أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق،العيد ربيقة، أن الدبلوماسية الجزائرية خطت منهجا في تاريخ العلاقات الدولية، وتركت نموذجا يحتذى به في إدارة معارك التحرير على أكثر من صعيد.
قال ربيقة هذا الكلام في ندوة تاريخية بعنوان”تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية..نقلة نوعية في مسار الدبلوماسية”، نظمها المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر1954،اليوم بمناسبة الذكرى الـ64 لتأسيس الحكومة المؤقتة.
وأضاف: “دبلوماسيتنا اليوم في عهد الجزائر الجديدة بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تواصل باعتزاز حصد النتائج الباهرة على ساحة الدولية والإقليمية، واستعادة مكانتها اللائقة من خلال مساهمتها الفاعلة في استتباب الأمن، والسلم في العالم وتعزيز فرص الحوار والتعاون في المجتمع الدولي”.
وتابع: ” كل ذلك على درب ديبلوماسيتنا التاريخية الفعالة التي عرف بها الجزائريون من الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، إلى دبلوماسية أحمد باي والأمير خالد وكل التيارات الوطنية قبل الثورة وخلال مختلف مراحلها”.
وأبرز وزير المجاهدين أن مسيرة هذه الدبلوماسية الرائدة قادتها أجيال متعاقبة من الدبلوماسيين المناضلين تبلورت من خلالها أهم ثوابت سياستنا الخارجية، بما في ذلك نصرة حق الشعوب في تقرير المصير، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، وتعزيز ترقية حقوق الإنسان والحريات الأساسية إلى جانب ضرورة إقامة علاقات دولية متوازنة وعادلة وعدم الانحياز مثلما قال تبون.
وأشار ربيقة إلى أن، هذه الدبلوماسية النشطة قادتها بنجاح قل نظيره الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وهي هيئة تأسست في مرحلة جد هامة في مسار معركة التحرير، فرضها التطور المنطقي للعمل الثوري واستوجبتها الضرورة لإدارة المعركة السياسية والدبلوماسية في الداخل والخارج.
وأبرز الوزير أن حسن أداء مهامها ولباقة أساليبها في عرض قضيتها بالإقناع وبالحجج الدامغة والقرائن البينة، الأمر الذي ألب الرأي العام العالمي المحب للسلام والحرية على محور الاستعمار إلى أن انتزع حقه في الحرية والسيادة.
وقال: ” لقد تمكنت الحكومة المؤقتة بتشكيلاتها الثلاث المتعاقبة من مواجهة السياسات الاستعمارية بمختلف أشكالها في ظل الظروف العصيبة التي كانت تمر بها الثورة التحريرية، وافتكت اعتراف المستعمر بها كطرف مفاوض نال شرف تحقيق مطلب تقرير مصير الجزائريين”.
وأضاف ربيقة أن الإحتفال بهذه الذكرى التاريخية هي استحضار للملاحم البطولية التي خاض غمارها أبناء هذا الشعب على الصعيدين السياسي والعسكري.
“19 سبتمبر تاريخ نستلهم منه قيم الصمود”
وقال: “تخليدنا ليوم الـ19 سبتمبر 1958 ليس لكونه يوما مضى، إنما باعتباره تاريخا نستلهم منه قيم الصمود ونصنع منه مجدا يليق بماضي هذه الأمة وتضحياتها ونستشرف من خلاله الآفاق المستقبلية في كنف الجزائر الجديدة”.
وأكد ربيقة أن، هبة الجزائريين في نوفمبر 1954، كانت منعطفا حاسما قلب معادلة المنظومة الاستعمارية في العالم وعدل بعمق مجريات حركة التاريخ التي أدخلت الشعوب الرازحة تحت نيل الاحتلال ومصادرة حقوقها التاريخية المادية والمعنوية، أدخلتها إلى عصر الحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وجلوس المضطهدين المحتلين على قدم المساواة إلى جانب الأقوياء المتجبرين في المنابر الدولية.
واعتبره انجاز إنساني عظيم قلما حققه شعب من شعوب المعمورة،و صدمة للمحتلين أيقظتهم من غيهم وحررتهم من أنانيتهم وقهرهم للشعوب.
وأضاف: ” لقد تقاطع الحق في ثورة التحرير مع الإرادة الخلاقة للجزائريين، فاستلهمت الأمة من مقوماتها الوطنية ودينها الحنيف وتراكم نضالات أجيالها من المقاومة الشعبية إلى الحركة الوطنية إلى ثورة نوفمبر 1954 مشروعا تحرريا شاملا، نهضت به فئات الشعب على اختلاف مستوياتها عبر كافة مناطق الوطن”.
وقال أيضا: ” الأمر الذي استعصى على العدو بما لديه من وسائل الفتك، والإبادة الجماعية والتدمير الشامل وكسر الإرادة الجماعية، فلا جحافل الجيوش ولا ترسانات الأسلحة التقليدية والمحرمة دوليا ولا المخططات والمؤمرات، ولا التعتيم الإعلامي والحصار الدبلوماسي والسياسي والتحالف مع الدول الاستعمارية الأخرى، قلل من عضد الجزائريين وطلائعه المرابطة والمقاتلة على جبهات النار أو تلك التي تقود الثورة في المحافل الدولية بما لديها من دبلوماسية نشطة هزمت مخططات الاستعمار بفضل شرعية قضيتها”.