تعرف العديد من ولايات الجزائر اعتداءات على العقارات بعد عمليات الترحيل، وانتشار كبير للبناءات الفوضوية مشوهة الوجه العمراني للمدن الكبرى. هو واقع جعل السلطات العمومية مجبرة على إيجاد حل لهذه الفوضى العمرانية.
شكل موضوع التعمير أحد مخرجات مجلس الوزراء الأخير، إذ أمر الرئيس بمراجعة قانون التعمير مع التشديد على الجانب الردعي، بعد أن أصبح الوضع لا يحتمل في ظل غياب مراقبة ومتابعة، ولأجل ذلك سيتم استحداث شرطة العمران، لتعزيز حماية أراضي الدولة، وتمثيلها في كل أحياء بلديات الوطن .
يحظى قطاع التعمير بأهمية بالغة لدى السلطات العليا للبلاد، وهذا ما يحتم العودة الى القانون، هذا الأخير يحتاج الى مراجعة، وفي هذا الإطار تؤكد المهندسة حسينة حماش الخبيرة في البناء والتعمير لـ«الشعب”، أن ثمة فوضى وغياب تطبيق القانون في مجال التعمير بالفعل، حيث تنجز السكنات الفردية بدون طلب الحصول على رخصة البناء، بالرغم من أنه إجراء قانوني ملزم، كما لا يمكن إصدار تصريح بالبناء إلا في حالة احترام القواعد المعمول بها.
من ضمن القوانين التي ينبغي مراجعتها ـ تقول حماش – قانون البلديات، مع الحرص على إعطاء صلاحية متابعة الاعتداءات التي تطال التعمير، مشددة على ضرورة العودة الى مفهوم وظائف المدينة.
وتبرز الخبيرة حماش في السياق ان الحركة المعمارية والعمرانية المصطلح يشير إلى فكرة أن الإسكان هو قبل كل شيء وظيفة يجب ترشيدها، لا ينبغي اعتباره غاية في حد ذاته، ويجب التخلص من كل ما هو غير مجدي من حيث الوظيفة: الزخرفة، الجدران غير الحاملة.
رئيس البلدية معني بمحاربة فوضى العمران
أبرزت حماش في معرض حديثها أهمية التقسيم إلى مناطق، لتخصص وظائف مختلفة للمدينة، حيث تكون المساكن على جانبها مرتفعة وجماعية ومكتظة بالسكان، ولكنها مرتبة في مساحات خضراء وبعيدة عن بعضها البعض، بالإضافة الى إنجاز المدارس والمباني المخصصة للأنشطة الترفيهية بنفس المساحة، ويمكن الوصول إلى أماكن العمل بسهولة من خلال الطرق المشيدة بانسجام مع السكنات.
بالنسبة لشرطة العمران، أفادت حماش أنها موجودة في القانون، ولا تحتاج سوى تفعيلها وإلى تكوين متواصل لعناصرها، كما ترى من الأهمية بما كان تحيين المعلومات المتعلقة بقوانين التخطيط العمراني وإبراز دور التخطيط المدن من حيث الامتثال للقواعد والإجراءات والمراقبة، وتصف رئيس البلدية بضابط شرطة قضائية، وبالتالي يتعين عليه أن يكون على علم بارتكاب جريمة الاعتداءات في مجال التعمير وإعداد محضرا بالجرائم المتعلقة بالبناء دون إذن مسبق أو عدم الامتثال للترخيص الصادر (تصريح البناء أو التطوير أو الهدم أو الإعلان المسبق).. فكل هذا يشكل انتهاكا لقانون التخطيط العمراني.
وتشير المتحدثة إلى ضرورة استحداث المدن الذكية بإدخال الرقمنة واستعمالها في جميع المجالات، مشددة على الانسجام في وظائف المدن، مع مراعاة خصوصيات كل منها، فمدينة في الهضاب العليا تختلف من حيث الخصوصية عن مدينة أخرى بشرق أو غرب البلاد، هذا الانسجام يساهم في توفير الرفاهية والإطار المعيشي المريح للمواطن