تنشر جريدة “الشعب” بعض المقتطفات والمقاطع المهمة من خطاب الرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، بمناسبة أداء اليمين الدستورية بتاريخ 19 ديسمبر 2019، بقصر الأمم، حيث رسم أهم المحاور وخطّة الطريق لبرنامجه واستراتيجية تنفيذه من أجل بناء جزائر جديدة في إطار مبادئ الفاتح نوفمبر 1954.
في أوّل خطاب للأمة، بعد انتخابه رئيسا للجمهورية، قال السيد عبد المجيد تبون: “يسعدني أن أخاطبكم اليوم بصفتي رئيسا للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية..أخاطبكم أنتم الذين صنعتم التاريخ من جديد، بإقبالكم الملحوظ على صناعة مستقبل الجزائر بقراركم السيد يوم 12 ديسمبر 2019، لقد صنعتم نجاحا باهرا بتلبيتكم نداء الواجب الوطني المقدّس، وأعدتم الجزائر إلى سكّة الشرعية الدستورية والشرعية الشعبية، التي لم يطعن فيها أحد”.
كونـوا سندا لي.. سـاعدوني وشـجّعوني إذا أصبت وقوّموني وصوّبوني إذا جانبت الصواب
وقال الرئيس: “إنّ هذا النّجاح الكبير، هو ثمرة من ثمار الحراك الشّعبي المبارك، الذي بادر به شعبنا الكريم، عندما استشعر بسريرته وضميره أنّه لابد من وثبة وطنية لوقف انهيار الدولة ومؤسساتها.
ولابد لي هنا أن أتقدّم بصفتي رئيسا للجمهورية، بأحرّ التّهاني والشّكر الخالص لكل المواطنات والمواطنين على إسهامهم الفعّال في نجاح المسار الانتخابي الديمقراطي الحر والشفاف، وعلى الثقة التي وضعوها في شخصي،
كما يجدر بي أن أنوّه بالمجهودات الجبّارة التي بذلتها السلطة الوطنية المستقلّة للإنتخابات، على تمكنها في ظرف وجيز للغاية، من كسب الرهان وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة.
تحيّة تقدير للشّعب والجيش
أضاف السيد الرئيس: وبدون أدنى شك، فإنّه يجب أن نرفع التحية والتقدير للجيش الوطني الشعبي الباسل المغوار سليل جيش التحرير الوطني، على الدّور الكبير في حماية السّيادة الوطنية واستقرار البلاد، وأمنها، ووقوفه سدّا منيعا في وجه محاولات التدخل الأجنبي، والمؤامرات التي استهدفت وحدة الشّعب والأمّة والبلاد، ومرافقة الحراك الشّعبي في سبيل تحقيق مطالبه المشروعة، وها هي قد تحقّقت، وما بقي منها فأنا أجدّد التزامي بمد يدي للجميع من أجل إكمال تحقيقها، في إطار التوافق الوطني وقوانين الجمهورية.
والشّكر موصول بلا مواربة، لأسلاك الأمن جميعها، من شرطة ودرك وطني، لكونها العين السّاهرة على أمن الأمّة واستقرارها.
يتعيّن علينا اليوم جميعا، أن نطوي صفحة الخلافات، والتّشتّت والتفرقة، فهي والله من عوامل الهدم والتدمير، وقد أمرنا الله عز وجل بنبذ الخلافات والتنازع حتى لا نفشل وتذهب ريحنا.
إنّنا جميعا جزائريّون، ليس فينا من هو أفضل من الآخر، إلاّ بقدر ما نقدّمه من عمل خالص لجزائرنا العزيزة، كتلك التّضحيات الجليلة والجبّارة المصحوبة بنكران الذات التي قدّمها أجدادنا وآباؤنا في تحرير البلاد من الثورات الشعبية إلى الحركة الوطنية وصولا لثورة نوفمبر المظفّرة.
ملزمون بوضع اليد في اليد
رئيس الجمهورية استطرد: إنّنا اليوم ملزمون جميعا، أينما كنّا وأينما وجدنا، ومهما تباينت مشاربنا الثّقافية والسياسية، ملزمون، ولا خيار لنا، إلاّ أن نضع اليد في اليد، والكتف للكتف، من أجل تحقيق حلم الآباء والأجداد وحلم شبابنا في الحاضر وأجيال الجزائر في المستقبل، من أجل بناء جمهورية جديدة، قويّة مهيبة الجانب، مستقرّة ومزدهرة، مسترشدين ببيان ثورة نوفمبر المجيدة، الذي كلّما انحرفنا عنه، إلاّ وأصابتنا عوامل التفرقة والتشتت والضعف والهوان.
إنّنا اليوم مقبلون على تضحيات جسام، من أجل بناء الجمهورية الجديدة، بناءً على الإلتزامات 54 التي صوّتتم عليها بشفافية وسيادة يوم 12 ديسمبر 2019.
سيتم تطبيقها في إطار الإحترام التام لحقوق الإنسان، في كل المجالات السياسية والثقافية والإقتصادية والإعلامية والإجتماعية.
ويتعيّن عليّ اليوم بصفتي رئيسا للجمهورية أن أذكّركم بأهم تلك الإلتزامات، وعلى رأسها تعديل الدستور الذي هو حجر الأساس لبناء الجمهورية الجديدة.
حيث أجدّد الإلتزام بذلك خلال الأشهر الأولى إن لم أقل الأسابيع الأولى، بما يحقّق مطالب الشعب المعبر عنها في الحراك المبارك.
دستور يجدّد العهدة الرئاسية مرة واحدة فقط. ويقلّص صلاحيات رئيس الجمهورية،
دستور يحصّن الجزائر من السقوط في حكم الفرد، يحقّق الفصل الحقيقي بين السلطات ويخلق التوازن بينها،
دستور يحدّد الحصانة البرلمانية ولا يمنح للبرلماني الفاسد أي حصانة في الملاحقة القضائية،
دستور يحمي الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان، وحرية الإعلام الإعلام والتظاهر.
كما ألتزم بأخلقة الحياة السياسية، وإعادة الإعتبار للمؤسّسات المنتخبة، من خلال قانون الانتخابات الجديد الذي يحدد شروط الترشح للمناصب بوضوح،
تجريم تدخّل المال الفاسد في العمل السياسي
أوضح الرّئيس: وسيتم تجريم تدخل المال الفاسد في العمل السياسي وشراء الأصوات والذمم، حتى يتمكّن الشباب وخاصة الجامعيين من الحصول على فرصة للترشح والفوز، وتكون حملتهم الإنتخابية من تمويل الدولة لحمايتهم من الوقوع فريسة في يد المال الفاسد.
وفي مجال الإقتصاد، سنسعى لبناء اقتصاد وطني قوي، متنوّع، مدر للثروة، مولّد لمناصب الشغل، صانع للرّفاه الإجتماعي، يقوّي أمننا الغذائي ويحصّن الأمة من التبعية القاتلة للخارج وللمحروقات.
الجزائـر عادت إلـى سكّة الشـّرعية الدّسـتورية والشـّعبية التي لم يطعن فيها أحد
وفي هذا الإطار، فإنّني أوجّه دعوة خالصة صادقة، مطمئنة، نابعة من صميم القلب، إلى جميع رجال المال والأعمال الوطنيّين الشّرفاء، والمؤسّسات الإقتصادية الخاصة والعمومية، إلى الاستثمار بقوة في كل القطاعات وفي كل ربوع الوطن، وسوف يجدون من الدولة كل الدعم وكل الإمتيازات الضرورية، وإنّني أضع يدي في يدكم، للإسهام في تحقيق التنمية الوطنية الشاملة، والتوجه نحو استثمار الأسواق الخارجية.
وسوف تنتهج الدولة أسلوب الصرامة في تسيير المال العام، ولن أسمح بالعبث به أبدا.
وتقوم الدولة بإطلاق خطّة عمل للشباب بهدف تمكينه من خلق مؤسّسات اقتصادية ناشئة، ومنحها الإمتيازات اللازمة لتحقيق النجاح.
ونقوم بتثمين الإنتاج الوطني، ولا نستورد إلا ما ينقصنا فعلا بهدف منع هدر العملة الصعبة، وزيادة الإنتاج الوطني.
كذلك، سيتم تعزيز الدور الإقتصادي للجماعات المحلية، وتنويع المجالات الإقتصادية مثل الإقتصاد الجبلي والصحراوي والساحلي.
وسوف نفتح آفاقا واسعة للإقتصاد المنزلي الذي تستفيد منه خاصة المرأة، وإلغاء الضرائب عنه.
ومن المؤكّد أيضا وضع خطّة استعجالية لتحديث الزراعة لضمان الأمن الغذائي في المرحلة الأولى، والوصول إلى التصدير في المرحلة الثانية.
ولا ننسى السياحة كعامل اقتصادي مدر للثروة وموّلد لمناصب الشغل، من خلال عدّة آليات، بدعم مكانة الوكالات السياحية، تصنيف المناطق السياحية في الجزائر، خلق رحلات جوية بأثمان تنافسية، وتخفيف اجراءات الحصول على التأشيرة السياحية.
ثورة اقتصادية وإصلاحات شاملة
الرّئيس تبون شدّد على أنّ الدولة ستسعى جاهدة لتطوير شبكة الدفع الإلكتروني، وتحضير الجزائريين للتخلي عن التعاملات المالية التقليدية تدريجيا.
وستشجّع الدولة كل من يتلقّى راتبا أو علاوات بالعملة الصعبة من الخارج بطرق شريفة، وسيحصل عليها بنفس العملة.
وستقوم الدولة أيضا بإصلاح عميق في نظام الضرائب، ووقف الظلم والتعسف في هذا المجال مع منح تحفيزات ضريبية بهدف تطوير الإنتاج الوطني، خاصة للمؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة.
وسوف تخفّف الدولة الضرائب على كل من مؤسسة تخلق مناصب الشغل، وستوضع آليات واضحة لهذا الغرض.
وفي مجال الطاقة، ستقوم الدولة بتشجيع الطاقات البديلة والمتجددة، والعمل على تصديرها فضلا عن تعزيز تواجدنا الطاقوي في أوروبا وآسيا وغيرها، وسنعيد إحياء المشاريع الكبرى لتصدير الطاقة المتجدّدة.
وفي قطاع الثقافة، ستعمل الدولة على تطوير الصناعة السينمائية، فضلا عن منح امتيازات ضريبية لتطوير الإنتاج الثقافي والسينمائي والفكري، مع الإهتمام بالوضع الإجتماعي للفنان.
كل الدّعم والتّحفيز لوسائل الإعلام
أمّا بالنسبة للإعلام، فإنّني أدعو وسائل الإعلام الوطنية، لأن تكون في مستوى تطلعات الأمة، بالتنوير والتعبئة والمراقبة، بفضل تعزيز الإحترافية والمهنية، البعيدة عن التضليل والدعاية المغرضة، والتشويه والتجريح والقذف في حق أي كان.
وسوف تجد وسائل الإعلام من الدولة كل الدعم والتحفيز، من أجل ممارسة إعلامية في ظل حرية، لا حدود لها، سوى القانون والأخلاق والآداب العامة والتأكد من مصادر المعلومات مصداقا لقوله تعالى: “يا أيّها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”.
وسنعمل بكل جد لحل مشكل الإشهار العمومي بصفة نهائية، وجعله وسيلة لدعم حرية الإعلام والإبداع ودعم الصحف الإكترونية وتشجيع المؤسسات الإعلامية.
عناية لازمة في المجال الاجتماعي
وعن المجال الاجتماعي، أكّد الرئيس، أنّه سيحظى بالعناية اللازمة، بل سيمنح أولوية كبيرة للإرتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن الجزائري،
إنّ الطبقة المتوسطة، وخاصة الطبقة الهشة، ستجد الدولة إلى جانبها، حتى توفّر لها كريم العيش الذي يصون كرامتها، بتنفيذ جميع الإلتزامات التي التزمت بها في برنامجي الإنتخابي، حيث ستعمل الدولة على القضاء النهائي على أزمة السكن، ولن أرض لأي جزائري أن يعيش في كوخ أو بيت قصديري، صيانة لكرامته وكرامة أبنائه.
وستعمل الدولة بكل قوّة على رفع القدرة الشرائية لجميع المواطنين خاصة الطبقة الوسطى والهشة مع إلغاء الضريبة على أصحاب الدخل الضعيف.
وفي المجال الصحي، سيتم وضع خطة متكاملة للوقاية من خلال التشخيص المجاني المبكر للرجال والنساء خاصة بالنسبة للأمراض المرتبطة بالسن، كما يتم التشخيص المجاني المبكر لكل الأمراض عن طريق المدرسة والجامعة ومراكز التكوين، وتشجيع جميع المواطنين على التشخيص لكل الأمراض.
وسوف تضمن الدولة حصول جميع المواطنين على رعاية صحية نوعية بزيادة الحصة المالية لقطاع الصحة، وإنشاء مستشفيات جامعية جديدة، وحل معضلة الإستعجالات الطبية.
كذلك، سيتم تشجيع الإستثمار في إنتاج الأدوية وتطوير الصناعة المحلية للدواء.
وسوف يحظى المنتسبون لقطاع الصحة، بالعناية اللازمة من طرف الدولة، ماديا ومعنويا، بمراجعة نظام الخدمة المدنية، ومنح امتيازات هامة للأطباء في الهضاب والجنوب.
المعلم كاد أن يكون رسولا
وأبرز الرئيس في أول خطاب له، أنّ التعليم الذي أصبح يؤرق العائلة والدولة معا، فإنّنا نعمل بعونه تعالى، على وضع حل نهائي لمشكل ثقل المحفظة، مع مراجعة البرنامج الدراسي وتخفيفه، خاصة في الإبتدائي، حتى يسمح للطفل كي يعيش طفولته.
وسوف تقوم الدولة بتدعيم المطاعم المدرسية في كل جهات الوطن لاسيما النائية والأرياف والصحراء، مع تدعيم النقل المدرسي، فضلا عن الإهتمام المؤكد بالمعلم ماديا واجتماعيا.
فالمعلم كاد أن يكون رسولا..كما قال الشاعر.
أرجـو منكم أن تسـحبوا منـذ هذه اللّحظة لقب الفخامة ليوصـف رئيس الجمهورية بالسيد فقط
وكذلك، الحال في التعليم العالي، الذي نراهن عليه ليلعب دورا رائدا في بناء الجمهوررية الجديدة، فالمشكل في الجامعة ليس كما يطرح حاليا، نظام كلاسيكي أو نظام “أل أم دي”، بل لابد من تطوير البرامج للإرتقاء بمستوى المتخرجين. ولابد من ربط الجامعة بعالم الشغل حتى تكون قاطرة في بناء اقتصادي قوي، سواء في ذلك الإقتصادي التقليدي أو اقتصاد المعرفة.
كذلك ستعمل الدولة على مراجعة المنحة الجامعة، مع تثمين المنحة بالنسبة للعلوم الدقيقة، كما يتعين علينا تثمين مهنة الأستاذ والباحث ماديا واجتماعيا.
وسيتم إشراك الجامعيّين أنفسهم في عملية النهوض بالتعليم العالي من كل الجوانب، بما في ذلك مشكلة توحيد لغة التعليم من الإبتدائي إلى الجامعة.
وسوف تعطى الحرية الكاملة للأسرة الجامعية في استقلالية الجامعات وخلق أقطاب الإمتياز، وتخفيف وطأة البيروقراطية التي تقتل الإبداع والابتكار.
وإنّه من الضروري أن تحظى الرياضة بالإهتمام بداية من المدرسة وصولا إلى رياضة النخبة، وسيتم دعم الفرق المحترفة بقطع أراضي لإنشاء الملاعب،
وستعمل الدولة على تشجيع رياضة النخبة مثل ألعاب القوى، ودعم شبابها ماديا للتحضير الجيد.
عمل جاد على حلّ جميع النّزاعات العالقة
ولابد لي أيضا، أن أجدّد التزامي مرة أخرى، بالعمل الجاد على حلّ جميع النزاعات العالقة، أتمنى أن يكون ذلك في ظرف وجيز جدا، لمختلف فئات المجتمع، مثل المعطوبين والمشطوبين والذين أعيد تجنيدهم ومتقاعدي الجيش، وشبكات الإدماج والمتعاقدين وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم..لابد أن يشعر الجزائري بجزائريته وكرامته.
وفي مجال الدفاع والأمن، ستواصل الدولة تعزيز المهنية والإحترافية والجاهزية القتالية، وستعمل على رفع معنويات أفراد الجيش المرابطين على الحدود وفي الهضاب والجبال من أجل استقرار الجزائر، بتحفيزات مادية واجتماعية، وكذلك أسلاك الأمن والدرك باعتبارهما العين الساهرة على أمن الأفراد والممتلكات والمجتمع.
مصلحة الجزائر أوّلا
وعن الدّبلوماسية الجزائرية، في الجمهورية الجديدة، التزم الرئيس أنّها ستضع نصب أعينها، مصلحة الجزائر أولا، ومصلحة جاليتنا حيثما كانت وأينما وجدت. وأن أعضاء السلك الدبلوماسي سيتم تقييمهم بشكل دوري، بناء على النتائج التي تحققت في هذا المجال.
وستنشئ الدولة هيئات قانونية على مستوى السفارات والقنصليات للدفاع الفوري عن كل جزائري يهان في الخارج، شريطة التزام أفراد الجالية بقوانين الدولة المضيفة.
وأكرّر التزامي، بأن تأخذ الدولة على عاتقها بآليات تسريع نقل جثامين الجزائريين المتوفين بالخارج، مواساة لأبنائنا في المهجر وتخفيفا لأحزانهم.
وسوف تحرص الجزائر، على بناء علاقات صداقة وتعاون مع كل دول العالم، باستثناء تلك التي لا تربطنا بها علاقات دبلوماسية، لأسباب موضوعية.
وستظل الجزائر، تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما ترفض بقوة محاولات التدخل في شؤونها الداخلية، مهما كانت تلك المحاولات.
وتمد الجزائر يدها لجميع الدول للإسهام في محاربة الإرهاب العالمي، والجريمة المنظمة والعابرة للحدود والمخدارت وكل الآفات الإجتماعية العالمية،، بهدف الإسهام بفعالية في تحقيق السلم والأمن العالميين.
الحفاظ على حسن الجوار وتعزيز علاقات الأخوّة
إنّ بناء صرح المغرب العربي الذي حلم به آباؤنا وأجدادنا سيظل في قائمة اهتمامات الدولة الجزائرية، وتسعى الدولة الجزائرية جاهدة، للحفاظ على حسن الجوار وتعزيز علاقات الأخوّة، والتعاون مع كل دول المغرب العربي، ولا يلقى منّا أشقائنا أبدا ما يسوؤهم أو يعكّر صفوهم.
ولابد لي هنا أن أعلن بوضوح، أن مسألة الصحراء الغربية، هي مسألة تصفية استعمار، وهي قضية بيد الأمم المتحدة، والإتحاد الإفريقي، وينبغي أن تظل بعيدة عن تعكير العلاقات الأخوية مع الأشقاء.
وسوف تبذل الجزائر مزيدا من الجهد، في سبيل تحقيق استقرار ليبيا الشقيقة والحفاظ على وحدتها الشعبية والترابية، وهذا من واجباتنا وأولوياتنا،
وبهذه المناسبة فإنّ الجزائر تدعو جميع الإخوة الليبيين إلى لمّ صفوفهم وتجاوز خلافاتهم، ونبذ التدخلات الخارجية التي تباعد بينهم وتحول دون تحقيق غايتهم في بناء ليبيا الموحّدة المستقرّة المزدهرة.
وها هي الجزائر تفتح أبوابها واسعة لاستقبال الأشقاء الليبيين للتحاور متى شاؤوا، ولن تقصّر الجزائر أبدا في توفير كل الوسائل والإمكانيات في سبيل تحقيق هذا الهدف.
فالجزائر أولى وأكبر المعنيين باستقرار ليبيا، أحب من أحب وكره من كره، ولن تقبل أبدا بإبعادها عن الحلول المقترحة للملف الليبي.
وتبقى الجزائر تمدّ يدها لجميع الدول العربية بدون استثناء، لتعزيز علاقات الأخوة والتعاون ورصّ الصف، ونبذ الفرقة والخلافات، وتجاوز المحن والمصائب التي تشهدها في الآونة الأخيرة تحت مسميات مختلفة.
إنّنا نتطلّع بشوق لنرى أشقائنا في سوريا والعراق واليمن قد تجاوزوا محنتهم، وإنّنا على استعداد للإسهام في سبيل تيسير سبل تحقيق ذلك بصدق وإخلاص وحسن نية.
كذلك لن تدّخر الجزائر أي جهد في سبيل إصلاح الجامعة العربية، بوصفها المظلة الجامعة لكل العرب، والمعبّرة عن وحدتهم، ووحدة مصيرهم.
فلسطين من ثوابت السّياسة الخارجية
أكّد الرّئيس، أنّه لا تكتمل هذه الكلمة التي أوجّهها لكم اليوم، إلا بالوقوف عند القضية الفلسطينية، لنعلن أنها من ثوابت السياسة الخارجية للدولة الجزائرية، سوف نظل مثلما كنّا، منذ الأزل، سندا لإخواننا الفلسطينيين، لن نتأخّر في الإستجابة لندائهم، ولن نكون أبدا اليد التي تغدر بهم، وسوف نقف إلى جانب نضالهم حتى تحقيق حقهم المشروع في بناء الدولة الفلسطينية المستقلة عاصمتها القدس الشريف، وتحقيق حق العودة.
وأغتنم هذه السانحة لأدعو المجتمع الدولي، إلى تحمّل مسؤولياته التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني الذي يواجه قوة استعمارية غاشمة، وذلك بتطبيق كل القرارات الأمم المتحدة ذات الصلة في إطار الشرعية الدولية.
الإسهام في استقرار منطقة السّاحل
لا ينبغي لنا ونحن نقف بشموخ على طريق تأسيس الجمهورية الجديدة، أن ننسى إخواننا في دول الساحل الإفريقي، فهم إخوة لنا في الدين، وإنما المؤمنون أخوة، وهم لنا جيران، والإسلام يوصي بحسن الجوار.
سوف تبذل الجزائر مزيدا من الجهد في الإسهام في استقرار منطقة الساحل وتعزيز التنمية فيها، وتفعيل علاقات التعاون أكثر وأكثر.
وسوف تبذل الدبلوماسية الجزائرية، مزيدا من الجهد، من أجل تطبيق ميثاق السلم والمصالحة في جمهورية مالي الشقيقة، الذي تمّ التوقيع عليه في الجزائر العاصمة. وسوف تظل الجزائر بابا مفتوحا ويدا ممدوة لهم، لمساعدتهم على تجاوز خلافاتهم.
لقد تحمّلت مسؤولية كبرى، من أجل أن نعمل معا على تحقيق حلم بناء الجمهورية الجديدة، في إطار بيان ثورة نوفمبر المجيدة الخالدة،
وإنّني أدعوكم جميعا لكي تكونوا سندا لي، ساعدوني وشجّعوني إذا أصبت، وقوّموني وصوّبوني إذا جانبت الصّواب.
كونوا الجدار المنيع الذي يقوّيني ويحميني، لكي نكون جميعا مفخرة لجزائرنا العزيزة الغالية،
جزائر القانون والعدل والأخلاق، جزائر كما قلت وكرّرت، لا يظلم فيها أحد.
تحيا الجزائر..المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.