تتواتر أخبار الجوائز العالمية والعربية التي يقطفها كتّاب جزائريون عبر أنحاء المعمورة، لتقول بلهجة مبينة إن الساحة الأدبية عندنا لا يمكن أن تتأثر بإصدارات (بوتيكات النشر)، ولا ما تصرّ على نشره تحت مسمّى «الرواية»، رغم أنه مجرّد كلام لا علاقة له بالأدب ولا بصناعته، فالكتبة الحقيقيون لا يضيرهم أن توضع أعمالهم الراقية إلى جانب «أشياء» لا يقصد أصحابها سوى إلى تحقيق (المكسب المادي) على حساب المنتج الأدبي.
ولقد أسعدنا كثيرا أن تحظى رواية «العازب» للدكتورة ربيعة جلطي، بعناية أهل المسرح، مثلما كانت الحال مع عدد من الروايات الجزائرية الأخرى، فهذا انتصار آخر للأعمال الأدبية الجزائرية التي تحتاج إلى مثل هذه الاقتباسات خاصة وأن هناك أعمالا رائعة بقيت حبيسة الورق، مع أنّها تمتلك كل ما يجعل منها مسلسلات راقية، وأفلاما عظيمة، ومسرحيات رائدة، وهذه – في رأينا – هي السبيل الوحيدة إلى ترقية المنتج الأدبي الجزائري، ومنحه جرعات أكسجين تمكّنه من «الإبداع» بأريحية، فتكون رسالته الأدبية ذات مغزى في الواقعين الاجتماعي والثقافي، وتؤدي ما عليها للوطن.
الحضارة الجديدة، وإن ردّدوا كثيرا أنها حضارة تكنولوجيا، لا يمكن أن تستغني عن «الأدب» والعلوم الإنسانية عموما، فـ «الآلة» لا تحظى بأي نصيب من الذّكاء، وليس ما يجعلها مقنعة غير فكر أديب يغرسها في الفكر، ويمنحها الرسالة التي تؤسس بها لنفسها، وانظروا إلى البدايات الأولى للتقانة، وستجدون أنها اعتمدت كليّا على «الأدب» وإن لم يكن ظاهرا للعيان، غير أنّه لعب دوره الخطير في تحقيق انتقال عجائبي، لا يمكن تحقيقه بمثل تلك السلاسة، ولو صرفت عليه خزائن الأرض..
الأدب ليس مهنة العاجزين، ولا مركب الكسالى، والبداية ينبغي أن تكون من استيعاب دوره في الحياة، حتى نتجنّب فخاخ (البوتيكات)..