تعقد الحكومة، اليوم الأربعاء، اجتماعها برئاسة الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان في ولاية تيسمسيلت، تجسيدا لقرارات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لفك العزلة عن هذه الولاية الغنية بالثروات، خاصة الفلاحية والسياحية، لاستعادة حركيتها التنموية وتحويلها إلى وجهة مغرية تستقطب المستثمرين وتساهم في استحداث الثروة وامتصاص البطالة.
هي تحديات في المتناول وجهود ستبذل في ولاية تملك كل مقومات النهوض، بموقع استراتيجي يتوسط سبع ولايات ويتعلق الأمر بكل من تيارت وسعيدة والبيض والنعامة وعين الدفلى والشلف وغليزان، لكنها تفتقر إلى شرايين الحركية، لذا تحتاج إلى طرق وسكة حديدية ستعجل بانطلاقها نحو أفاق تنموية أكثر تطورا وإنعاشا للحياة.
تحريك الاستثمار.. إزالة التهميش وتحقيق التوازن التنموي بين الولايات
جاءت توجيهات رئيس الجمهورية وللمرة الثانية، بعد ولاية خنشلة، لتعيد الاعتبار للحركة التنموية وتزيل التهميش وتحقق التوازن التنموي الجهوي، ببرامج تكميلية للنقائص المسجلة بولايات تنتظر الكثير لدعم تنميتها وفك العزلة عن سكانها ببرامج واعدة ومشاريع توفر الهياكل الضرورية للساكنة من أجل حياة كريمة، بل وتأخذ بيد المواطن من أجل الانخراط في الحركة التنموية ورسم ملامح مستقبل واعد. وعكست هذه التوجيهات الإرادة القوية لرئيس الجمهورية من أجل مواجهة كل التحديات القائمة بحنكة ورؤية استشرافية دقيقة، يكون المورد البشري وانشغال المواطن في صلب اهتمامات الدولة. كما أن قرارات رئيس الجمهورية المهمة يعول عليها كثيرا في تغيير وجه هذه المدينة المقاومة التي مر بها الأمير عبد القادر، ليعقد بها بيعته الثانية بمكان يسمى اليوم “القلعة” أو حصن “تازا”، وبعد ذلك وقفت بصمود وبسالة في وجه الاحتلال الفرنسي، معرقلة تقدمه نحو العمق الجزائري.
تشجيع المقاولاتية
كل الأنظار متجهة اليوم صوب تيسمسيلت، قبلة السياحة الجبلية والغابية والحموية، وفوق ذلك تتمتع بشساعة أراضيها الفلاحية، أين يجنى القمح ويجمع الحليب وتربى المواشي، إذا مسألة وقت فقط ويصبح كل شيء جاهزا ليتدفق المستثمرين على ولاية تقع جنوب غرب العاصمة ولا تبعد عنها سوى بـ220 كلم، لكنها تفتقر إلى طرق تربطها بالطريق السيار. كما تفتقد لخط سكة حديدية، مما يجعل المتعاملين الاقتصاديين لا ينجذبون كثيرا نحوها. ورغم قرب هذه الولاية المحورية من ولايات الوسط، لأنها تربط منطقة الوسط بالغرب، غير أنها مازالت بعيدة ونائية، بل وتنقصها الهياكل القاعدية المتينة لتنافس الولايات المجاورة الحية بحركية اقتصادية وتجارية لا تتوقف. ولأن فتح الطرق يعني استحداث مؤسسات إنتاجية وتشجيع الشباب على الاندماج في المقاولاتية، خاصة أن هذه الولاية تشتهر بالصناعة التقليدية وتحافظ على عدة حرف تقليدية أصيلة ضاربة في الجذور التاريخية والحضارية للمنطقة.
ترشيح هذه الولاية التي تنام على ثروة غابية وحموية ومحمية طبيعية، لأن تكون من الولايات الأولى في هذه السياحة، وينقصها فقط شريان الحياة أي النقل وشق الطرق والكثير من الترويج لتصل إلى المستوى الذي يجعلها في قلب الحركة التنموية، علما أن بالولاية مساحات فلاحية شاسعة ويمتهن بها تربية المواشي، ويمكنها توفير الحليب والغذاء واللحوم، وبالتالي إنشاء مؤسسات في الصناعة الغذائية، خاصة مع مشروع خط السكة الحديدية الرابط مع بوغزول.
التخفيف من معاناة السكان.. وفك العزلة عن المناطق “المنسية”
ورغم وجود بعض المناطق الصناعية بهذه الولاية الشاسعة المساحة، لكنها مازالت قليلة جدا لا تلبي الطلب داخل الولاية بسبب ندرتها، والكثير من شباب وسكان المدينة يتطلعون لإيجاد مناطق نشاط مصغرة لحاملي المشاريع وأصحاب الشركات الناشئة، ومؤخرا جاء الحديث عن استرجاع مساحة تقدر 5,5 هكتارات من العقار الصناعي، بما يناهز 54 قطعة بمناطق العقار الصناعي الكائنة بكل من سيدي منصور وخميستي وعين السدرة وثنية الحد.
توسيع النسيج العمراني
وبالإضافة إلى انشغال التشغيل، هناك أزمة سكن تؤرق المواطنين بسبب عدم توفر العقار في بعض البلديات لبناء سكنات جديدة، باعتبار أن أغلبية الأوعية العقارية فلاحية أو غابية، وتندرج ضمن الأملاك العمومية، لذا حرص رئيس الجمهورية على رفع الغبن والتخفيف من معاناة السكان، من خلال دعم برنامج البناء الريفي بما يتناسب مع طابعها الفلاحي والسياحي عبر تسخير الأوعية العقارية اللازمة واحترام في كل ذلك الطابع الغابي، ومع ضرورة التنسيق مع مصالح الغابات، لذا ينتظر أن تعكف الحكومة على تشريح الوضعية بشكل دقيق وشفاف لإيجاد الحلول الحقيقية لتوسيع النسيج العمراني، من أجل أن يستوعب تطور الكثافة السكانية، المعول عليها في المساهمة في إرساء التنمية، خاصة أن تيسمسيلت تنام على ثروة سياحية هائلة، ومن بين المواقع السياحة الفاتنة والمميزة المتقاطعة مع الصناعات التقليدية والحرف العريقة، نذكر من بين المواقع السياحية الحظيرة الوطنية للمداد، علما أنه يطلق عليها عروس الونشريس، إلى جانب الحظيرة الجهوية عين عنتر، تكسوها ثلوج ساحرة بفصل الشتاء، وثرية بالأشجار على غرار البلوط والأرز والصنوبر والفلين وثروة حيوانية نادرة كالذئب والثعلب وبعض الطيور الجارحة، يضاف إلى كل ذلك منطقة سيدي سليمان ويجد السائح بها معدنية مثيرة.
اجتماع الحكومة اليوم مصيري، كونه جاء ليترجم قرارات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لفك العزلة عن السكان وتحريك الموارد لبعث التنمية، لذا الرهان كبير على إعادة الاعتبار لهذه الولاية، والحكومة في هذا الاجتماع سترفع التحديات وتستجيب لانشغالات المواطنين.