فضيحة مدوية زلزلت وزارة الثقافة المغربية، في أعقاب الضجة الكبيرة التي أثارها قرار المركز السينمائي المغربي، بمعاقبة مخرج ومنتج فيلم “زنقة كونتاكت”، بعد سنة كاملة من عرضه، دون التفطن الى أنه يتضمن أغنية للفنانة الصحراوية المدافعة عن استقلال الصحراء الغربية، مريم منت حسان.
وأتى قرار المركز السينمائي المغربي، ليزيد الطين بلة، خاصة و أن “زنقة كونتاكت” رصد له دعم بقيمة 4 ملايين و200 ألف درهم مغربي (نحو 380 ألف أورو)، وبث في 16 قاعة عرض سينمائي بست مدن مغربية، وشاهده 8 آلاف متفرج، وفاز بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، بصيغته الحالية، شهر سبتمبر المنصرم.
والأدهى من ذلك كله، أن فيلم “زنقة كونتاكت” عرض عاما كاملا أي في الفترة ما بين سبتمبر 2021 الى غاية شهر أغسطس الماضي، وبلغت مداخيله 000ر350 ألف درهم مغربي، دون أن تتفطن الجهات المسؤولة الى أنه يتضمن أغنية الفنانة الصحراوية الراحلة، مريم منت حسان، المطالبة بإنهاء الاحتلال المغربي لأراضي الصحراء الغربية والمدافعة عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال.
وجاء تحرك المركز الواقع تحت وصاية وزارة الثقافة المغربية، في أعقاب الجدل الواسع النطاق على الفضاء الأزرق، بعد كشف وسائل الاعلام الالكترونية المغربية، عن ضم “زنقة كونتاكت” لأغنية تطالب باستقلال الصحراء الغربية، الأمر الذي أقام الدنيا ولم يقعدها لدى الرأي العام المغربي، المتشبع بالرواية المغربية حول “السيادة” المزعومة للمغرب على الأراضي الصحراوية.
ونص قرار المركز على معاقبة المخرج اسماعيل العراقي، وتعليق تأشيرة الاستغلال التجاري والثقافي للفيلم السينمائي، مع تعليق العرض التجاري والثقافي للعمل السينمائي وطنيا ودوليا، وتعليق البطاقة المهنية لمخرج الفيلم، في محاولة لتدارك الوضع.
ويعيش المشهد الثقافي في المغرب غليانا محموما، بعدما وصف هذا “الخطأ” ب”الجسيم” من قبل المهتمين بالشأنين الثقافي والفني في المملكة المغربية، والذين أكدوا أن قرار المركز السينمائي المغربي لا يمكن أن يبرئه مما ارتكبه، ولا حتى وزارة الثقافة، حيث أعابوا على لجنة المراقبة التي ضمت ممثلي الوزارة ما وصفوه ب”عدم التمحص قبل الترخيص للفيلم، مع الاطلاع على صيغته النهائية قبل عرضه للجمهور”.
وبينما قال القائمون على المركز السينمائي المغربي، إن فيلم “زنقة كونتاكت” يتضمن “خيانة للنص والحوار والصوت المحدد سلفا” بسيناريو العمل المرخص له لأسباب مشبوهة من طرف المنتج والمخرج، ووجهوا “إنذارا لشركة الإنتاج من أجل تعديل نسخة الفيلم خلال 48 ساعة تحت طائلة سحب رخصة مزاولة المهنة منها”، فإن ذلك لم يبرئ ساحتهم، حسب المتتبعين في المغرب، والذين أشاروا الى أن ما يحدث “يصب في مصلحة الشعب الصحراوي” وقضيته العادلة، وحقه في تقرير مصيره والاستقلال.
من جهته، “تأسف” منتج الفيلم اسماعيل العراقي، في بيان له، لما وصفه ب”سوء فهم أخذ مثل هذه الأبعاد”، مؤكدا أن الأمر يتعلق “باختيار جمالي وموسيقي بحت.. فالمخرج اختار ببساطة أن يضع صوت مغنية في الفيلم وليس ما تمثله سياسيا”، الا أن مصائب قوم عند قوم فوائد، وصب الاختيار الجمالي والموسيقي في مصلحة الشعب الصحراوي، وبلغ رسالته المشددة على حقه في تقرير المصير والاستقلال واسترجاع أراضيه المحتلة من قبل المملكة المغربية الى آخر شبر.