شهدت مناطق مختلفة من العالم هذا الأسبوع عواصف ثلجية نادرة، مرفقة برياح قوية، إضافة إلى تساقطات مطرية غير مسبوقة، امتدت من الحدود الكندية في شمال الولايات المتحدة إلى الحدود المكسيكية جنوبا، وصولا إلى النمسا، بريطانيا، واليابان، وسُجلت خسائر بشرية ومادية كبيرة، في وقت تؤكد فيه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تعزيز التأهب لمواجهة الكوارث الطبيعية في عام 2023.
اجتاحت عاصفة ثلجية، أكثر من 3200 كيلومتر من تكساس في الولايات المتحدة إلى كيبيك في كندا، مع انخفاض شديد في درجة الحرارة، وصل إلى 48 دون الصفر في بعض المناطق، ما نتج عنه انقطاع للتيار الكهربائي عن مئات الآلاف من المنازل والشركات، توقيف حركة المركبات في بعض المناطق، بعد الحوادث المميتة التي شهدتها عديد الطرقات، جراء تراكم الثلوج وانعدام الرؤية، فيما ألغيت آلاف الرحلات الجوية، الداخلية والدولية بالولايات المتحدة، في فترة تعرف إقبالا كبيرا للمسافرين تزامنا مع حلول ليلة عيد الميلاد.
وخلفت هذه العاصفة الشتوية التي وصفتها وكالات الأرصاد الجوية الأمريكية بـ”التاريخية”، 57 قتيلا – حسب آخر حصيلة – بعدد من الولايات، حيث عثر على بعض الضحايا في مركباتهم، وآخرين في الشوارع وسط الثلوج التي تجاوز ارتفاعها ثلاثة أمتار.
من جهتها، أعلنت كندا أن الظروف المناخية الصعبة، التي رافقتها أمطار جليدية وتساقط كثيف للثلوج ورياح قوية، دفعت لإغلاق المدارس وانقطاع الكهرباء عن المنازل وإلغاء العديد من الرحلات الجوية بسبب العاصفة الشتوية القوية، كما أنها طالبت المواطنين بالبقاء في منازلهم قبل أن تسوء الأحوال الجوية بشكل أكبر.
ولفتت الأرصاد الجوية الكندية إلى أنها “تتوقع في كل موسم شتاء عواصف قوية لكن هذه العاصفة تبدو أشد من سابقاتها”.
ولم تسلم اليابان من تبعات هذه العاصفة الثلجية، التي تسببت في تعطل خدمات القطارات والطائرات وتقطع السبل بمئات المركبات على الطرق السريعة ناهيك عن تأخير خدمات التوصيل، فيما تعرضت بعض أجزاء المناطق الوسطى والغربية لاضطراب في حركة المرور، وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل.
وكانت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية، قد حذرت في بيان لها، من أن العواصف الثلجية والأمواج العالية في شمال البلاد وعلى طول ساحل بحر اليابان قد تتسبب في تساقط ثلوج يصل سمكها إلى 80 سم.
وسجلت اليابان الاثنين، 17 قتيلا وإصابة 90 آخرين، جراء العاصفة.
ومست العواصف الثلجية أيضا كلا من اسكتلندا وأجزاء من بريطانيا، حيث أصدرت وكالة البيئة البريطانية 42 تحذيرا من حدوث فيضانات في مختلف مناطق انجلترا جراء التساقط الكثيف للثلوج، كما انخفضت درجات الحرارة لتصل إلى 17.3 درجة تحت الصفر وهي أدنى درجة حرارة تسجل في بريطانيا منذ 11 فبراير 2021.
وعلى خلفية هذه العواصف، حدث انهيار جليدي بالنمسا، الأحد الماضي، في منطقة “ليخ زورز” للتزلج بمنطقة فورارلبرغ الواقعة على ارتفاع نحو2700 متر فوق مستوى سطح البحر، طمر على إثره عشرة من ممارسي الرياضات الشتوية، ليتم العثور في وقت لاحق على ثمانية منهم، فيما لا يزال البحث مستمرا عن الاثنين الآخرين.
دعوة لمواجهة الكوارث الطبيعية في عام 2023
وفي ظل التأثيرات الكارثية للتغيرات المناخية، دعت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى التأهب لمواجهة الكوارث الطبيعية في عام 2023.
وفي هذا الإطار، أكدت المنظمة، أن الإنذارات المبكرة وزيادة الاستثمار في نظام المراقبة العالمي الأساسي وبناء القدرة على الصمود في وجه الطقس المتطرف والمناخ ستكون من بين أولوياتها العام المقبل، وأنها ستروج لطريقة جديدة لرصد بالوعات ومصادر ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، باستخدام المراقبة الأرضية للغلاف الجوي العالمي والنمذجة الساتلية والاستيعاب لإتاحة فهم أفضل لسلوك الغازات الدفيئة الرئيسية في الغلاف الجوي الحقيقي.
واعتبرت المنظمة الأممية، أن غازات الاحتباس الحراري هي مجرد أحد مؤشرات المناخ الآن عند مستويات قياسية ملحوظة، مشيرة إلى أن مستوى سطح البحر ومحتوى حرارة المحيطات وتحمضها سجلت ارتفاعات قياسية ملحوظة مع تضاعف معدل ارتفاع مستوى سطح البحر منذ 1993، بنحو 10 ملم منذ يناير 2020 إلى مستوى قياسي جديد هذا العام.
وأشارت إلى أن الذوبان القياسي للجبال الجليدية في أوروبا ألحق خسائر فادحة في الأنهار الجليدية في جبال الألب الأوروبية، في 2022.
وكشف تقرير للمنظمة أن الظواهر المناخية والجوية المتطرفة في سنة 2022 تؤكد الحاجة إلى مزيد من العمل لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز التكيف مع تغير المناخ من خلال الوصول الشامل إلى الإنذارات المبكرة.
ولفتت إلى تأثير الكوارث المرتبطة بالطقس والمياه والمناخ – بما في ذلك الفيضانات الشديدة والحرارة والجفاف – على ملايين الأشخاص وكلفت مليارات الدولارات هذا العام، مع تصاعد المؤشرات والتأثيرات الناجمة عن تغير المناخ بفعل الإنسان.