ذلك عنوان كتاب صدر منذ أعوام لصاحبه الفرنسي إيمانويل تود، ومبرر اختيار هذا العنوان هو ما تشهده الانتخابات الرئاسية الأمريكية، خاصة حديث الرئيس ترامب عن مؤامرة تزوير ضده وتدخل الهيئات الانتخابية للاحتجاج على تلك التصريحات.
ما بين ما كتبه دي طوكفيل «عن الديمقراطية في أمريكا» (De la démocratie en Amérique)، وما تشهده الانتخابات الأمريكية تجارب وتحولات وأزمات. مرت أزمات الرأسمالية الواحدة تلو الأخرى، لنتذكر فقط أزمة الركود الكبير في 1929 والأزمة المالية في 2008. اليوم الديمقراطية تمر هي الأخرى بانسدادات وبأزمات كثيرة ومتعددة الأبعاد، ومنها أنها تنتج التطرف في جميع أشكاله ومنها أنها تجعلنا مضطرين للاستماع «حتى للجهلة والأغبياء».
اليوم الولايات المتحدة منقسمة على نفسها بطريقة صارت، برأي البعض، تهددها باضطرابات وتهددها بممارسات عنيفة وحتى بانسداد سياسي، إن رفض الرئيس ترامب الاعتراف بهزيمة، تدل مؤشرات قوية، أنها صارت قاب قوسين أو أدنى.
وكما يقول المثل الذائع الصيت «المشكلة ليست في النصوص بل في النفوس». فالدستور الأمريكي والتعديلات التي أدخلت عليه، قاد بلدا وأمة إلى أن تصير قوة عظمى أولى ثم وحيدة ولكنه لم يحمها من أن تعيش أزمات سياسية داخلية كثيرة، بل لم يمنعها خاصة من أن تكون سببا في الكثير من الظلم والكثير من الكوارث العالمية.
الديمقراطية المرتبطة بالرأسمالية موضوع جدل فلسفي وفكري معرفي، لكنه موضوع آني وينبغي إشباعه بحثا، لأن الديمقراطية في مجتمع الدولة لم تنعكس في المجتمع الدولي.
ونحن في الجزائر، ناضلنا لأعوام كثيرة من أجل نظام عالمي جديد ومن أجل نظام اقتصادي عالمي جديد، وينبغي أن نقوم بمبادرات أخرى في هذا المجال، لأن نشر الديمقراطية والحرية في العلاقات الدولية وآليات اتخاذ القرار فيها، وفرض حرية الإنسان قبل حرية المال، صار ضرورة بشرية.
هل هناك ما بعد الديمقراطية؟ طبعا لم ينتج العقل البشري، حتى الآن، نظاما أفضل من الديمقراطية، أي نظاما للتنافس السلمي على السلطة والتداول عليها، مهما كان الوعاء الاجتماعي الثقافي الذي تطبق فيه.