حقّق قطاع السّكن نجاحا غير مسبوق في تدارك المشاريع المتأخّرة في عدد من الولايات، خاصة صيغة “عدل”، وذلك منذ انتخاب الرئيس تبون رئيسا للجمهورية، أسفر عن إسكان نصف مليون شخص في أكبر عملية توزيع منذ الاستقلال.
شهد قطاع السكن فترة ركود بسبب جائحة كورونا وما خلّفته من آثار اقتصادية على جميع القطاعات، حيث استطاع أن يخرج إلى برّ الأمان بفضل حكامة التسيير، وبعد استقرار الوضع الصحي دعا رئيس الجمهورية إلى بعث المشاريع في عدد من الولايات، تكلّل بأكبر عملية توزيع عبر 53 ولاية.
وضعت وزارة السكن والعمران والمدينة رزنامة برنامج لتوزيع السكنات، وكان شعارها أن تكون سنة 2022 سنة التمليك والانطلاق في تجسيد المشاريع المتوقفة، حيث أسدى تعليمات صارمة لإطارات القطاع بضرورة النزول إلى الميدان والوقوف عند المشاريع المتوققة، مع تسجيل العراقيل التي أخّرت سير الأشغال.
إسكـان نصـف مليـون مواطـن..سابقـة في تاريـخ الجزائــر
عرف قطاع السكن منذ بداية السنة في الثلاثي الأول والثاني توزيع 70 ألف وحدة سكنية، كما تم توزيع 160 ألف في 5 جويلية، وفي 20 أوت تم توزيع 30 ألف وحدة سكنية، وفي 1 نوفمبر وزعت 120 ألف وحدة، وكان الرهان توزيع 380 ألف وحدة سكنية قبل نهاية السنة.
سرعة قصوى لعجلة الإسكان
أجمع المختصّون أنّ عجلة الإسكان تحركت في الثلاثي الثاني، إذ تم توزيع 45 ألف وحدة سكنية، كانت بدايتها في 19 مارس، هذه المحطة التاريخية شهدت توزيع 32 ألف وحدة سكنية تليها عمليات توزيع أخرى استطاعت أن تعيد بصيص الأمل للمواطن، الذي استحسن التحرك الذي يشهده مجال السكن في الجزائر.
وحرص القطاع على جعل محطات تاريخية هامة تشهد توزيع عدد هائل من السكنات، خاصة وأن الدولة منحت القطاع خلال سنة 2022 برنامجا إجماليا بأزيد من 71 مليار دج لإنجاز 60 ألف وحدة سكنية بمختلف الصيغ، 10 آلاف وحدة سكنية بصيغة العمومي الإيجاري، 10 آلاف وحدة سكنية بصيغة البيع بالإيجار و40 ألف إعانة مخصصة للبناء الريفي و164 تجهيز عمومي.
وبالرغم من تداعيات كورونا على القطاع، إلا أن سنتي 2020 و2021 شهدتا توزيع 391 ألف وحدة سكنية كانت قيد الإنجاز، و520 ألف وحدة سكنية جاهزة تمّ توزيعها لتختتم سنة 2021 بتوزيع 320 ألف.
واستطاع القطاع أن يحقّق إنجازا عظيما في أكبر عملية توزيع في الذكرى 60 للاستقلال، حيث رفع مديرو السكن التحدي، وجندت كل الإمكانيات لكسب الرهان، وتم توزيع 100 ألف وحدة سكنية شملت مختلف الصيغ، وزعت بين ولاية وهران التي استقرت حصتها في حدود 28 ألف وحدة سكنية، أما العاصمة 18 ألف سكن وسطيف 6700 وحدة، وفي أحياء عبارة عن تجمعات سكنية تتوفر على جميع متطلبات الحياة.
السّكن الاجتماعي..حصّة الأسد
شهد عيد الثورة المصادف لأول نوفمبر من سنة 2022 عملية توزيع 120 ألف وحدة سكنية من مختلف الصيغ على المستوى الوطني، منها 68 ألف وحدة سكنية في الاجتماعي، 29700 وحدة سكنية بصيغة البيع بالإيجار، 3700 وحدة سكنية من الترقوي المدعم و1750 وحدة من الترقوي العمومي، بالإضافة إلى11 ألف إعانة بناء ريفي، وكذا 4200 تجزئة اجتماعية.
هذه الحصص تمّ التحضير لها على قدم وساق لأجل تسليمها في آجالها، خاصة السكنات الاجتماعية، وهذا تطبيقا لأوامر الرئيس تبون، هذا بالإضافة إلى توزيع 29 ألف وحدة سكنية و37 ألف شهادة تخصيص على المستوى الوطني، والتي كانت بمثابة التحدي.
سرعة في الإنجاز والتّحكّم
حرصت الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره، وبتوجيهات من الوزير على تحقيق السرعة في الانجاز والتحكم في الآجال دون إهمال الجودة والنوعية، حيث عكفت منذ سنة 2020 إلى يومنا هذا على توزيع 260 ألف وحدة سكنية، فسميت سنة 2020 سنة انطلاق مشاريع التوطين، أما 2021 فسميت سنة التوزيع، في حين سنة 2022 سنة تمليك السكنات.
وحرصت الوزارة في عمليات إنجاز المشاريع على استعمال مواد البناء الجزائرية، وهذا تشجيعا للإنتاج الوطني، كما عملت على التنسيق مع مختلف الفاعلين أو المتداخلين في الميدان من أجل إنجاح سير الأشغال لضمان عمليات توزيع السكنات في آجالها.
إستراتيجية فعّالة لحلّ الأزمة
في هذا الصدد، قال رئيس الاتحاد العام للمقاولين الجزائريين لقرب عبد القادر في تصريح لـ “الشعب”، إنّ الدولة تولي أهمية كبيرة لقطاع السكن، حيث خصصت له برامج كبيرة وهذا رغم فتح المجال أمام الاستثمار الخاص في قطاع السكن من خلال الترقية العقارية الخاصة، إلا أنها لم تتخل عن دورها في الإعانة الاجتماعية لمساعدة الطبقات الهشة والمحرومة لاقتناء سكن، وخاصة المادة 63 من الدستور الجزائري لسنة 2020، التي تنص على تمكين المواطنين من الحصول على السكن، ما يكرس انخراط الدولة في إنجاز السكن العمومي الإيجاري، الذي يحظى بدعم الدولة والمخصص لهاته الفئة ذات الدخل المتوسط.
وأضاف المتحدّث “هي إستراتيجية فعالة في إيجاد حلول لأزمة السكن من خلال زيادة العرض في سوق السكن بالإعلان عن برامج كبيرة”، حيث اعتمدت الدولة مخططا خماسيا 2020-2024 وكانطلاقة لهذا البرنامج مثلا أي منذ بداية 2020 إلى 30 سبتمبر 2021 تم الانطلاق في إنجاز 181287 وحدة سكنية بمختلف الصيغ، وبما أنه توجد برامج انجاز فتقابلها استفادت مختلفة.
سياسة رشيدة..
وأكّد الخبير في البناء والتعمير، أن الجزائر شهدت في الآونة الأخيرة توزيع أكبر حصة للسكنات منذ الاستقلال بجميع الصيغ وفي كل مناطق الوطن، وهنا تتّضح السياسة الرشيدة للدولة في منح جميع المناطق برامج السكن، حيث قدر العدد الإجمالي للسكنات الموزعة سنة 2020 بـ 201508 ألف وحدة سكنية على المواطنين، موزعة كالآتي 67119 إعانات للبناء الذاتي للسكن الريفي والبناء الذاتي في التجزئات العمومية”، 3053 الترقوي العمومي، 69928 البيع بالإيجار 13461 الترقوي المدعم، 47950 العمومي الإيجاري.
وإضافة لكل هذه البرامج التي أنجزت، تمّ إضافة برنامج آخر للتوزيع، وهذا بمناسبة الذكرى 60 لاسترجاع السيادة الوطنية في 05 جويلية، تمثل في توزيع 161606 ألف وحدة سكنية، في مقدمتها 77323 وحدة بصيغة العمومي الإيجاري تليها صيغة البيع بالإيجار”عدل” بـ 37699 وحدة “ثم صيغة السكن الترقوي المدعم “6294 وحدة”، وتليها صيغة الترقوي العمومي “2595 وحدة”، بالإضافة إلى 18374 إعانة للسكن الريفي و19321 إعانة في صيغة التجزئات العمومية.
برنامج طموح..
قال المتحدث “الدولة تبذل مجهودات كبيرة من أجل بناء المرافق العمومية، وكلمحة بسيطة لسنة 2020، لقد تمّ إنجاز مرافق عمومية متمثّلة في 585 هيكل مدرسي، 1170 هياكل للدعم المدرسي، 34800 مقعد بيداغوجي، 15414 سرير إيواء، 480 سكنات خاصة بالتعليم العالي، 40 هياكل مختلفة، ولم تتوقف الجهود عند هذا الحد، بل ساهمت في التكفل بأشغال الطرقات والشبكات المختلفة للبرامج المنتهية مع التكفل بالمرافق العمومية خاصة على مستوى الأحياء السكنية الجديدة المدمجة، وما يتعلق بالتربية والتعليم والصحة الجوارية والأمن وتكملة انجاز المدن الجديدة (سيدي عبد الله وبوينان وبوغزول ومنيعة وعلي منجلي وذراع الريش وعين النحاس والمدينة الجديدة حاسي مسعود)، وهذا بالرغم من الوضع الصحي الذي كانت تمر به البلاد.
وفي سياق الإنجازات دائما، صرح المتحدث أن الدولة أعلنت عن برنامج طموح، قوامه مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ، منه 60 بالمئة مخصص للسكن الريفي، حرصا على ضمان الحق في السكن وتحقيق التوازن بين مختلف مناطق الوطن، ومن أجل تعزيز الدولة في مجال السياسة الاجتماعية، وهذا ما لوحظ في مشروع قانون المالية لسنة 2023، والذي اعتبر حسب الخبراء والمحللون، أنه تضمن أكبر ميزانية في تاريخ الجزائر، حيث سجل فيه برنامج إجمالي قوامه 225 ألف وحدة سكنية بمختلف الصيغ.
ويضم البرنامج – حسبه – 15 ألف وحدة سكنية بصيغة البيع بالإيجار “عدل” و30 ألف وحدة سكنية بصيغة الترقوي المدعم و20 ألف وحدة بصيغة العمومي الإيجاري و60 ألف إعانة مالية لبناء حصص اجتماعية بالهضاب العليا والجنوب و100 ألف إعانة مالية للسكن الريفي.
بنك السّكن.. تجسيد البرامج في آجالها
ينتظر أن يساهم بنك السكن المؤسّس حديثا، في إعطاء ديناميكية ودفعة قوية تسمح بتجسيد مختلف البرامج السكنية في آجالها المحددة، تماشيا مع متطلبات المرحلة القادمة التي يطمح فيه قطاع السكن بإنجاز 225 آلف وحدة سكنية، وهذا بفضل توفّر الجهود والمرافقة الدائمة.
وأضاف المتحدث، أنّ بلادنا تعرّضت على غرار بلدان العالم إلى أزمة صحية حادة متمثلة في جائحة كورونا، التي أدّت إلى توقف كل النشاطات وفي جميع المستويات، وبالرغم من هذه الظروف الصعبة أعلن الرئيس على برامج مهمة تتعلق بمشاريع في قطاعي التربية والصحة، أهمها مشروع متخصص في أمراض السرطان بولاية الجلفة، وأعلن عن مشاريع مناطق الظل في عز الأزمة، وهي المناطق التي تعاني نقصا في التنمية في مختلف مناطق البلاد.
ودائما في سياق الإنجازات، أشار لغرب أن إستراتيجية الدولة تسير في الاتجاه الصحيح، وذلك بحرصه على رقمنة القطاعات الحساسة والإستراتيجية، على غرار قطاع السكن الذي شهد تطورا ملحوظا في هذا المجال، حيث عينت الوزارة في هذا الصدد لجنة خاصة لمتابعة عملية رقمنة القطاع، علما أن القطاع يملك 82 مؤسسة وشركة.
وتتمثل مهام اللجنة الإستراتيجية، في المتابعة للحصول على معطيات حقيقية تسمح بإعداد تقارير دقيقة حول جميع نشاطات القطاع، وهذا لأجل تزويد قطاع السكن بقاعدة بيانات رقمية تقدّم الخدمات لجميع لأطراف الفاعلة في القطاع.
وأكّد المختص في مجال البناء والتعمير لغرب عبد القادر، أنّ الجزائر سعت من خلال البرامج التي أعلنت عنها، وستعلن في المستقبل القريب، إلى إعطاء دفعة واستمرارية نظرا للمجهودات المبذولة في مختلف المجالات، لاسيما قطاع السكن، الذي تعوّل عليه الدولة لإيجاد حل للأزمة، وهذا من خلال إشراك الخواص ودفع عجلة الاستثمار في المجال.