أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن تركيزه منصبّ على استكمال تنفيذ التزاماته الـ 54 خلال السنتين المتبقيتين من عمر عهدته الرئاسية، معتبرا الحديث عن ترشحه للانتخابات المقبلة “سابق لأوانه”، وأوضح في المقابل، أن تقييمه لأداء الطاقم الحكومي يخضع حصرا للنتائج المحققة وليس الانتقادات.
لا يريد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، برأي مراقبين، أن يظل الزخم السياسي والاقتصادي والدبلوماسي الحاصل في الفترة المنقضية من عهدته، نصف خطوة نحو التغيير الشامل، بل يحرص على التنفيذ الكامل لجميع الالتزامات حتى تتحول أخلقة الحياة العامة إلى ممارسة يومية وعقيدة للإدارة العمومية، وأن تصبح الجزائر ضمن الدول الأسرع نموا في العالم من خلال التوظيف الأمثل لأدوات التنمية.
ولفت الرئيس تبون، أنه ماض في تجسيد التزاماته بالتغيير الشامل على جميع المستويات، ولا مجال لأية خطوة نحو الوراء.
وجاء ذلك في معرض إجابته على سؤال حول ما أثارته تقارير إعلامية، بشأن ترشحه المحتمل للانتخابات الرئاسية المقبلة، واعتبر أن الأهم بالنسبة له، “أن هناك سنتين متبقيتين من عهدتي من أجل استكمال الالتزامات التي جئت بها، والشعب هو من يحكم”.
وصادف 19 ديسمبر الماضي الذكرى الثالثة، لأداء الرئيس تبون، اليمين الدستورية، عقب انتخابه في الاستحقاقات الرئاسية لـ 12 ديسمبر 2019، ليباشر تنفيذ برنامجه الرئاسي بدءا بتغيير عميق للدستور وقانون الانتخابات، ثم جملة من الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد والمالية.
وقال الرئيس تبون: “ليس لدي إجابة (حول السؤال)، ولا أفكر فيها (عهدة ثانية) من الأساس”، وتابع: “الحديث عن الأمر، أكثر من مبكر، بل سابق لأوانه، نحن اجتزنا بأشهر قليلة منتصف العهدة الحالية، وكل شيء يأتي في وقته”.
وكان الرئيس تبون، واضحا جدا في حواره مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، حينما أكد أنه ليس في “حالة رضا تام” على ما تحقق لحد الآن، خاصة وانه “كان بإمكانه إنجاز الأفضل”.
وواجه تنفيذ برنامج الرئيس تبون، حسب متابعين، ظروفا قاهرة، على غرار تفشي جائحة كورونا، وانهيار أسعار الاقتصاد والجمود الاقتصادي العالمي، ومع ذلك صنفت الجزائر في ركب البلدان التي أحسنت مقاومة هذه الصدمات وخرجت منها بأفضل حال، بل وتقوم بهجوم معاكس من خلال إطلاق استثمارات هيكلة ضخمة وفتح المجال أمام الاستثمار الأجنبي.
وفي السياق، أكد الرئيس أنه سيمضى قدما في تفكيك ما تبقى من منابع مقاومة التغيير على جميع المستويات، مشيرا إلى أن تقييمه لأداء الفريق الحكومي متفاوت بين قطاع وآخر، مقارنة بالسرعة التي ينتهجها في تنفيذ خارطة الطريق التي انتخب من أجلها.
حديث الرئيس تبون عن أداء الحكومة، يحيل إلى أن ممارسته لصلاحياته في التغييرات الجزئية وحتى التعديلات الكبرى على الجهاز التنفيذي، يجب أن تفهم على أنها مبينة على خلاصات النتائج المحققة.
وسبق للرئيس، وأن طلب السنة الماضية إعداد تقرير مفصل على مستوى ديوان رئاسة الجمهورية، لتحديد مدى تنفيذ القرارات المتخذة على مستوى اجتماعات مجلس الوزراء منذ أول اجتماع دوري أو استثنائي.
وينتهج الرئيس تبون آلية الآجال الزمنية الدقيقة لتنفيذ كل قرار، وأي إخلال بذلك يدخل في خانة التأخر، وأوضح بشأن ذلك بأنه من “الضروري أن نسير بسرعة، فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك”.
ولفت إلى أهمية القطيعة مع ثقافة “النصف خطوة” لأن بلوغ “إجراءات ضرورية لتغيير الأوضاع إلى منتصف الطريق وتتوقف، فقد يضيع كل شيء ونظل في موقف ضعف دائما”.
ولم يخف الرئيس وجود تفاوت بين القطاعات الوزارية في مواكبة وإتقان الأسلوب المنتهج لتنفيذ الفعل العمومي “هناك استيعاب للفكرة (أسلوب العمل) من طرف بعض القطاعات، وكل الطاقم ملتزم .. ولكن التفاوت مرده النقص في التجربة أو ربما لأني أسير بسرعة أكثر من اللازم وهذا طبعي”.
استرجاع الأموال المنهوبة
مع صدور جل الأحكام القضائية النهائية، بعد الاستفادة من مبدإ التقاضي على درجتين، تحركت آلة استعادة الأموال المنهوبة بوتيرة جد متسارعة.
وتتجه الجزائر، نحو تقديم تجربة فريدة في استرداد عائدات الفساد السياسي والمالي داخل وخارج الوطن، بالنظر للنتائج المحققة في ظرف وجيز.
وبالرغم من التعقيدات الكبيرة للعملية وتشعب المسارات التي أخذتها تلك الأموال، في شكل عقارات منقولة وغير منقولة، ومشاريع مكتملة وغير مكتملة وأرصدة بنكية وعقارات داخل الوطن وخارجه، إلا أن الرئيس تبون أكد مواصلة العمل لإعادة آخر دينار للخزينة العمومية، مهما كلف الأمر.
وحسب الرئيس تبون، فبعد استعادة الممتلكات الظاهرة والمعروفة بنسبة 100 بالمائة داخل الوطن، يجري التعامل مع الأساليب الخفية، والمتمثلة في المخابئ السرية لهذه الأموال “نقدا”، أو مبيضة في شكل ممتلكات مثل السيارات.
ويفهم من كلام رئيس الجمهورية، وفق ملاحظين، أن جميع الحيل المتبعة تم اكتشافها، بل “هناك طريقة لوضع اليد على كل هذه المخابئ السرية” في الآبار الجافة والأقبية. ولعل النقطة الأهم من تصريحات الرئيس تبون حول هذا الملف، استعداد الدول الأوروبية للتعاون وحتى المشاركة في التحريات مع الطرف الجزائري لتحديد مكان الأموال المهربة الى الخارج خلال 12 سنة مضت على شكل دفعات.
وفي وقت اشتكت دول من تماطل وخذلان الدول الأوروبية في مسار استعداد الأموال، تلقت الجزائر رجع صدى ايجابيا، بشأن كافة الإنابات القضائية، فقد عبرت العواصم الأوروبية عن استعدادها لإعادة الممتلكات والأرصدة المعروفة الظاهرة الى الخزينة الجزائرية، وأكثر من ذلك المشاركة في التحرير لتحديد أماكن الأموال المخبأة في أرصدة مجهولة.
ولاشك أن تعاون الشركاء مع الجزائر، يعود بالأساس الى الثقل الدبلوماسي الجزائري، والقوة التفاوضية، خاصة وأنها دائما ما توصف بالشريك الموثوق.
ومن المتوقع أن ترتفع قيمة الأموال، المسترجعة بشكل مضطرد خلال الأشهر القليلة المقبلة، بالنظر للتقدم المحرز في الملف.