تُسجل الجزائر نقلة نوعية في السياسة الخارجية تزامنا وإحياء اليوم الوطني للدبلوماسية المصادف للثامن أكتوبر من كل سنة، يعتبرها مراقبون توجهات جديدة في إطار مبادئ ثابتة، ترتكز على وسائل وأدوات عمل دبلوماسي نشيط واستباقي، تخدم مصالح الجزائر وتحميها، وتعمل على صناعة الأمن والسلم العالميين.
تفعيل دور الجزائر في الفضاء العربي والإفريقي، وتعزيز وجودها في أحداث إقليمية ودولية، بديناميكية غير مسبوقة، من بين ركائز ملف السياسة الخارجية، التي سطرها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وفق ما يراه عميد كلية العلوم السياسية سليمان أعراج.
يتحدث أعراج ـ في تصريح لـ«الشعب أونلاين» ـ عن مؤشرات كثيرة تعكس حركية جديدة للدبلوماسية الجزائرية في إطار مبادئها الثابتة، تطبعها نزعة براغماتية، تتيح صناعة السلام وتقدم تجارب تستفيد منها دول.
تميز دبلوماسي ..
على صعيد العلاقات الثنائية مع الشركاء، يتوقف المتحدث أمام الثناء على الجزائر، ويقول: «مثلا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشيد بدور الجزائر ومكانتها، ونجد أيضا الخارجية الأمريكية تصنف الجزائر كشريك موثوق واستراتيجي في المنطقة».
وتتضح جودة العمل الدبلوماسي ـ وفق المصدر ـ في مقاربة الجزائر سواء في صناعة الأمن أو تحقيق التنمية، وهما عاملان أساسيان في ترقية العلاقات الدولية. ويضيف: «احترافية تعكسها رجاحة الموقف والرأي، سواء في إدارة أزمات تشهدها المنطقة أو مساهمتها في قضايا إقليمية ودولية».
في هذا الجانب، يستدل الدكتور أعراج بإشادة افريقيا بمقترحات تقدم بها رئيس الجمهورية في اجتماعات للاتحاد الأفريقي، والإشادة أيضا بحكمة الجزائر في مسألة مالي: «التميز الدبلوماسي اليوم تصنعه توجهات الدولة من خلال القرار السياسي الرشيد في إطار العملية الدبلوماسية».
ما يتحقق على صعيد ملف السياسة الخارجية اليوم، وفق متابعين للشأن الدبلوماسي، تجلى في مؤتمر رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية المنعقد نوفمبر 2021 بالجزائر العاصمة، من خلال دعوة الرئيس تبون إلى صياغة رؤية جديدة للعمل العربي المشترك، وحماية الاتحاد الأفريقي من «محاولات خبيثة» تستهدف وحدة الدول الأعضاء ودورها المركزي.
وبين تركيز النشاط الدبلوماسي في الدفاع عن مصالح الدولة وحمايتها، تساهم الجزائر في استتباب الأمن والاستقرار الإقليميين، وتعمل على تعزيز الروابط مع إفريقيا والوطن العربي وترقية الشراكة مع الدول.
مسار حافل..
ليس غريبا أن تحظى الجزائر بإشادة من مجلس الأمن الدولي واعترافا أمميا بشأن مساعدة الأطراف المالية على تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن «مسار الجزائر»، على اعتبار أن للجزائر تجارب سابقة في حلحلة الأزمات، منها تسوية النزاع الحدودي بين العراق وإيران في سنة 1975، وأزمة السفارة الأمريكية بطهران (إيران) سنة 1981، والنزاع المسلح بين أثيوبيا وأرتيريا سنة 2000.
من هذا المنظور، أصبحت الدبلوماسية الجزائرية مرجعا في ترقية الحوار والتفاوض بين الدول، وبلدا مصدرا لقيم السلم والاستقرار، لذلك يراهن أخصائيون على نجاح القمة العربية بالجزائر يومي 1 و2 نوفمبر المقبل، بالنظر إلى دورها الإقليمي والقاري الوازن وتوجهاتها الرشيدة ونصرتها للقضايا العادلة.
وتعتمد الجزائر، وفق ما تضمنه بيان السياسة العامة للحكومة، سياسة خارجية نشطة واستباقية، بتركيز تدخلها على الدفاع عن مصالح الأمة، والمساهمة في الأمن والاستقرار الإقليميين إلى جانب تعزيز العلاقات مع إفريقيا والعالم العربي، وتطوير الشراكة وتعزيز السلم في العالم، وإعادة نشر الدبلوماسية الاقتصادية في خدمة تنمية البلاد، إضافة إلى تنظيم الجالية الوطنية بالخارج، لاسيما من خلال وضع تنظيم هيكلي جديد للحركة الجمعوية بالخارج.