أكد المؤرخ والأكاديمي د.عمار بوحوش، أن العمال المهاجرين بفرنسا، ساهموا في تمويل الثورة الجزائرية، ولهذا جاء موريس بابون لتحطيم الثورة الجزائرية ومحوها من الوجود بفكره النازي المتطرف. وبالمقابل اتخذت فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا قرار تنظيم الإضراب الأسود يوم 17 أكتوبر لكسر جدار الحصار.
أوضح الأستاذ في العلوم السياسية والمؤرخ بوحوش في تدخله بمنتدى “الشعب” أمس، أن مهندس التنظيم في الحكومة المؤقتة لإضرابات 17 أكتوبر هو لخضر بن طوبال الذي كان مسؤولا عن فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، فكان هناك حرص كبير على جمع الاشتراكات من العمال والطلبة المتواجدين بالخارج.وأشار د.بوحوش إلى أن أموال الاشتراكات كانت توزع وفقا لمصالح الثورة، فكانت القسط الأكبر من هذه الأموال تحول إلى سويسرا، ثم إلى مقر الحكومة المؤقتة بعد تأسيسها في 19 سبتمبر 1958، والباقي في أوروبا مصاريف لنقل هذه الأموال ونفقات مكاتب التحرير، في بونو، جينف وروما، ومساعدة السجناء الجزائريين في سجون فرنسا وعائلاتهم، ودفع نفقات المحامين، وتسفير المناضلين المعرضين للاعتقال من طرف مصالح الأمن الفرنسي.
وأكد د.بوحوش أن فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، استطاعت في مدة قصيرة تعبئة المهاجرين الجزائريين المتواجدين بفرنسا، من أجل القيام بمظاهرات ضد سياسة بابون العنصرية الرامية لتحطيم الثورة.وقال الأكاديمي إن المركز العصبي لكفاح الجزائريين كان فرنسا نفسها، حيث عايش المناضلون الجزائريون في المهجر ثورة نوفمبر 1954م وانخرطوا باقتناع تام، فدعموها بشريا وماليا عبر الاشتراكات السخية، دعما للمجهود الحربي.
وأشار المتحدث إلى أن المهاجرين الجزائريين في أوروبا الذين كانوا يشتغلون ويحصلون على مرتباتهم بانتظام كانوا المساهم الأكبر في هذه العملية، بحيث كان من السهل عليهم دفع جزءا من مرتباتهم بسخاء إلى الثورة الجزائرية، حيث شكلوا تمويلا خارجيا للثورة فالاشتراكات التي كانوا يقدمونها مثلت نسبة 80% من ميزانية الحكومة الجزائرية المؤقتة، حسب تصريحات فرحات عباس.من جهة أخرى تطرق بوحوش إلى فوج الطلبة الذين كانوا يدرسون بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تكفلوا هم أيضا بجمع الاشتراكات وتغيير الرأي العام الأمريكي ونظرته تجاه الكفاح الجزائري، والعمل دون هوادة لإقناع المسؤولين الأمريكيين بعدم تصديق ما تروج له فرنسا من حقائق مغلوطة، وإقناعهم بعدم تمويل فرنسا ودعمها بالسلاح من خلال الحلف الأطلسي، وأشار إلى أن محمد أبركان أدى دورا كبيرا في الإعلام بالولايات المتحدة الأمريكية، والكثير يجهل ما قدمه هذا المناضل الوطني.
وذكّر، في هذا الصدد، بالخلية التي كانت على اتصال مع جون فريديريك كنيدي والمجموعة الأمريكية، ومجلس الشيوخ لخفض دعم الجيش الفرنسي وتسبب في إفلاس حكومة ديغول، ويتعلق الأمر بكل من موجيسلي ممثل تونس في الأمم المتحدة، وأحمد الشقيري ممثل السعودية، الهادي بن منصورممثل المغرب وعبد القادر شندرلي ومحمد سحنون.