد الترويج لروايته الجديدة «الفضلاء»، فأثار، هو الآخر، نقاشات حادّة جادّة، لم تعبأ بحرارة الصيف، وراحت تتنافس في طرح الأفكار، لا تفرّق بين الواقع والمواقع، لتكتسح – بدورها – جميع المنصّات التواصلية، ولم تختلف ندوات «المنتدى الثقافي الجزائري» التي لعبت دورا رياديا في نشر المعارف، والتأصيل لواقع ثقافي فاعل.. وهذا بالضّبط ما نرجو أن يتواصل ويزداد اتساعا، كي تكون أيامنا كلها، كمثل الصّيف.. ثقافيّة بامتياز..