تحدث رئيس الجمعية الوطنية لقدماء المحكوم عليهم بالإعدام مصطفى بودينة، عن وجود كتب تاريخية معتمد عليها في كتابة التاريخ تحمل وقائع غير دقيقة، وهو ما وصفه بتقديم المعلومات المغلوطة للجزائريين، لعدم اعتمادها على شهادات حية صادرة عن المجاهدين والاحتكاك بهم.
شدد بودينة، لدى نزوله ضيفا على منتدى “الشعب”، على أن كتابة التاريخ يجب أن تخضع لضوابط معينة، حتى لا يزيف تاريخ الثورة التحريرية المباركة، وأعطى مثالا عن ذلك، وهو كتاب الشهيد أحمد زبانة الذي أعتمد عليه في انجاز فيلم حول شهيد المقصلة، إذ أنه يحمل معلومات غير دقيقة على غرار تجاهل الكتاب لرفقاء أحمد زبانة مثل الشهيد فراج الذي أعدم مع الشهيد زبانة بتاريخ 19 جوان 1956، بالرغم من ترتيبه موعد لصاحب الكتاب مع رفقاء زبانة الذين هم على قيد الحياة، حيث لم يحضر صاحب الكتاب لهذا اللقاء.
وأشار المجاهد بودينة إلى أن أكبر خطإ وقع فيه المؤرخون والباحثون هو عدم اهتمامهم بالأولوية في كتاباتهم، وتناول الأحداث التاريخية، التي وقعت إبان الاحتلال الفرنسي، وإبراز نجاحات الثورة التحريرية المباركة.
وكشف بودينة بالمناسبة عن تنظيم لقاءات دورية، بمقر الجمعية الوطنية للمحكوم عليهم بالإعدام تجمع الكتاب والمؤرخين والصحفيين المختصين في مجال التاريخ والمجاهدين الذين هم على قيد الحياة، من أجل توثيق الأحداث التاريخية الحقيقية ونقلها بأمانة دون تزييف، وهذا بالتعاون مع وزارة المجاهدين وذوي الحقوق.
وفي السياق ذاته، تطرق رئيس جمعية المحكوم عليهم بالإعدام الى العراقيل الإدارية التي حالت دون التمكين لكتبه الثلاث من التوزيع والنشر، مطالبا السلطات المعنية بالالتفات إلى الأمر لتسهيل توزيع كتبه، التي تروي شهادة ما عايشه خلال فترة تواجد الاستعمار الفرنسي بالجزائر بالدلائل والوقائع.
وعاد بودينة إلى سرد جوانب من تجربته القاسية إبان الاستعمار الفرنسي، وأشار إلى تعرضه رفقة من حكم عليهم بالإعدام، الى التعذيب الذي تندى له جبين الإنسانية، خلال الـ18يوما التي سبقت النطق بالحكم بالإعدام عليه بفرنسا، حيث أقحمنا ـ يقول المتحدث ـ في “زنزانات الموت” في ظروف قاسية جدا، وصلت حد حرماننا من حق الغذاء “تخيلوا رغيف كل خمس أيام”.
وتطرق المجاهد إلى الدور المحوري الذي أداه المحامون المتطوعون في تلك الحقبة، حيث كان لهم الفضل الكبير في كشف أساليب فرنسا الوحشية، والدفاع عن المحكوم عليهم بالإعدام، في وقت أشاد بودينة بالدور الكبير لفدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، التي كانت تقوم بدور تضامني في السجون، بقيادة المجاهد علي هارون.
وقال: “كانت بمثابة الأوكسجين الذي كنا نستنشقه خلال معاناتنا في تلك الحقبة”.وخلص “ الشهيد الحي” مثلما يلقب، إلى التأكيد على ضرورة تلقين الأجيال الصاعدة تاريخ الكفاح الثوري الوطني ومآثر المجاهدين والشهداء من أجل الحفاظ على الذاكرة التاريخية ورموزها، والوصول بالشباب لاكتساب المواطنة الحقيقية، وأن لا نجعل من الاحتفالات بالمناسبات التاريخية مجرد ذكرى عابرة فقط.